لم تتردد منظمة (هيومن رايتس ووتش) في القول إن آلاف الصور المسربة من سجون النظام السوري تشكل (أدلة دامغة) على وقوع جرائم ضد الإنسانية.
أكدت منظمة (هيومن رايتس ووتش) أن آلاف الصور التي تم تسريبها عن معتقلين ماتوا تحت التعذيب داخل السجون الحكومية في سوريا هي بمثابة (أدلة دامغة) على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وفق تقرير نشرته الأربعاء.
وجاء التقرير بعنوان (لو تكلم الموتى: الوفيات الجماعية والتعذيب في المعتقلات السورية)، واعتبرت فيه المنظمة الحقوقية إنها (وجدت أدلة على تفشي التعذيب والتجويع والضرب والأمراض في مراكز الاعتقال).
ويعتمد التقرير الذي أصدرته المنظمة بعد تحقيق استمر تسعة أشهر، على 28 ألف صورة لمتوفين في معتقلات حكومية، سربها مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية يعرف باسم قيصر بعد هروبه من سوريا في يوليو 2013. ونشرت صوره علنا للمرة الأولى في يناير 2014.
واأوضحت المنظمة في تقريرها المؤلف من تسعين صفحة أن تلك الصور (تظهر ما لا يقل عن 6786 معتقلا ماتوا إما في المعتقلات أو بعد نقلهم من المعتقلات إلى مستشفى عسكري)، بعد سجنهم جميعا في (خمسة فروع لأجهزة المخابرات في دمشق).
ونقل التقرير عن نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في المنظمة نديم حوري قوله (حققنا بدقة في عشرات الحالات والشهادات، وواثقون أن صور قيصر تقدم دليلا موثقا ودامغا على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا).
وتابع (هذه الصور تظهر أناسا هم أولاد وأزواج وأعزاء على أسرهم، قضى أقاربهم وأصدقاؤهم شهورا أو سنوات في البحث عنهم).
ونجح باحثو المنظمة من (التعرف على 27 شخصا ظهروا في الصور)، بينهم صبي يدعى أحمد المسلماني كان في الـ14 من عمره حين ألقي القبض عليه عند إحدى نقاط التفتيش، بعد العثور على (أغنية مناوئة للأسد في هاتفه) عام 2012.
ونقل التقرير عن عم أحمد، ضاحي المسلماني الذي عمل قاضيا لمدة عشرين عاما قبل أن يفر من سوريا عام 2013، أنه (دفع أكثر من 14 ألف دولار امريكي كرشاوى في محاولة لتأمين الإفراج عن أحمد، دون جدوى).
وبعد نشر صور قيصر، بحث ضاحي عن صورة أحمد. وقال للمنظمة (فتحت مباشرة ملف المخابرات الجوية، ووجدته). وذكر التقرير أن ضاحي مسلماني انهار خلال الحديث معه، وقال (كانت صدمة حياتي أن أراه هنا. بحثت عنه 950 يوما. كنت أعد كل يوم. قالت لي والدته وهي تحتضر: أتركه في حمايتك. أي حماية أقدمها؟).
وقال حوري (لا يساورنا الشك في أن من ظهروا في صور قيصر جُوعوا وضُربوا وعُذبوا بطريقة منهجية، وعلى نطاق جماعي)، موضحا أن (هذه الصور لا تمثل إلا شريحة ضئيلة ممن ماتوا في عهدة الحكومة السورية والآلاف غيرهم يعانون من المصير ذاته).
وحثت المنظمة الحقوقية في تقريرها (الدول التي تجتمع بشأن مفاوضات السلام المحتمل في سوريا (…) إلى أن تعطي الأولوية لمصير آلاف المعتقلين)، معتبرة أن “ثمة مسؤولية خاصة على عاتق روسيا وإيران، الداعمين الأساسيين للحكومة السورية، للضغط على سوريا كي تمنح حق الوصول الفوري ودون عوائق لمراقبين دوليين (…) إلى جميع مرافق الاحتجاز).
وقال حوري إن الحكومة (لم تتخذ أي إجراء للتحقيق في سبب الوفاة أو حتى لمنع وفاة المزيد من المحتجزين)، مضيفا أن (على من يدفعون من أجل السلام في سوريا أن يكفلوا وقف هذه الجرائم، وفي نهاية المطاف محاسبة المشرفين على هذا النظام عن جرائمهم).
أ ف ب