رغم محاولات التهدئة التي يبذلها السياسيون الأتراك، لم تتوقف تقارير وسائل الإعلام التركية، التي تتحدث عن اقتراب تدخل عسكري تركي كبير في المنطقة الحدودية مع سوريا بهدف لجم تقدم قوات الاتحاد الديمقراطي ،وهو الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني بعد اتهامه بارتكاب عمليات تطهير عرقي في مدينة تل أبيض التي استولى عليها مؤخرا وسعيه لإنشاء ممر كردي لقوات
الحزب على الحدود الجنوبية لتركيا وهو ما تخشى تركيا أن يؤدي إلى إقامة كيان كردي يهدد حدود البلاد .
وكانت صحيفة “ييني شفق” المقربة من الحكومة التركية قد أعلنت عن قرب اجتياح تركي لشمال سوريا بغية “إقامة منطقة عازلة تمتد لمسافة 100 كيلومترا، ويبلغ عمقها ثلاثين كيلومترا مؤكدة أن الهدف من هذه العملية هو “حماية الحدود” لا غير.
من جانبها نقلت صحيفة “لوفيجاريو” الفرنسية ضمن تقرير لها عن الموضوع ،عن الصحفي الفرنسي المختص في ملف تنظيم الدولة، “نيكولا هينين”، قوله إن الجدل الدائر في تركيا بشأن القضية ،يبدو بمثابة حملة لتهيئة الرأي العام لتقبل قرار فعلي بالتدخل العسكري إذا اضطرت السلطات التركية لاتخاذه.
وفي مقال تحليلي حمل عنوان “هل ستقدم تركيا حقا على غزو سوريا؟”، قالت مجلة النيوزويك الأمريكية إن تدخلا عسكريا في سوريا ظل لفترة طويلة أمرا غير مرحب به شعبيا ،وذلك خشية أن يؤدي إلى نقل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” نشاطه إلى داخل تركيا أو حتى إشعال مناطق النزاع مع الأكراد جنوب شرق البلاد ، لكن المجلة تقول إن المتغيرات الحالية ،ربما جعلت تركيا أكثر تحمسا للفكرة خاصة مع تكبيد قوات الحماية الكردية خسائر ل”داعش” تحت غطاء طيران التحالف ،وهو ما أحيا مخاوف تركية من إمكانية سعي الأكراد إلى اقامة دولة على الحدود التركية.
ويرى محللون إن المتغيرات التي ربما تدفع للتدخل التركي ربما لا تقتصر على ما يحدث على أرض الصراع ،إذ يرون أن واشنطن على ما يبدو نجحت في تغيير قناعات تركيا، فيما يتعلق بأولوياتها إذ كان الهدف الأول المعلن لأنقره منذ تفجر الصراع السوري هو اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وقد سعت أنقره مرارا إلى أقناع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بتوسيع عملياته لتطال أيضا قوات الرئيس السوري وشرطت مشاركتها التحالف بحدوث ذلك، وهو ما مثل نقطة خلافية في علاقتها بالولايات المتحدة لكن التطور الأخير جعل تركيا على ما يبدو تعيد حساباتها وتغلب أمنها القومي على أولويتها المعلنة بإسقاط بشار الأسد وفق ما يقول محللون.
من جانب آخر تقول صحيفة لوفيجارو الفرنسية إن بشار الأسد، وبعد أن انتهى إلى استحالة محاربته لجبهتين في آن واحد، تعهد بمنح الأكراد ما يسعون إليه من استقلالية وحكم ذاتي، شرط أن يقوموا بمحاربة تنظيم الدولة شمالي سوريا.