شهد العام 2015 مشاركة قوية وفاعلة للدبلوماسية المصرية في الملف الفلسطيني انطلاقا من دور مصر القومي في دعم الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأعاد الدور المصري الرائد القضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام الدولي مجددا بعد طول غياب، لا سيما جهود الرئيس عبدالفتاح السيسي في هذا الخصوص والذي أكد خلال جولاته الخارجية ولقاءاته مع قادة الدول الكبرى وخلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أن القضية الفلسطينية ستظل قضية مصر والعرب الأساسية وشدد على ضرورة استعادتها لوضعيتها على سلم أولويات المجتمع الدولي.
وظلت القضية الفلسطينية محتفظة بمكانتها المتقدمة على أجندة أولويات السياسة الخارجية المصرية، رغم ما تمر به منطقة الشرق الأوسط من تحولات وما تواجهه من تحديات وتركيز المجتمع الدولي على ملفات ساخنة أخرى كالملف السوري واليمني والليبي.
وتؤكد القيادة الفلسطينية أن دور مصر التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته يحظى بإجماع عربي ودولي، مثمنة مواقف الرئيس السيسي القوية والداعمة للقضية الفلسطينية.
وخلال العام 2015، قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بـ 6 زيارات للقاهرة أطلع خلالها الرئيس السيسي أولا بأول على تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية والجهود المبذولة لإعادة إعمار قطاع غزة.
وبدأ العام بزيارة الرئيس “أبو مازن” إلى القاهرة في 14 يناير التقي خلاها الرئيس السيسي لاستعراض القضايا المهمة والملحة على الساحة الفلسطينية والعربية.
وتناول اللقاء التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي، وانضمام فلسطين إلى المنظمات الدولية، إضافة إلى كيفية متابعة نتائجها بالشكل الذي يخدم القضية الفلسطينية، كما تناول الأوضاع في قطاع غزة، وكيفية تسريع عملية إعادة الإعمار، وتذليل العقبات التي خلقتها إسرائيل لعرقلة عملية الإعمار.
وفي 3 مارس، استقبل الرئيس الفلسطيني بمقر الرئاسة برام الله سفير مصر لدى فلسطين وائل عطية الذي سلمه دعوة رسمية من الرئيس السيسي لحضور القمة العربية بشرم الشيخ يومي 28 و29 مارس 2015.
وشارك “أبو مازن” في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد في مصر “مصر المستقبل” في 13 مارس، وأكد في كلمة ألقاها بالمؤتمر أن مصر المستقرة والآمنة هي نقطة ارتكاز للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وعبر عن التضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب.
كما شارك الرئيس الفلسطيني في أعمال القمة العربية الـ26 بشرم الشيخ يوم 28 مارس التي شهدت مشاركة وتمثيلا غير مسبوقين على مستوى القادة.
وعلى هامش مشاركتهما في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي الخاص بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي عقد في البحر الميت بالأردن في 22 مايو، أكد الرئيس السيسي لـ “أبو مازن” أن القضية الفلسطينية ستظل محتفظة بمكانتها المتقدمة على أجندة أولويات السياسة الخارجية المصرية، وأن ما تمر به المنطقة من تحولات وما تواجهه من تحديات لن يؤثر أبدا على كون تلك القضية هي قضية العرب الأساسية.
وأوضح السيسي أن مصر تؤكد دائما موقفها الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأن العلاقات بين البلدين على الصعيدين الرسمي والشعبي ستظل دوما قوية ومتينة وصولا إلى تحقيق آمال وطموحات الأشقاء الفلسطينيين.
واطلع الرئيس من “أبو مازن” على آخر المستجدات بالنسبة للقضية الفلسطينية وتطورات الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلا عن نتائج اتصالاته مع مختلف القوى الإقليمية والدولية.
وخلال مشاركته سفارة جمهورية مصر العربية لدى فلسطين احتفالية ذكرى ثورة يوليو المجيدة برام الله في 27 يوليو، ثمن الرئيس الفلسطيني دور مصر وتضحياتها من أجل القضية الفلسطينية.
وقال خلال كلمة ألقاها بهذه المناسبة:”هنالك معجزتان مصريتان؛ الأولى 30 يونيو هذه معجزة حقيقة ووصفتها في يومها وفي مصر أن الشعب المصري قام بمعجزة وهي 30 يونيو؛ عندما خرج أكثر من 30 مليون إنسان دون أن يدفعهم أحد، خرجوا متطوعين ليصححوا المسار والمسيرة ويخلصوا البلد من الظلامية والظلام”.
