قال اندريه باران سفير فرنسا لدى مصر إن كل دولة في العالم معرضة للإرهاب مهما اتخذت المزيد من الاجراءات الأمنية، واصفا التعاون الأمني والعسكري مع مصر بالممتاز، ومعربا عن خالص شكره للمشاعر وروح التضامن من جانب الشعب والحكومة المصرية .
ونفى السفير الفرنسي ـ في لقاء محدود مع عدد من الصحفيين في مقر السفارة الفرنسية بالقاهرة – ما تداولته بعض وسائل الإعلام من أن فرنسا أغلقت حدودها بعد الهجوم الإرهابي أمس الأول والذي أسفر عن مقتل 129 شخصا وإصابة 350 آخرين، مؤكدا أن الأمر يتعلق بإعادة اجراءات التفتيش في الحدود البرية وليس معناه عدم السماح بالدخول إلى الأراضي الفرنسية ، أما فيما يتعلق بالمطارات، فإجراءات الأمن فيها ليست جديدة وطبيعية.
وأضاف السفير الفرنسي أن هناك اجتماعات متواصلة برئاسة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند لمتابعة تطورات الهجوم الإرهابي، موضحا أن التحقيقات حول الهجوم ما زالت مستمرة وأن النائب العام يصدر تصريحات دقيقة حول تطورات الأحداث، مطالبا الجميع بالتحلي بالحذر في تداول الأخبار المتعلقة بالهجوم الإرهابي.
وأضاف السفير الفرنسي ردا على سؤال عما إذا كانت فرنسا لديها معلومات استباقية حول حدوث هجمات على البلاد، أن الأجهزة الأمنية الفرنسية استطاعت خلال الفترة الماضية إحباط العديد من العمليات الإرهابية وكان هناك حالة تعبئة إلا أنه لا يمكن لدولة معرفة بالتحديد متى وكيف ستحدث مثل هذه العمليات، مشيرا إلى أن فرنسا مستهدفة منذ وقت طويل نظرا لأنها دولة هامة وذات تأثير و تنخرط في تسوية العديد من الأزمات والصراعات على مستوى العالم ومكافحة الإرهاب لاسيما فى إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط .
ولفت السفير الفرنسي إلى أن هناك العديد من الشباب الفرنسي والأوروبي الذي انضم لداعش في سوريا، إلا أن ما حدث أول أمس يعد هجوما جديدا من نوعه بالرغم من أن فرنسا تعرضت لهجمات إرهابية منذ الثمانينات ولكن لم يصل الهجوم الإرهابي لهذا المدى سواء في عدد الضحايا أو نوعية وطريقة الهجوم.
وأضاف السفير الفرنسي ” هناك بالطبع تحرك وتعامل جذري تتخذه السلطات الفرنسية بعد الحادث ، وإذا كنا مستهدفين فذلك يرجع إلى إننا منخرطون لتسوية العديد من الأزمات وعلى رأسها مكافحة تنظيم داعش ولا نعلم ما إذا كان ذلك الهجوم رد فعل على محاربتنا لداعش في العراق وفي سوريا أم لا”.
وأكد السفير الفرنسي إنه لا يتوقع أن يحدث تغيير في سياسة فرنسا إزاء الشرق الأوسط، وفرنسا مستمرة فى مكافحة داعش ولن تخضع للابتزاز أو التهديد، قائلا “هذه الهجمات ستقوى عزيمتنا ولن تثنينا على المضي قدما في محاربتنا للإرهاب”.
وردا على سؤال عما إذا كانت فرنسا ستغير موقفها في التعامل مع الدول الأكثر ديكتاتورية مثل سوريا بعد هذا الهجوم، قال السفير الفرنسي “لا أتوقع أن النظام في سوريا هو نظام ديمقراطي ولا يمكن القول إننا ندعم الأنظمة الاستبدادية، ففرنسا تحارب الاٍرهاب وتساند أى دولة لمحاربته وسياسة فرنسا تجاه سوريا معلومة ،حيث تحمل باريس بشار الأسد مسئولية تأزم الوضع في سوريا ولا يمكن أن نفصل بين الديمقراطية وبين الاٍرهاب وعندما يتم تحقيق تقدم في الديمقراطية، فإن ذلك أبلغ رد على ردع الإرهاب والتصدي له”.
