قال رئيس الوزراء الليبى عبد الله الثنى إنه “حرص منذ تسلم مهام منصبه على استعادة علاقة بلاده مع روسيا وتوطيدها بحيث تصبح علاقات مفيدة تعود بالنفع على الدولتين مثلما كانت فى السابق”، لافتا فى حوار خاص لوكالة “سبوتنيك” الروسية قبيل بدء زيارته إلى موسكو اليوم الثلاثاء، أنه من المقرر أن يعقد الشهر القادم مؤتمر اقتصادى فى مصر لدعوة المستثمرين بالكامل لإعادة الاعمار فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة الليبية الشرعية”.
وأشاد الثنى – فى – بمواقف روسيا الثابتة فى العديد من القضايا المطروحة فى المجتمع الدولى، داعيا إلى مساندة موسكو لبلاده من أجل رفع حظر التسليح عن الجيش الليبى لمواجهة موجة التنظيمات الإرهابية التى تضرب بعض المناطق الليبية. ولفت رئيس الوزراء الليبى عبد الله الثنى إلى أن علاقات ليبيا مع روسيا تعود إلى سبعينيات القرن الماضى التى شهدت روابط قوية بين الجانبين خاصة فى مجال التسليح والمجالات الاقتصادية والتجارية، مؤكدا أن بلاده كانت تعتمد بشكل كامل على روسيا.
وأوضح الثنى أنه خلال زيارته لموسكو سيعيد النظر فى بعض العقود التى وقعت فى عهد النظام السابق عام 2008، مشيرا إلى أن هناك عقودا وقعت عليها روسيا الاتحادية مع النظام السابق سيتم تفعيلها، داعيا الشركات الروسية والمستثمرين الروس للمشاركة فى إعادة إعمار ليبيا، وأكد حاجة بلاده إلى شركات البناء وصيانة المطارات والموانئ لإعادة بناء وتأهيل وتطوير البنى التحتية للبلاد.
وحول زيارته لروسيا الاتحادية وأسبابها، قال رئيس الوزراء الليبى عبد الله الثنى إن “روسيا دولة عظمى وعلاقات ليبيا معها فى سبعينيات القرن الماضى كانت علاقات قوية خاصة فى مجال التسليح وفى مجالات اقتصادية عدة، وكان اعتماد دولة ليبيا بالكامل على روسيا ومنذ استلام مهامنا سعينا بشكل أو بآخر إلى إعادة تلك العلاقة وتوطيدها بحيث تصبح علاقات مفيدة، كما كانت فى السابق، وتتمتع روسيا بثقل ووزن كبيرين فى المجتمع الدولى وبمواقف ثابتة لا تتبدل، وبخلاف بعض الدول التى تتغير مواقفها حسب المصالح، نرى ثباتا فى مواقف الروس التى لا تتغير بغض النظر عما ينتج عن ذلك الموقف من تداعيات، حتى لو كانت لا تصب فى ميزان مصالحهم الاقتصادية، فهناك ثبات رؤية واضح سواء لدى روسيا أو الصين”.
وأضاف الثنى: “لذلك نحن فى ظل هذه الظروف التى تعيشها ليبيا، نود أن تعمل روسيا الاتحادية، تلك الدولة العظمى، على إعادة استقرار ليبيا وإعادة قدراتها العسكرية، وهذا هو السبب الرئيسى لهذه الزيارة”. وفى رده على سؤال حول ما تحتاجه الحكومة الليبية من موسكو كى يعم الأمن والاستقرار فى البلاد، قال رئيس الوزراء الليبى “أولا نريد دعم موسكو لنا فى المحافل الدولية، خاصة فى مسألة رفع حظر السلاح على ليبيا.. وأنتم تعلمون أنه منذ مارس 2014، لم تسمح لنا لجنة العقوبات الدولية بتوريد الأسلحة والعتاد إلى ليبيا، ونحن نقاتل ضد مجموعات إرهابية تهدد أمن البلد واستقراره، وإذا لم يتم رفع حظر التسليح، فبماذا يتم قتال تلك المجموعات الخارجة عن القانون سواء كانت داعش أو أنصار الشريعة أو بوكو حرام أو تلك المجموعات التى تخرج عن سلطة الدولة؟”.