وأردف قائلا: “الحمد لله هذه المعجزة تحققت، ولا قدر الله لو لم تحصل لكنا جميعا في مهب الريح.. كل الأمة العربية والأمة الإسلامية”.
وأضاف:”اليوم أيضا نهنئ مصر بمعجزة أخرى أن الرئيس السيسي أعلن قبل سنة بالضبط أنه سيفتتح قناة السويس الجديدة، وهذا يعني أن هذا الشعب قادر أن يعمل المعجزات، وإن شاء الله سنشارككم هذه الفرحة وسنذهب إلى مصر.. إلى الإسماعيلية لنشارككم على أرض الواقع”.
وبالفعل، شارك الرئيس الفلسطيني في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة في السادس من أغسطس إلى جانب كوكبة من قادة وملوك وزعماء العالم.. وتزامن ذلك مع مشاركته في اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية على مستوى وزراء الخارجية في مقر الجامعة العربية.
وفي العاشر من سبتمبر، قام “أبو مازن” بزيارة إلى القاهرة استقبله خلالها الرئيس السيسي الذي أكد أن القضية الفلسطينية ستظل قضية مصر والعرب الأساسية، وأن مصر ستواصل دعمها التاريخي للقضية الفلسطينية وجهودها الدؤوبة لمساندة أشقائنا الفلسطينيين، من أجل التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية تضمن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا للمرجعيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
كما أكد على وقوف مصر بكل طاقاتها إلى جانب الشعب الفلسطيني بما يعزز تماسكه ووحدته الوطنية، وضرورة استعادة القضية الفلسطينية لوضعيتها على سلم أولويات المجتمع الدولي.
وشدد على أهمية تقديم الضمانات الدولية التي تعالج شواغل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، في إطار رؤية شاملة ومتوازنة وجادة يمكن البناء عليها للتوصل لتسوية نهائية للقضية الفلسطينية وتوفر واقعا جديدا أكثر أمانا واستقرارا لدول المنطقة بل وللعالم أجمع.
فيما وجه الرئيس الفلسطيني الشكر للرئيس السيسي لمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، وحرصه الدائم على دفع الجهود العربية والدولية من أجل التوصل إلى تسوية دائمة وعادلة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني، فضلا عن اهتمام السيسي بمتابعة جهود إعادة إعمار قطاع غزة وتحسين الأوضاع الإنسانية والأحوال المعيشية للأشقاء في القطاع.
وشهد العام 2015 كذلك موقفا مصريا قويا ردا على التصعيد الإسرائيلي في القدس والمسجد الأقصى المبارك والذي بلغ ذروته بالتزامن مع الأعياد اليهودية (عيد رأس السنة العبرية والغفران والعرش) في سبتمبر الماضي.
وطالبت جمهورية مصر العربية إسرائيل في بيان صدر عن وزارة الخارجية في 15 سبتمبر بالتوقف الفوري عن سياسة التصعيد وانتهاك المقدسات الدينية والمداهمات المستمرة في المسجد الأقصى، محذرة من مخاطر الاستمرار في هذا النهج التصعيدي.
وحثت مصر المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية على تحمل المسئولية تجاه حماية المقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ونزع فتيل الأزمة الراهنة من خلال توفير الحماية للشعب الفلسطيني، ووضع حد للمداهمات الجارية ضد المسجد الأقصى والاعتداءات على المصلين من أبناء الشعب الفلسطيني، والتي تشكل خرقا واضحا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
وفي 17 سبتمبر، أجرى الرئيس السيسي اتصالا هاتفيا بالرئيس الفلسطيني أكد خلاله متابعته بكل اهتمام وقلق بالغ الأحداث المؤسفة التي يتعرض لها الحرم القدسي الشريف، وما تمثله من انتهاك خطير للمقدسات الإسلامية، بما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على صعيد السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
كما أكد الرئيس على أهمية توقف الحكومة الإسرائيلية عن الاستفزازات والاعتداءات المستمرة على الحرم القدسي والاضطلاع بمسؤوليتها في هذا الشأن.
ونالت القضية الفلسطينية حيزا كبيرا من لقاءات الرئيس مع رؤساء الدول والحكومات في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر.
وأكد الرئيس السيسي ـ خلال لقائه بالرئيس الفلسطيني في 26 سبتمبر في مقر إقامته بنيويورك على هامش الاجتماعات – أهمية عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة وأن تتولى الإشراف على المعابر، منوها إلى أن هذا الأمر سيكون له أطيب الأثر في انتظام فتح معبر رفح ما سييسر معيشة الأشقاء الفلسطينيين المقيمين في غزة ويساهم بشكل أساسي في توفير احتياجاتهم اليومية، فضلا عن تنقلاتهم إلى الخارج، لمختلف الأغراض التي تشمل التعليم والعمل وتلقي العلاج.
