قبل أسبوعين، أخذ اسم “زيكا” ينتشر بسرعة كبيرة، فيما حذرت منظمة الصحة العالمية من أنه قد يتحول إلى “مرض متفش” ودعت إلى عقد اجتماع طارئ بشأنه في الأول من فبراير المقبل.
واسم “زيكا” يعود إلى غابة كثيفة الأشجار على بعد نحو 25 كيلومترا من العاصمة الأوغندية كمبالا، وهي الموطن الأصلي للفيروس الذي ينقله البعوض، والذي اكتشف لأول مرة عام 1947.
في تلك الغابة، حيث يسود الهدوء التام والصمت المطبق تقريبا لا يسمع إلا أصوات الحشرات والطيور والقردة.
أما الناس الذين يعيشون قرب غابة زيكا، ممن سمعوا عن الفيروس، يشعرون بالقلق، في حين أن كثيرين منهم ما زالوا لم يسمعوا به، بحسب ما ذكر حارس الغابة، موكيسا، الذي يعمل فيها منذ 7 سنوات.
قبل أيام لم تكن الغابة الاستوائية معروفة إلا لقلة قليلة من الناس، خصوصا أولئك المعنيين بمراقبة الطيور والعلماء
ووفقا لموكيسا، فإنه يتم تنظيم رحلات طلابية، من أنحاء مختلفة من العالم، كل أسبوع للغابة، وذلك لمراقبة الطيور وأنواع الأشجار الكثيرة في الغابة، وبحسب دفتر الزوار، فإن من بين من زاروها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر.
بالنسبة إلى الفيروس، فإن معظم الحالات المحلية كانت متوسطة، ونجم عنها حكة وحمى وفي بعض الحالات احمرار العينين.
ولم تلفت هذه الأعراض اهتماما يذكر إلا مع تفشي المرض في جزيرة ياب في مايكرونيزيا عام 2007.
والعام الماضي، بدأ الفيروس ينتشر في البرازيل، التي شهدت تفشيا كبيرا ارتبط بالولادات المترافقة بعيوب وتشوهات خلقية مثل الأيدي القصيرة عند حديثي الولادة، وهو مرض عضال، وفي بعض الأحيان قد يؤدي لحالة مرضية قاتلة هي “صغر حجم الرأس”.
وأكدت وزارة الصحة الأوغندية أنه لا علم لديها عن حالات إصابة بالفيروس، وأن التفشي للفيروس في الأميركيتين لا علاقة له بشرق إفريقيا.
وجاء في بيان صادر عن الوزارة “لم تسجل أي حالة إصابة بالفيروس منذ سنوات عديدة، ولا يوجد لدينا أي انتشار له.. كدولة، فإن نظام مكافحة الأمراض والأوبئة عندنا قوي كما هو ملاحظ بطريقة تعاملنا مع اندلاع الحمى النزفية في وقت سابق”، بحسب فرانس برس.
يشار إلى أن أوغندا كانت قد شهدت تفشي فيروس إيبولا في الماضي، كما شهدت تفشي المرض النادر المعروف باسم “متلازمة الإيماء بالرأس”، وهو مرض غامض ينتشر بين الأطفال في شمال أوغندا وجنوب السودان ويصيب ضحاياه بالذهول بعد اختلاجات ونوبات تشنج حادة كالصرع”.
حاليا، تظل الغابة الواقعة بالقرب من الشارع السريع المؤدي إلى مطار عينيبي بالقرب من كمبالا، مركزا للأبحاث وتتبع معهد أبحاث الفيروسات الأوغندي، وهو عبارة عن مؤسسة لصحة البيئة والحماية من الأمراض كانت قد تأسست عام 1936.
وكتب على واحدة من الشواخص التحذيرية بالقرب من الغابة “تحذير! أراض تابعة لمعهد أبحاث الفيروسات الأوغندي. ممنوع العبور”.
وقالت المواطنة الأوغندية التي تعيش قرب الغابة روث ميريمبي (24 عاما) إنها علمت بانتشار الفيروس من خلال الفيسبوك، وأنها ليست قلقة، مضيفة أن الفيروس يتغير بمرور الوقت.
ويعني اسم زيكا، الذي يشير إلى الغابة التي تقدر مساحتها بنحو 12 هكتارا والتي تضم نحو 60 نوعا مختلفا من البعوض، بلغة أوغاندا المحلية “مفرط النمو”.
وفي المعهد، ثمة تفاصيل تتعلق باكتشاف المرض ورد في ورقة بحثية للجمعية الملكية البريطانية للصحة وطب الأمراض الاستوائية، نشرت عام 1952 “منطقة الغابات المعروفة باسم زيكا حيث كان الباحثون يجرون أبحاثا عن الحمى الصفراء المنتشرة بين قردة الماكي.. تتألف من حزام ضيف كثيف من الأشجار الضخمة وبالغة الطول، وتقع على حافة خور طويل تابع لبحيرة فيكتوريا، وينبثق منه مستنقعات”.
ويصف كبير الباحثين في المعهد جوليوس لوتواما (56 عاما) كيفية عزل القردة بوضعها في أبراج معدنية مرتفعة ومتفرقة بما يسمح للباحثين بإجراء اختباراتهم عليها في الغابة.
وأشار إلى أن اكتشاف الفيروس جاء كنتيجة لمحاولة تشخيص الحمى الصفراء من خلال عينات الدم كانت تؤخذ من القردة.
ولا يوجد عقار مضاد لفيروس زيكا، الذي وصفته السلطات الصحية الأميركية الخميس بأنه “فيروس جديد كليا” أخذ في الانتشار في السنوات القليلة الماضية ويرتبط بتشوهات خلقية في أدمغة الأطفال.
وقال لوتواما إن ما حدث في أميركا اللاتينية هو أن “الفيروس تحور قليلا.. ومن خلال هذا التحور أصبح أكثر ضررا وعدائية تجاه البشر.. هذا التحول البسيط أدى إلى التسبب بمشكلات كبيرة على البشر”.
غير أن لوتواما يقول، شأنه شأن وزارة الصحة الأوغندية، إنه غير قلق من هذا الأمر، وأنه لا يشكل تهديدا على أوغندا، حيث تعايش الناس مع الفيروس.
وأضاف أن فيروس زيكا كان مرضا متوسط الأعراض، وحوالي نصف السكان أصيبوا به، ولم تظهر أي أعراض خطيرة إلا عند شخص واحد أو اثنين فقط، ورجح وجود العديد من الفيروسات التي تنتمي للمجموعة نفسها.
المصدر: وكالات