لكل أمة علماؤها الذين أثروا الحياة وأصبحوا علامات بارزة تهدي إلى الحق والخير والجمال والمعرفة.
تمر السنون وتتعاقب الأزمان، ويظل حملة مشاعل التنوير هداة لكل الأجيال الواعية، التي ترغب في التقدم والرقي، وتنشد الرفعة.
من هؤلاء الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة، ولا ينساهم التاريخ لأن آثارهم باقية تحيا وتزهر وتثمر، رفاعة الطهطاوي (15 أكتوبر 1801-27 مايو 1873)، ذلك الأزهري الذي سافر في بعثة إلى باريس ليتعلم العلوم الحديثة، لكنه لم يكتف بذلك، فكان عينا راصدة واعية لما حولها، ولم تغره وتبهره المدنية وتجرفه إلى الضياع.
ركب موجها العاتي وأبحر بسفينة العلم إلى شط بلاده، مدونا ملاحظاته في كتابه “تخليص الإبريز في تلخيص باريز”، لكي ينفذه عندما يعود من البعثة.
وعندما عاد، عرب الدواوين وأنشأ مدرسة الألسن، وجعل اللغة العربية هي لغة تدريس العلوم.
شارك الطهطاوي في وضع كتب لمناهج التدريس وفنون الحياة والتعامل والتربية، وكتب المقالات، وأنشأ مكاتب لمحو الأمية، وساعد في تعليم الجنود، ونشر آراءه وأفكاره في كتب ومقالات، وقام بتنفيذها عمليا، فكان معلما ومنظرا وكاتبا ومترجما وناشرا للثقافة أكاديميا وإعلاميا.
المصدر: وكالات