كما أكد أن الإجراءات التي تتخذها مصر من أجل تأمين حدودها الشرقية تتم بتنسيق كامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن أن تهدف إلى الإضرار بالأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وإنما تهدف إلى حماية الحدود المصرية والمساهمة في الحفاظ على الأمن القومي المصري والفلسطيني.
من جانبه، أعرب الرئيس الفلسطيني عن خالص تمنياته بأن تكلل جهود مصر المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار على حدودها الشرقية بالنجاح، مشيدا بمستوى التنسيق الجاري بين مصر والسلطة الفلسطينية في هذا الصدد.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة، قال الرئيس السيسي إن “تسوية القضية الفلسطينية العادلة وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية سوف يقضى على أحد أهم عوامل عدم استقرار المنطقة.. وإحدى أخطر الذرائع التي يتم الاستناد إليها لتبرير أعمال التطرف والإرهاب.. ولعلكم تتفقون معى على أنه لابد من تسوية تلك القضية دون إبطاء.. حتى تتفرغ كل شعوب المنطقة لبناء مستقبلها معا.. ولتحقيق الرفاهية والازدهار وإيجاد مستقبل أفضل لأجيالها.. وأن ما يشهده القدس والحرم القدسى الشريف لدليل على أن التوصل إلى السلام ما زال يواجه صعوبات وتحديات تستلزم علينا جميعا مواجهتها وإيجاد حلول حاسمة لها”.
وفي سبتمبر أيضا، ناشدت القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة مصر استئناف جهودها لرعاية ملف المصالحة الفلسطينية، مثمنة دور مصر في دعم القضية الفلسطينية.
ودعت هذه القوى “مصر الشقيقة لاستئناف جهودها لرعاية ملف المصالحة الفلسطينية بما في ذلك استضافة اجتماع لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير للقيام بدورها باعتبارها “الإطار القيادي المؤقت” من أجل تنفيذ اتفاق القاهرة، والقيام بالتحضيرات اللازمة لعقد مجلس وطني يشارك فيه الجميع حسب اتفاقات القاهرة في مايو 2011″.
وأشارت إلى أن هذه الدعوة تأتي “انطلاقا من أهمية استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الفلسطينية ومن أجل تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وفقا لما اتفق عليه عام 2005 في القاهرة، وإدراكا لدور مصر في دعم القضية الفلسطينية”.
وفي 9 نوفمبر، استقبل الرئيس السيسي “أبو مازن” الذي قام بزيارة رسمية إلى جمهورية مصر العربية استمرت لمدة 3 أيام، وتناول اللقاء مستجدات الأوضاع الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني والقدس الشريف وسبل مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وخلال الاحتفال الذي نظمته الجامعة العربية بالتعاون مع سفارة فلسطين بالقاهرة بمناسبة اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر، أكدت مصر حرصها على دعم القضية الفلسطينية، ومواصلة الجهود الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني في سعيه للحصول على حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، وكذلك دعم الرئيس محمود عباس في معركته الدبلوماسية السياسية السلمية لتحقيق تطلعات وآمال شعبه.
وشدد وزير الخارجية سامح شكري في كلمة ألقاها نيابة عنه السفير أسامة المجدوب مساعد وزير الخارجية لشئون دول الجوار خلال الاحتفال على ضرورة حث إسرائيل على إيقاف العنف غير المبرر تجاه الفلسطينيين بدعوى الحفاظ على أمنها.. مذكرا في هذا الإطار بأن الحصول على الأمن يتأتى فقط بإنهاء الاحتلال واحترام الحقوق والمبادئ الأساسية للإنسان والبدء في تفعيل عملية السلام والسعي نحو إقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة.
وعبر شكري عن قلق مصر الشديد للتطورات المتلاحقة في الضفة الغربية والقدس، واستمرار الهبة الفلسطينية في مواجهة العنف الإسرائيلى المتزايد وانتهاكاته الصارخة، معربا عن قناعته بأن هذه الهبة جاءت نتيجة انسداد أفق عملية السلام والحصار اليومي الخانق المتصاعد الذي أصبحت معه المعاناة هي السمة الرئيسية للحياة اليومية للمواطن الفلسطيني.
وفي الثلاثين من نوفمبر وعلى هامش قمة المناخ بفرنسا، التقى الرئيس السيسي بمقر إقامته بباريس “أبو مازن”، وبحث معه المستجدات على الساحة الفلسطينية وعلاقات التعاون بين البلدين والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط