سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الضوء على إدراج إيران في المفاوضات حول تسوية الأزمة المرة الأولى التي تختار فيها الولايات المتحدة مشاركة طهران دبلوماسيا على نحو رسمي بشأن القضية السورية.
وذكرت الصحيفة – في سياق تقرير أوردته على موقعها الالكتروني اليوم (الخميس)- أن ذلك يأتي عقب أكثر من ثلاثة أشهر من توقيع إيران على الاتفاق النووي التاريخي مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى، التي وعدت بإنهاء عزلة إيران الاقتصادية في مقابل فرض قيود على تخصيب اليورانيوم، مما يوحي ببذل جهد لتوسيع نطاق المناقشات إلى ما بعد هذه المفاوضات الناجحة.
وأضافت أن قبول إيران دعوة الولايات المتحدة للانضمام إلى المحادثات بشأن التسوية السورية في فيينا -وهو العرض الذي تقدمت به روسيا عقب تخلي الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري عن اعتراضات واشنطن السابقة- يعكس مدى سرعة تغيير ديناميكيات الحرب، لافتة إلى أن واشنطن خلصت إلى أن الأمل الوحيد لتخلي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة هو إيجاد حل سياسي مع داعميه (روسيا وإيران) وسط قلق أمريكي واضح إزاء الدعم العسكري الذي تقدمه موسكو وطهران لبشار الأسد.
وأوضحت “نيويورك تايمز” أن مشاركة إيران تشير أيضا فيما يبدو إلى كيفية خروجها من عقود من التهميش الذي فرضته ضدها أمريكا، فقبل عامين فقط، لم يتم دعوة طهران للانضمام إلى مفاوضات السلام السورية بسبب ضغوط من الولايات المتحدة، والآن، ومع موقف إيران المعزز في أعقاب الاتفاق النووي، يبدو أن كيري يختبر مدى إمكانية توسيع قاعدة التعاون بين البلدين.
وفي إشارة إلى التوتر الذي قد ينجم عنه مشاركة إيران في المحادثات، ذكرت الجريدة أن رد فعل المملكة العربية السعودية شابه الحذر والارتياب، حيث قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للصحفيين، أمس الأربعاء في مؤتمر صحفي في الرياض مع نظيره البريطاني الزائر فيليب هاموند، “إذا لمسنا الجدية فمن واجبنا أن نستمر في البحث للوصول لحل نهائي للأزمة، وإن وجدنا عكس ذلك فلسنا مضطرين للمضي فيها، وقد نقاطع الاجتماعات اللاحقة”.
وتابعت الصحيفة الأمريكية قائلة إن الحرب في سوريا، التي بدأت في مارس 2011 وأسفرت عن مقتل ربع مليون شخص، ساهمت في أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، وأصبحت أرضا خصبة لتنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى، التي تهدد ليس فقط جيران سوريا، ولكن كل القوى الداعمة سواء للحكومة أو المعارضة.
وأوضحت أن النتيجة كانت تحولا تدريجيا لكنه مؤكد في الاستراتيجية الأمريكية، حيث اعترف مسؤولون أمريكيون كبار-رفضوا من قبل أي نتيجة تبقي على الأسد في السلطة- مؤخرا بأنه لا يمكن التوصل لخطة محتملة حول من سيخلف الأسد في حكم سوريا إلا بمشاركة إيران، التي قالت بدورها بشكل علني إن استبدال الأسد “خط أحمر” وغير مطروح للنقاش، رغم أن مسؤولين إيرانيين أعربوا في اجتماعات مغلقة عن استعدادهم لانتقال السلطة في سوريا إلى عضو آخر من طائفة الأسد العلوية، المنحازة إلى إيران الشيعية عن كثب، إذا ظهر أحد.
واختتمت نيويورك تايمز تقريرها بالقول إن قرار إيران لحضور محادثات سوريا يرسل أيضا إشارة غامضة داخل الدولة، فقبل بضعة أسابيع، رفض المرشد الأعلي الإيراني علي خامنئي أي محادثات جديدة مع الولايات المتحدة، ووصفها بأنها عدو مستمر للثورة الإيرانية.
المصدر : أ ش أ