قال الكاتب البريطاني روجر كوهين، إن مذبحة باريس التي تبناها تنظيم داعش هي على حد تعبير الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، تمثل «عملا حربيًا»، ومن ثم فهي تستلزم من كافة دول حلف شمال الأطلسي «ناتو» ردًا جماعيًا بموجب البند الخامس من معاهدة شمال الأطلسي التي تنص على أن أي هجوم مسلح ضد واحدة أو أكثر في أوروبا أو أمريكا الشمالية يعتبر هجومًا عليها جميعًا.
وأضاف في مقال نشرته (النيويورك تايمز) أن قادة الناتو هم بالفعل يبحثون ماهية مثل هذا الرد؟، وقد تحدث أولاند إلى الرئيس الأمريكي أوباما، فيما أعربت دول أخرى أعضاء بالحلف، من بينها ألمانيا وكندا، عن تضامنها، ولكن المشاعر كالإنكار والاستياء هي وإن كانت مبررة إلا أنها غير كافية.
وتابع «كوهين» أن الرد المكافئ الوحيد، بعد قتل نحو 129 شخصًا على الأقل في باريس، هو الردّ العسكري، كما أن التعاطي الموضوعي الوحيد المناسب لمثل هذا التهديد المستمر إنما هو سحْق تنظيم داعش ودكّ حصونه في سوريا والعراق، وإن الإرهابيين البرابرة المنتشرين على وسائل التواصل الاجتماعي بما يريقونه من دماء، لا يمكن تركهم وشأنهم أكثر من ذلك للسيطرة على إقليم يستطيعون على أرضه التنظيم والتمويل والتوجيه والتخطيط لأعمالهم الوحشية.
وأوضح أنه كان من الخطأ إهمال داعش باعتباره تهديدا إقليميًا، مشيرًا إلى أن البابا فرانسيس صرح أن هجمات باريس «ليست إنسانية»، وهو محق بمعنى من المعاني، لكن التاريخ يعلمنا أن البشر قادرون على ارتكاب شرور لا قرار لأغوارها، هذه الشرور إذا لم تُعالج فإنها تتكاثر.
وأشار إلى أنه لإنزال الهزيمة بداعش في سوريا والعراق، فإن الأمر يتطلب تدخُّل قوات برية من حلف الناتو ، وبعد تدخلات غربية مطولة وغير حاسمة في العراق وأفغانستان، فإن ثمة مبرر للتساؤل عما إذا كان تدخلا جديدا سيعتبر ضربًا من الحماقة، أم لا، وعما إذا كان العمل العسكري لن يُسفر إلا عن انضمام المزيد من العناصر لصفوف داعش وبالتالي المزيد من الضحايا وعمليات النهب والسلب؟
وأكد «كوهين» أن تنظيم داعش يدير بكفاءة عالية ماكينةً دعائية، ويوظف بفعالية أيديولوجيةً مقنعة للشباب المسلم المحبَط المُحرَض ضد الغرب، لقد أثمر التزاوج بين حَرْفية فهْم النصوص الدينية والمهارة في استخدام التكنولوجيا عن جيش متعصب لا حدود لجاذبيته، غير أن تنظيم داعش بعيدٌ عن كونه لا يقهر من الناحية العسكرية، فالاستخبارات الغربية الآن دقيقة للغاية وليس أدلّ على ذلك من نجاحها في قتل الجهادي جون في غارة جوية الخميس الماضي.
واختتم «كوهين» قائلا «إن التجاهل هو وصْفة أكيدة للفشل.. لقد حان الوقت، باسم الإنسانية، للعمل بإيمان وعزم ضد وباء داعش.. لقد قوّض التشرذم الجهود العسكرية السابقة لإنزال الهزيمة بالجهاديين، الاتحاد الآن بات ممكنا وهو السبيل إلى النصر».
المصدر: وكالات