كشفت دراسة أثرية للباحث أحمد عوض بقسم الهندسة المعمارية بجامعة 6 أكتوبر أن ما يُعرف في علم “المصريات” بزاوية “المسيح”، وهي الزاوية التي تصل بين قمة هرم “خوفو” الأكبر وموقع “حائط المبكى” اليهودي- موقع هيكل اليهود المقدس في مدينة “القدس” القديمة، من أسس الأفكار التي يتخذها الفكر الصهيوني لتعضيد أفكاره الخرافية بأن اليهود لهم إسهامات في بناء الأهرامات المصرية، إحدى عجائب الدنيا السبع.
الجدير بالذكر أن بعض علماء الغرب يدعون أن الهرم الأكبر في الجيزة تم الترميز داخله للتنبؤات مثل خروج موسى من مصر، وصلب المسيح، بداية الحرب العالمية الأولى، والتأسيس الحديث لدولة إسرائيل في عام 1948م، وأيضا بعض الأحداث المستقبلية بما في ذلك بداية معركة هرمجدون.
وتلك التنبؤات تتم باستخدام ما يسمونه “بوصة الهرم” لحساب مرور الوقت، وهي المعروفة فلكيا بالبوصة البريطانية وهي تمثل واحدة تساوي سنة شمسية.
يقول الباحث إن الزواية التي يدعي العلماء الأجانب أنها زواية المسيح ما هي إلا تجسيد فلكي لمسار الملك المتوفى، ولا دخل لها من بعيد ولا قريب بالمعتقدات الصهيونية التي تزعم أنها تمثل تقويما لحياة اليهود في مصر القديمة، ولا بالتنبوءات المزعومة عن الأحداث العالمية المستقبلية.
وأول من كتب عن تلك الزاوية هو المستكشف الإيطالي تشارلز بيازي سميث عام 1864م، حيث ادعى المسكتشف الإيطالي للزاوية الرأسية التي يميل بها الممر الصاعد من حجرة الدفن السفلية داخل هرم “خوفو” الأكبر عروجاً من أسفل قاعدته إلى مدخله الرئيسي، وذلك في حالة إذا ما أخذت تلك الزاوية الرأسية على مستوى أفقي قياساً من قمة هرم “خوفو” الأكبر وارتكازاً على محور الشرق الحقيقي، كما يقول الباحث في دراسته.
ويضيف عوض أنه من حيث توطين ضلعها الأول على محور الشرق الحقيقي من مركز الهرم الأكبر ثم رسم ضلعها الثاني باتجاه عكس عقارب الساعة نحو محور الشمال الشرقي بمقدار ذات الزاوية الرأسية للممر، فينتج بتلك الوضعية والقياس الربط بين قمة هرم “خوفو” الأكبر مع موقع “حائط المبكى” ومربط هيكل اليهود المقدس في مدينة “القدس” القديمة عن طريق امتداد الضلع الثاني لتلك الزاوية الأفقية.
وهي التصورات التي وضعها الإيطالي تشارلز في أفكاره، والتي اعتنقها كافة الباحثين الأجانب من بعده مثل الباحثين (إي. رايموند) و(إف. إس. سكوت)، الباحثين في المعهد الأثري الأمريكي، وذلك في كتابهما “شفرة الهرم الأكبر ومقدمة في علم الأهرامات”، الصادر سنة 1971 م عن مؤسسة “أرتيسان”.
وأوضح أحمد عوض في بحثه أن طول الممر الصاعد من حجرة الدفن السفلية داخل هرم “خوفو” الأكبر مقاساً بالبوصات الهرمية يمثّل تقويما زمنيا للتاريخ اليهودي وأحداثه الجسام، بل ويمكن اعتباره سجلا زمنيا قادرا على التنبؤ بمستقبل الشعب اليهودي القريب والبعيد، بحسب المعتقدات اليهودية. وذلك عن طريق اعتبار كل بوصه من طول ذلك الممر تمثل سنة من عمر الأمة اليهودية، بداية من مولد نشأتها إلى خاتمة نهايتها المستقبلية. وقد استند تشارلز في فرضيته تلك على دلالات زاوية “المسيح”، وربطها بين هرم “خوفو” الأكبر وموقع هيكل اليهود المقدس.
ويضيف عوض “يتبين لنا أن الممر الرئيسي الصاعد من الحجرة السفلية داخل الهرم الأكبر- ممر “زاوية المسيح” – ما هو إلا تجسيد رمزي لمسار الملك المتوفى ذهاباً إلى موقع شروق الشمس ومعبودها “رع”، حتى يرافقه إلى الخلود الإلهي في عنان السماء، حيث تم تدشين الزاوية الرأسية لعروج الممر الرئيسي للهرم بذات الزاوية الأفقية التي تشرق عليها الشمس قياساً على محور الشرق نحو اتجاه الشمال الشرقي، وذلك في يوم عيد ظهور المعبود “حور”، وعيد عثور المعبود “شو” لعين “حور” بين يدي المعبود “ست” وأخذه للعين منه، وعيد ظهور المعبود “رع”، وعيد جميع المعبودات الموافق 19 من شهر “يوليو” الموافق أول أيام السنة المصرية القديم.
وأضاف أنه باستخدام برنامج “الحاسب الآلي” في تحديد تلك الحسابات الفلكية لحركة الشمس إبان فترة حكم الملك “خوفو”، نجد أن دلالات الزاوية الرأسية للممر الرئيسي للهرم الأكبر- والتي نعتت بـ”زاوية المسيح”- هي دلالات فلكية ذات مرجعية دينية من صلب العقيدة المصرية القديمة، ولا صلة لها بما تم تأويله في المزاعم الصهيونية بتجسيدها لمسار خروج اليهود الأقدمين من مصر القديمة.
وأكد أن “متون الأهرام” جمعت في مؤلف واحد نفس التصور عن العالم الآخر للملك المتوفى، كما ورد بشكل متفرق في كتاب الموتى وكتب العالم الآخر، كما أن مفهوم رحلة الملك المتوفى من الموت إلى إعادة الميلاد والبعث من جديد تناولته “متون الأهرام”، بحيث يتطابق مع الرحلة اليومية الليلية لمعبود الشمس، التي تبدأ من الغروب وتستغرق ثلاث مراحل، وهي التي جسدتها الزواية التي ادعى العلماء الأجانب أنها تجسيد لزواية المسيح المترابطة مع الهيكل في القدس القديمة دون أسس علمية وتاريخية واقعية.
المصدر: