تعتبر الصين مثالاً يحتذى به فى مشروع الأسر المنتجة، فشرارة انطلاق التنين الأصفر بدأت منها ومازالت مشتعلة بفضل الاهتمام بتلك التجربة، وإن سألت أحد المسافرين إلى الصين ما أكثر ما أعجبك سيحدثك بسرعة وبدون تفكير، الصناعة.
فهناك يصنعون كل شىء، فالأسرة الصينية تعتبر مصنعاً متكاملاً، فتجربة الصين تجربة رائدة وفريدة من نوعها استطاعت تخليص ربع سكانها من دوامة الفقر والبطالة بتوظيف العنصر البشرى توظيفاً صحيحاً من خلال تنفيذ البرامج التدريبة للكوادر الشبابية وإرسال بعثات تعليمية إلى الدول المتقدمة للاستفادة من تقدمها العلمى والتكنولوجى، فاستطاعت الصين تحقيق معجزة اقتصادية كبرى فى فترة وجيزة بالرغم من أن عدد سكانها يتجاوز 1,4 مليار نسمة واستطاعت من خلال المشروعات الصغيرة والقروض طويلة الأجل أن تحد من مشكلة البطالة فحولت منازل الصينيين إلى ورش صغيرة مما ساعدها على تخفيض تكلفتها الانتاجية، وبالتالى رفع القدرة التنافسية فى الأسواق، تجدر الإشارة إلى أن دولة الصين هي التي اخترعت البارود، والبوصلة، والورق، والطباعة، وغزل الحرير، والخزف وغيرها من المواد منذ قديم الزمان، وظلت الصين حتى عام 1978 تصنف على أنها دولة فقيرة اقتصادياً، حيث دخل الفرد متدن جداً وكذلك مجمل ناتجها المحلي ومعدل نموها الاقتصادي.
أما الاستثمار الأجنبي فلم يكن له وجود في الصين قبل عام 1978، وكذلك إسهامها في مجمل التجارة العالمية كان لا يتناسب مع حجمها. إلا أن مقولة الرئيسى الصينى تجسد التوجه فى الحصول على التكنولوجيا ورؤوس الأموال التي تحتاجها الصين من أجل نهضتها «ليس المهم لون القط أبيض أم أسود.. مادامت القطة تصطاد الفأر فهي قطة جيدة»
بدأت الصين سياسة الاصلاح عام 1978 وذلك بدعم الأسر الفقيرة القاطنة بالريف والتى بدأت فى إنتاج الحرير وحول هذه التجربة تقول د. نادية حلمى الخبيرة بالشئون الصينية واستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات والعلوم السياسية جامعة بنى سويف: «يلعب الانتاج المنزلي أو إنتاج الأسر المنتجة دوراً كبيراً في الصين، وهو يضيف كثيراً من الانتاج في القطاع غير الرسمي من الاقتصاد.
وتعتمد غالبية المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر على المنزل والأسر المنتجة داخل البيت في الصين بصورة أو بأخرى، فإما أن المشروع يتم بالكامل داخل المنزل، أو أن الإنتاج يتم داخل المنزل، ثم يتم تسويقه خارجه، أو أن صاحب المشروع ينطلق من منزله إلى مكان تقديم الخدمة، تضيف نادية: أن أفراد الأسرة الصينية (كالزوجة أو الزوج مع الأبناء) يشاركون بطريقة أو بأخرى في عمليات الانتاج، أو التسويق أو الإعداد أو التدبير، أو الدعم للمشروع.
وتعطي الصين أهمية لهذه المشروعات المنزلية التي تدور في فلك المشروعات الكبيرة وتزودها بسلع وقطع إنتاجية وخدمات صغيرة، لكنها مفيدة، وهى مكلفة للمشروعات الكبيرة، إن حاولت إنتاجها، ولكنها ذات تكلفة أقل إن تم إنتاجها بالمنزل» وتكمل د.نادية حديثها عن تلك النهضة الصينية: يعتبر دعم إنتاج الأسر المنتجة في الصين للحرير الطبيعي من أرقى الأنسجة المصنعة من الألياف الطبيعية والتي تلقى إقبالاً كبيراً من المستهلك في جميع دول العالم، ويقدر الإنتاج العالمي من الحرير الخام بحوالي 100000 طن خلال عام 1999، وتعتبر الصين أكبر الدول المنتجة حيث يصل إنتاجها إلى حوالي 75% من الإنتاج العالمي، فالإنتاج المنزلي ونشاط الأسر المنتجة في الصين هو عبارة عن النشاط الاقتصادي الذي يشترك فيه أفراد العائلة، تحت إشراف رب (أو ربة) الأسرة، ويوجه إلى السوق، وهذا التعريف لم يركز على طبيعة المنتجات، بل ركز على طبيعة العمل باعتباره نشاطاً اقتصادياً، حيث يعتبر عمل المرأة وأبنائها من قبيل المساهمة الاقتصادية، باعتبار أن هذا العمل يضيف قيمة جديدة على الخامات وأدوات الإنتاج، ويلاحظ في التعريف، وجود عنصر رئيسي هو رب العمل، حيث أنه نفسه رب الأسرة (أو ربة الأسرة)، باعتباره هو المهيمن على العملية الإنتاجية، كما يتضمن التعريف وجود سوق يوجه إليه الإنتاج، سواء كان ذلك السوق هو عبارة عن الجيران، أو الحي، أو أماكن متفرقة في البلدة، أو المدينة المجاورة، أو أصحاب أعمال وأرباب صناعات أكبر حجماً، ويلاحظ أن السوق قد يكون ثابتاً أو متنقلاً في الصين، وقد يكون في الحي، أو الأحياء المجاورة، وقد يكون في الريف أو الحضر، وتشرح د. نادية مشروعات الأسر قائلة: يعتبر العمل في مجالات إنتاج الحرير من الأنشطة الاقتصادية الزراعية الصناعية التي تحقق عائداً مجزياً في الصين، كما أنه يتيح العمل في مشروعات إنتاج الحرير الفرصة لجذب فئات جديدة خاصة شباب الخريجين والأسر المنتجة والمرأة الريفية لإقامة مشروعات صغيرة بهدف زيادة عدد المربين من جهة وزيادة الإنتاج وتحسين جودته من جهة أخرى بالإضافة إلى توفير فرص عمل.
المصدر: الوكالات