مهرجان القاهرة السينمائى الذى بدأ فعاليات دورته السابعة والثلاثين أمس، يضم حوالى مائة وخمسين فيلما، لا يستطيع المرء، مهما كان عاشقا مجنونا بالسينما، أن يشاهد أكثر من ثلاثين فيلما، بمعدل ثلاثة أو أربعة أفلام يوميا.
من الصعب بالطبع ترشيح قائمة بعينها و«فرضها» على القراء، ولكن بما أن الكثيرين يحتاجون هذه القوائم ويستخدمونها، وأنا واحد منهم، وبما أنه قد أتيح لى، بحكم كونى رئيسا للجنة المشاهدة بالمهرجان، أن أشاهد معظم الأفلام، فسوف أختار لكم ثلاثين فيلما أعتقد أنها الأفضل. ومعيارى الرئيسى فى الاختيار هو ذوقى الشخصى أولا، ثم التنوع فى الأساليب والموضوعات والبلاد ثانيا، وخبرتى المتواضعة بالجمهور المصرى ثالثا.
وسوف أستخدم تصنيفا جديدا يساعد القارئ على معرفة نوع الفيلم ومدى مناسبته لذوقه الشخصي، لأنه حتى أفضل أنواع الأطعمة قد يراها البعض رديئة أو غير مستساغة، هذا التصنيف يعتمد على عدة كلمات مفتاحية: «فني»، أى فيلم «مهرجانات» موجه لعشاق الفن السينمائى بالأساس، ويغلب عليه التعبير الفنى العقلى والذى قد يصعب استساغته من قبل الجمهور العادى، وعلى العكس من ذلك النوع «الجماهيرى» الذى يروق لأغلب الأذواق، ويحتوى على قدر واضح من التشويق والإمتاع الحسى، بجانب ذلك سوف أستخدم تصنيفات مثل «اجتماعى»، «سياسى»، «إنسانى» لتقريب مضمون ومزاج الفيلم العام إلى القارئ، وقد قمت بترتيب هذه التصنيفات حسب درجة بروزها ووضوحها فى كل فيلم.
الشمال عبر الشمال الشرقي
النوع: فني- تشويقي- اجتماعي
شهدت السينما الصينية تطورات هائلة خلال السنوات الماضية، وظهر جيل جديد لم يعد يكتفى بالأفلام الاجتماعية الواقعية والتاريخية أو أفلام القتال اليدوى التى تميزت بها الصين خلال العقدين الماضيين، وظهرت أنواع فنية جديدة من أبرزها السينما البوليسة، أو ما يمكن أن نطلق عليه الـ«فيلم نوار» الصيني، والفيلم نوار مصطلح فرنسى أطلق على الأفلام الأمريكية والأوروبية التى يلعب بطولتها محقق بوليسى يسعى لكشف أسرار جريمة أو سلسلة من الجرائم الغامضة، وتدور عادة فى أجواء نفسية قاتمة، وغالبا ما تحمل بنقد سياسى مبطن.
ينتمى فيلم «الشمال عبر الشمال الشرقي» للمخرج بينجياين زانج إلى هذه النوعية، وحتى عنوانه مستلهم من فيلم هيتشكوك الشهير «الشمال عبر الشمال الغربي». تدور أحداث الفيلم فى السبعينيات، فى عز القمع باسم الشيوعية، عندما تقع سلسلة من حوادث اغتصاب فى منطقة نائية شمال شرق البلاد.
يحقق ضابط الشرطة لى زانسان، العاجز جنسيا، فى القضية، ويلتقى فى مسرح إحدى الجرائم بطبيبة معتزلة تعمل فى تهجين الخنازير. لا يستطيع المحقق كشف المجرم، ويترك الشرطة ليبيع الحلوى. ولكن بعد فترة يعود بالرغم منه إلى القضية من جديد.
السيدة كوراج
اجتماعي
الفيلم العربى الوحيد المشارك فى المسابقة الدولية للمهرجان هو فيلم «السيدة كوراج» للمخرج الجزائرى الكبير مرزاق علواش، صاحب التجربة الطويلة والذى يشهد فى العقد السابع من عمره نشاطا فنيا كبيرا، حيث لا يمر عام أو اثنان دون أن يصنع فيلما.
وأهمية الفيلم تعود إلى جودته الفنية كما تعود إلى موضوعه وعالمه القريب جدا من عالم المشاهد المصري.
اسم الفيلم يشير إلى نوع من الأقراص المخدرة القوية التى يتناولها الصبية والشباب فى الجزائر، والتى تعطى صاحبها شعورا وهميا بالقوة والشجاعة، لذلك أطلق عليها «السيدة كوراج»، أو «الست شجاعة».
يروى الفيلم قصة مراهق من إحدى الضواحى الفقيرة، مدمن للست شجاعة ولص محترف من نوع «الخطافين»، الذين يستقلون الدراجة ويخطفون الحقائب من أيدى النساء وكبار السن.
ذات يوم يذهب الشاب إلى وسط المدينة ليمارس أعماله الإجرامية، وتكون فريسته الأولى فتاة صغيرة تسير مع صديقاتها، وترتدى عقدا ذهبيا بارزا. وتتحول السرقة إلى قصة حب.
مادونا
النوع: ميلودراما – اجتماعي
يناسب فيلم «مادونا» للمخرج الكورى الجنوبى شين سو وون الذائقة المصرية والشرقية عموما التى تميل إلى تحويل القضايا الاجتماعية والسياسية لقصص عاطفية مؤثرة.
فى هذا الفيلم يدور الصراع فى خطين متوازيين يلتقيان قبل النهاية.
«هي-ريم»، امرأة فى منتصف الثلاثينيات تعمل كممرضة فى أحد المستشفيات الخاصة، تتولى رعاية رجل مشلول فى جناح «الشخصيات المهمة جدا».
إنه صاحب المستشفى العجوز، والذى يعمل ابنه منذ عشر سنوات على الحفاظ على حياته بأى وسيلة، ليس حبا فيه، ولكن ليظل ينهب من ثروة الرجل.
لقد قام الأطباء بأكثر من زراعة قلب للثرى العجوز، والآن يحاولون الاستيلاء على قلب مريضة تعانى من الغيبوبة الدائمة. يطلب ابن صاحب المستشفى من «هي- ريم» أن تبحث عن ماضى هذه المرأة.
وتكتشف «هى –ريم» أن المرأة كانت عاهرة تشتهر باسم «مادونا» مرت بالعديد من التجارب المأساوية. وأنها حامل… فيستولى عليها الشعور بضرورة إنقاذ الطفل، متحدية كل إغراءات وتهديدات النظام الرأسمالى الوحشى من حولها.
أرض الغرباء
النوع: إنساني- تشويقي
النجمة نيكول كيدمان أسترالية الأصل، بدأت حياتها فى السينما الأسترالية قبل أن تنتقل لهوليوود، وبعد سنوات طويلة تعود من خلال فيلم «أرض الغرباء» إلى موطنها الأصلى لتعمل مع مخرجة أسترالية شابة هى كيم فارانت فى أول أعمالها الروائية الطويلة.
بالتأكيد وجدت كيدمان فى هذه المخرجة شيئا مميزا ومختلفا تغامر من أجله بنجوميتها. الطريف أن الفيلم إنتاج أسترالى أيرلندى مشترك ويشارك فيه نجوم أستراليين وإنجليز وأيرلنديين.
تدور الأحداث فى مدينة أسترالية صحراوية تتعرض لعاصفة رملية خطيرة يضيع على أثرها ابنان مراهقان، ويبدأ الأبوان بمساعدة سكان القرية ورجال الإنقاذ فى البحث عنهما فى ظروف شديدة السوء… وتتضاءل بمرور الوقت فرص العثور عليهما أحياء.
مينا تسير
النوع: إنساني- سياسي
للمهتمين بأحوال العالم من حولنا، وخاصة أفغانستان التى عانت طويلا من سيطرة الإرهابيين والمتشددين يأتى فيلم «مينا تسير» للمخرج الكندي، الأفغانى الأصل، يوسف باراكي، الذى يتجول ويرصد الأوضاع فى العاصمة الأفغانية كابول من خلال قصة فتاة صغيرة، تعول جدها العجوز ووالدها العاطل، من خلال عملها كبائعة متجولة فى شوارع المدينة البائسة التى مزقتها الحرب.
قصيدة إلى أبي
النوع: إنساني- جماهيري
هذا عمل إنسانى مؤثر من كوريا الجنوبية يلخص كفاح شعب بأكمله على مدار ستين عاما، من خلال قصة ولد صغير يتعهد برعاية وحماية أسرته التى فقدت عائلها خلال الحرب الأهلية فى خمسينيات القرن الماضي، وحتى يصبح شيخا مسنا ينتظر الموت فى العقد الثانى من القرن العشرين، محافظا على وعده طوال هذه العقود، مضحيا بكل شيء وباذلا لكل جهد، فى سبيل العائلة.
الفيلم كما يدل عنوانه هو تكريم لوالد كاتب الرواية التى أخذ منها الفيلم، بارك سو جين، ولجيل الآباء والأجداد الذين أفنوا حياتهم فى سبيل نهضة بلادهم وتحولها من قاع الفقر والتخلف إلى قمة اقتصادية عظيمة.
مخرج الفيلم جيه كيه يون مشهور بأعماله الميلودرامية الجماهيرية، وهو يجيد بوجه خاص المزج بين الضحك والدموع.
هذا فيلم سوف يحبه الجمهور المصرى كثيرا.
الشمس العالية
النوع: إنساني- سياسي
فيلم «الشمس العالية» شاركت فى إنتاجه كل من كرواتيا وصربيا وسلوفينيا، تلك البلاد التى مزقتها الحرب الأهلية والعرقية لسنوات، لكنه ليس فيلما عن الحرب، وإنما عن الحب .
