يأتي احتفال الأمم المتحدة اليوم الجمعة بالذكرى السادسة والعشرين لتوقيع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في عام 1989 ، والذي جاء بناء على توصية من جمعيتها العامة ، ليكون هذا اليوم يوما للتآخي والتفاهم بين أطفال العالم أجمع ، والبالغ عددهم حاليا ٢ر٢ مليار طفل ، وللعمل من أجل مكافحة العنف ضد الأطفال وإهمالهم واستغلالهم في كثير من الأعمال الشاقة التي تفوق طاقتهم .
اليوم العالمي لحقوق الطفل هو اليوم الذي تعهدت فيه الدول الأعضاء ببذل أقصى الجهد لحماية الأطفال وكفالة حقوقهم في البقاء والنماء والتعلم والنمو وتمكينهم من سماع أصواته ، ويعنى تصديق 194 دولة على هذه الاتفاقية ، الرغبة الدولية في الاعتراف بحقوق الطفل والعمل على حمايتها على الصعيد النظري على أقل تقدير ، مما يبعث على الأمل والتفاؤل في أن تعمل هذه الدول على بسط حقوق الأطفال على أرض الواقع ، وهو مالا يتحقق إلا بالاعتراف بدور الأطفال في عملية التغيير في ما يدور حولهم والاستماع لهم وتقدير وجهات نظرهم ، إلا أن الصراعات المسلحة والحروب الأهلية ومشاكل الفقر والجهل والمرض تحول دون تحقيق ذلك حيث تعد من أكبر مهددات حقوق الأطفال في العالم .
ويطالب المحللون والمتخصصون في مجال الطفولة وحقوق الطفل ، المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الطفل وحقوق الإنسان بالعمل يدا بيد من أجل تحويل هذا اليوم لعنوان “فرح وأمل” ، من خلال تعزيز احترامنا لأطفالنا وحقوقهم ، فالطفولة يجب أن لا ينظر إليها كمرحلة تمهيدية لمرحلة النضوج ، ولكن كمرحلة نمائية مستقلة بذاتها يجب أن يعيشها أطفالنا .
ويأمل المتخصصون في حقوق الطفل أن يكون هذا اليوم في العام الحالي بداية لكي تخمد نيران الحروب في العالم والتي يدفع الأطفال ثمنا باهظا لها ، وأن تدور بدلا منها عجلة التنمية فلا رفاه للاطفال في ظل الحرب ولا حماية للطفولة في غياب التنمية والاستقرار ، فالأطفال جزء عزيز من الحاضر وأهم دعامات المستقبل التي يتحتم حمايتها ، ولذلك يتوجه الاتحاد العالمي لحماية الطفولة إلى المجتمع الدولي بكل قواه الفاعلة كى يتحمل مسئولياته في حماية كل أطفال الدول التي تتعرض إلى أزمات داخلية أو خارجية ، ولا سيما أطفال فلسطين ، وسوريا وغيرها من الدول التي تعاني من وطأة الحروب .
فعلى الرغم من الإنجازات العالمية الكبيرة في ضمان حقوق الأطفال ، مثل انخفاض معدل وفيات الرضع وزيادة معدل الالتحاق بالمدارس إلا أن الطريق لا يزال طويلا والفجوة لا تزال كبيرة ، وهناك أعداد كبيرة من الأطفال تعيش بعيدة كل البعد عن حقوقها الإنسانية ، كما أن هناك تحديات جديدة برزت وتضافرت مع التحديات القديمة لتشكل حائلا ضد استمتاع جميع أطفال العالم بحقوقهم كما نصت عليها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل .
تشير تقارير حقوق الأطفال في الدول التي تشهد اضطرابات وصراعات ملتهبة في منطقة الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية خاصة ، إلى الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون في إسرائيل ، حيث يتعرض الأطفال دون الـ 16 عاما للتميز العنصري ، ورفضت إسرائيل تشكيل لجنة محلية لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاقية التي صدقت عليها في عام 1991 ، وهى الاتفاقية التي تنطبق فقط على أطفال إسرائيل ولا تنطبق على أطفال الضفة الغربية وقطاع غزة ، كي يسهل قتلهم بدم بارد كما فعلت إسرائيل في أعوام ٢٠٠٨ ، ٢٠٠٩ ، ٢٠١٢ ، ٢٠١٤ .
قطاع غزة يعتبر “مستودع أطفال” ـ حيث يوجد بين سكانه البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة يوجد نحو مليون فرد دون سن الثامنة عشرة ، وهولاء لم يعيشوا حياة طبيعية على الإطلاق ، حيث عاصر أو مر على وعي بعضهم أربعة حروب غيوم الصيف ، وعملية «الرصاص المصبوب» ، وعملية «عامود السحاب» وعملية «الجرف الصامد» ، بالاضافة إلى ٤٧ عاما من الاحتلال ، وسنوات من الحصار الصارم منذ 2007 ، وأودت هذه الحرب بحياة أكثر من 520 طفلا و3463 جريحا ، وشردت مئات الألاف ، ومازال حوالى 60 ألفا في ملاجئ مؤقتة بانتظار العودة إلى مكان ما يظللهم من مطر أو برد ، والغالبية الساحقة إن لم يكن جميع أطفال غزة عاشوا تجارب عنف مباشر وبالتالي لا يمكن أن يكون نموهم طبيعيا بدون علاجات نفسية بعيدة المدى .
ومأساة أطفال سوريا لا يمكن وصفها بالكلمات ، فقد تجاوزت حدود الوصف وحدود العقل وحدود الهمجية فحتى لو توقفت الحرب ، فهم يعانون من كافة أنواع القهر والموت والتشريد والاقتلاع ، فمن بين كل ثلاثة أطفال سوريين يتعرض واحد للعنف ، وبلغ عدد الاطفال القتلى ما يزيد عن 10000 طفل ، وهناك ما بين 12.2 مليون سوري بين مشرد ولاجئ ومحاصر بينهم 5.08 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات طوارئ ، وذلك بحسب تقرير خاص بالأطفال .
وفي هذا اليوم يتوجه الاتحاد العالمي لحماية الطفولة إلى المؤسسسات والقوى الفلسطينية بضرورة عمل الكثير من أجل حماية واحترام وتطبيق حقوق الأطفال الفلسطينيين ، فقبل حوالي عام تم انجاز قانون الطفل الفلسطيني ، و دخل هذا القانون حيز التنفيذ ، إلا أن المطلوب حاليا هو تفعيله من خلال اصدار اللوائح التنظيمية وتحديد نطاق ومسئوليات الوزارات المختلفة في تنفيذ الجزء المتعلق بها في القانون عن طريق وضع السياسات والبرامج المتعلقة بالأطفال الفلسطينيين .
إتفاقية حقوق الطفل الصادرة في مثل هذا اليوم قبل ٢٦ عاما ، لحق بها بروتوكولان اختياريان دخلا حيز التنفيذ في عام ٢٠٠٠ ، يتعلق الأول منهما بحماية الأطفال في مناطق الصراعات المسلحة ، فيما يتعلق البرتوكول الثاني بحماية الأطفال من البيع والبغاء والاستغلال في المواد الأباحية ، وقد انضم إلى البروتوكولين 150 دولة ، ثم تم إضافة بروتوكول ثالث اعتمد في عام ٢٠١١ ، وأصبح نافذا عام 2014 ، ويتعلق بحق الأطفال في تقديم الشكاوى للجنة حقوق الطفل بطريقة مباشرة ضد من ينتهك حقوقهم .
فيما تقوم لجنة مكونة من 18 خبيرا دوليا بمراقبة سلوك الدول الأعضاء في مجال تنفيذ الاتفاقيات ، حيث تغيرت معاملة الأطفال في معظم دول العالم بعد الاتفاقية ، وحسمت مسائل العمر ، والتجنيد والعقوبات والحقوق والواجبات ، وبموجبها تم إنقاذ نحو 90 مليون طفل كانوا سيقضون حتفهم قبل سن الخامسة لو بقيت نسبة التطعيم والعناية الصحية والصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب كما كانت عليه فى عام 1990 ، وتضاعفت نسب الانخراط في المدارس الابتدائية حتى في أفقر الدول التي كانت لا تتجاوز 53 فى المائة ، بالإضافة إلى التحسن الكبير في تغذية الأطفال إلى انخفاض التقزم بنسبة 37 فى المائة بحسب تقارير اليونسيف . أن يتمتع بتأهيل ديني جيد يسمح له بفهم المضمون التاريخي للنصوص الدينية ، وأن يميز بين الحكم العام والحكم الخاص ، وكذلك فإنه بمقدور المسلم أن يحكم بطريقة مضمونة وآمنه على الظروف الراهنة التي يحياها المسلمون وكل ذلك واضح في علم أسس الفقه ” .
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)