وأضاف السفير الفرنسي أن المجتمع الدولي يؤيد الحل السياسي في سوريا، مشيرا إلى أنه لابد على الدول المنخرطة في التعامل مع الأزمة السورية إيجاد حل سياسي يضمن الحفاظ على وحدة الشعب السوري وسلامة أراضيه،مضيفا أن هناك بعض الأمور الخلافية في مشاورات فيينا حول دور بشار الأسد في المرحلة المقبلة .
واستطرد السفير الفرنسي قائلا إنه من المحتمل أن يكون هناك صلة بين ما يحدث في سوريا وبين ما حدث في باريس ولكن الاٍرهاب موجود قبل الأزمة السورية إلا أنه بالطبع هناك علاقة بين تنامي الاٍرهاب وبين تدهور الوضع في سوريا وينبغي أن يتحلى الجميع بالأمل من أجل استمرار محادثات فيينا لأن البديل هو استمرار الحرب في سوريا واستمرار مشكلة تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
واستطرد قائلا “لسنا بالغباء بأن نعتقد أن بشار الأسد سيرحل على الفور ولكن نرى أنه لابد من فتح أفق سياسي بديل لتسوية الأزمة السورية فالفرق بيننا وبين غيرنا هو إننا ضد بشار الأسد وضد تنظيم داعش لأنهما أساس تأزم الوضع الحالي في سوريا”.
وعما يدور داخل أوساط الجالية المسلمة من قلق بسبب إتخاذ إجراءات أكثر تشدد حيالها أو احتمال تعرضها لعمليات انتقام ، قال السفير الفرنسي اندريه باران “إنه في كل مرة تحدث هجمات هناك بعض الأصوات النشاز في المجتمع الفرنسي تقوم بأعمال عدائية مؤكدا أنها أعمال فردية ولا تعبر عن كافة أطياف المجتمع الفرنسي الذي يصل تعداد سكانه إلى 65 مليونا والفرنسيون يتمتعون بقدر عال من الحكمة والصبر ولا يخلطون بين الإرهاب أو الأصولية وبين الإسلام فضلا عن أن السلطات الفرنسية تتخذ التدابير اللازمة حيال الأفعال الفردية التي قد تحدث من قلة في المجتمع الفرنسي”.
ونوه السفير باران إلى أنه لا يوجد علاقة مباشرة بين إجراءات الهجرة إلى فرنسا وبين الإرهاب ، فإذا توفر لفرنسا الظروف الملائمة لاستقبال مهاجرين جدد فإنها لا تردد في استقبالهم.
وتعقيبا على زيارة الفريق محمد حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة إلى فرنسا خلال الأيام الماضية لتعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، لفت السفير الفرنسي إلى أن هذه الزيارة جاءت تلبية لدعوة من رئيس الأركان الفرنسي وهي زيارة تأتي في إطار تطور العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال العسكري والأمني وفي ضوء الصفقات الأخيرة التي أبرمتها الحكومة الفرنسية والمصرية بشأن صفقة المقاتلات الفرنسية رافال وحاملة الطائرات ميسترال.
وأضاف السفير الفرنسي أن ردود فعل بعض الإعلاميين المصريين إزاء هجوم باريس لم تكن موفقة، إلا أنه لم يتم الالتفات لها نظرا لأن الشعب المصري والحكومة متضامنون تماما مع المجتمع الفرنسي، مشيرا إلى أنه ينبغي على الدول كلها أن تتعاون وتتضامن من أجل مكافحة الإرهاب.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)