ويستعرض كاتب ومخرج الفيلم داليبور ماتانيتش ثلاث قصص عن الحب الممنوع، تدور خلال ثلاثة عقود متتالية بين أنحاء قريتين متجاورتين فى البلقان يجمعهما تاريخ طويل من الكراهية العرقية.
باولينا – أو العصابة
النوع: اجتماعي- سياسي
من أمريكا اللاتينية يأتى هذا الفيلم الذى يحمل اسمين: «باولينا» فى نسخته الإسبانية، و«العصابة» فى نسخته الأوروبية.
الفيلم شاركت فى إنتاجه شركات من الأرجنتين والبرازيل وفرنسا وأخرجه الأرجنتينى سانتياجو ميترا. وهو فيلم لاتينى بامتياز، يتناول المشاكل التى تضرب الكثير من بلاد القارة، مثل العنف وانتشار العصابات، من خلال شخصية امرأة قوية اسمها باولينا، تتخلى عن مهنتها كمحامية ناجحة فى بوينس آيرس للمشاركة فى النشاط الاجتماعى فى وطنها على الحدود بين الأرجنتين وباراجواى والبرازيل.
بعد أسبوعين من العمل فى أحد الأحياء العشوائية المهمشة تتعرض لاعتداء وحشى من قبل إحدى العصابات، ولكنها تصر على البقاء والتحدي.
النار
النوع: اجتماعي
فيلم «النار» للمخرج خوان شنتمان سهل فى سرده وصوره، ولكنه يسحبك إلى الأعماق كلما استغرقت فى المشاهدة، ويبقى فى عقلك لفترة طويلة بعد ذلك. مع المشاهد الأولى للوهلة الأولى يبدو أن كل شىء على مايرام بين الزوجين الشابين. إنهما ينتظران بين الصناديق المحملة بأشيائهما، فهما على وشك الانتقال لشقة جديدة قاما بشرائها.
ولكن الموظف المسئول يؤجل انتقالهما لليوم التالى لأسباب فنية. فجأة يجد الاثنان نفسيهما فى حالة انتظار لساعات تجبرهما على التوقف وتأمل حياتهما وعلاقتهما. مارسيلو، الزوج، لا يستطيع تحمل فكرة أن والد لوتسيا هو الذى دفع تكاليف الشقة.. وفى المدرسة التى يعمل بها يتهمه والدا أحد التلاميذ بأنه ضرب ابنهما .
الزوجة، لوتسيا، تتشاجر مع صاحب المطعم الذى تعمل به، وجسدها على وشك الانهيار بسبب نوبات السعال التى لا تفارقها.
كل ما حولهما يتحول إلى عاصفة تكاد تطيح بحبهما وزواجهما. هذا فيلم اجتماعى من الطراز الأول، يرصد الكيفية التى تتحكم بها الظروف الطبقية فى طباع الشخصيات وسلوكها وحتى علاقاتها الزوجية.
أنا جندية
النوع: فني- إنساني
عالم غريب يصوره هذا الفيلم الفرنسى البلجيكى للمخرج الشاب لوران لاريفير، وهو تجارة الكلاب غير الشرعية من بلاد أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية، من خلال قصة شابة تعود إلى مسقط رأسها فى مدينة «روبية» فى شمال فرنسا للعيش مع والدتها، وتعمل مع عمها فى بيت للكلاب، يتبين أنه مركز لتهريب الكلاب وبيعها بشكل غير شرعي.
ورغم أنها تثبت كفاءتها وتكتسب الاحترام والنفوذ فى هذا العالم الذى يهيمن عليه الرجال، كما تكسب المال أيضا، إلا أنها تجد نفسها فى موقف اختيار أخلاقى بين طاعة أصحاب العمل أو رفض تنفيذ الأوامر التى لا تتوافق مع مبادئها.
البحر الأبيض المتوسط
النوع: اجتماعي – سياسي
هذا الفيلم الذى شاركت فى إنتاجه شركات وجهات منح من إيطاليا وفرنسا وأمريكا وألمانيا وقطر هو نموذج لنوعية جديدة من الأفلام والإنتاج، غالبا ما تتناول قضية اجتماعية وسياسية تهم كثيرا من الشعوب، مثل الهجرة غير الشرعية، أو أطفال الشوارع، أو الإرهاب… وكثيرا ما تصور فى أماكن مختلفة وتنطق بلغات مختلفة، مثل فيلم «البحر الأبيض المتوسط» الذى تم تصويره فى كثير من بلاد المتوسط، وتنطق شخصياته بلغات عدة منها الفرنسية والإيطالية والإنجليزية والعربية والبيساوية.
الفيلم الذى كتبه وأخرجه جوناسكار بيجنانو يصور رحلة صديقين مهاجرين غير شرعيين من بوركينا فاسو إلى جنوب إيطاليا، مستعرضا معالم الرحلة الشاقة عبر الصحراء والبحر، ثم حياتهما فى البلد الأوروبى الجديد، التى تختلف تماما عن تصوراتهما المسبقة عن الهجرة.
المصدر:وكالات