وقال رئيس وزراء ليبيا: “لابد أن يكون هناك قوة رادعة، ولابد من بناء مؤسسات الدولة من الجيش والشرطة، ونسعى إلى الحصول على دعم فى المحافل الدولية حتى نتمكن من إعادة تسليح الجيش الليبى خاصة أن كل سلاحنا شرقي، فتسليحنا شرقى وتقريبا 90% من سلاحنا روسى الصنع”. وأضاف الثنى: “سنعيد النظر فى بعض العقود التى وقعت منذ النظام السابق عام 2008، هناك عقود وقعت عليها روسيا الاتحادية مع النظام السابق، سنعيد النظر بما يخدم مصلحة كلا الطرفين، سيكون هناك نظرة فيما يخص الاقتصاد وسيكون برفقتى وزير الاقتصاد ووزير الكهرباء ووزير النفط وسنبحث هذه الملفات بالكامل وسيكون معنا الوزير المكلف بوزارة الدفاع لبحث هذه الملفات، ونائب رئيس الوزراء لشئون الأمن حتى نعرض احتياجات وزارة الداخلية، نحن لدينا عقد تم التوقيع عليه فى الماضى وسنحاول تفعيله”. وتابع أن “التعديلات ستشمل كل العقود، كل شيء مطروح، كل شيء قابل للتوقيع والتعديل بما يخدم مصالح الطرفين”.
وحول التعاون العسكرى الليبى – الروسي، قال إن “التعاون العسكرى كان فى أوجه بكل ما تعنى الكلمة، وكان السلاح كل تسليحه شرقيا، خاصة من روسيا، ولم نتسلح من الدول الغربية، دوراتنا وتأهيل ضباطنا، كل دوراتنا العليا والقيادية كانت فى موسكو ولينينغراد، فثلاثة أرباع ضباط الجيش الليبى مؤهلون فى روسيا سواء كانوا رجال مدفعية أو طيران، فالطائرات المتوافرة لدى الجيش الليبى من طراز “سوخوى 21 و23 و35″، كلها منظومات روسية، وكذلك القطع البحرية، وبالتالى سيكون هناك تعاون وطيد، حتى المشاريع الاقتصادية الأخرى، كشبكات السكك الحديدية والتنقيب عن النفط واستكشافه وإنتاجه، والتعاون مع شركات نفطية، كلها ستكون أمورا مطروحة مع المسئولين الروس”.
وأشاد رئيس الوزراء الليبى بتصريحات مندوب روسيا الأخيرة فى مجلس الأمن والتى كانت لمصلحة الوقوف لدعم ليبيا ضد الإرهاب.. وقال إن “هناك تغيرا فى السياسية الروسية لمصلحتنا، ونود أن نستغل هذه الزيارة لتأكيد هذا الدور لأنه حقيقة لن يتم تحقيق الاستقرار ما لم تكن هناك قوة عظمى تقف وراءنا خاصة فى مجلس الأمن والمحافل الدولية”. وأضاف أن “ليبيا الآن تغيرت استراتيجيتها حيث كانت فى الماضى بقيادة حاكمها السابق تقوم بزعزعة أنظمة معينة فى دول الجوار.. أما الآن، فالشعب الليبى لديه رغبة فى بناء نظام ديمقراطى يمارس حقه فى تداول السلطة داخل بلاده، وسنتعاون مع كل الدول التى ستساعدنا على تحقيق الأمن ومحاربة الإرهاب داخل الأراضى الليبية”.
وفى رده على سؤال حول إمكانية أن تسمح ليبيا بتدخل دولى لمحاربة التنظيمات الإرهابية.. قال رئيس وزراء ليبيا: “نحن نطلب دعما لوجيستيا وجويا لتوجيه ضربات لمواقع الإرهابيين، نتيجة لاحتياجنا إلى تدخل جوي، لكننا لا نتمنى أن يكون هناك تدخل برى داخل الأراضى الليبية، لأن الشعب الليبى قادر على حماية أراضيه ومقدراته”.
وردا على سؤال حول رغبة ليبيا فى مساعدة عسكرية من الدول العربية فى الحرب ضد الإرهاب، وهل أبدت أية دولة عربية استعدادها للتدخل عسكريا فى ليبيا لمواجهة الإرهابيين، قال الثنى: “هذا المشروع مطروح على طاولة اجتماع رؤساء الأركان للدول العربية فى الشهر المقبل وسيتم تدارسه، بكل تأكيد القوة العربية هدفها الأساسى تحقيق الاستقرار على مستوى العالم العربي، وأى دولة يتعرض أمنها واستقرارها للتهديد سيكون لهذه القوة الدور الفاعل فى تحقيق الأمن والاستقرار بها على مستوى العالم العربى”.
وحول المدن التى يمكن البدء فى إعمارها فى ليبيا، قال رئيس الوزراء الليبى إنه “يمكن البدء بالإعمار فى الشرق الليبى بالكامل، ففى الشهر القادم هناك مؤتمر اقتصادى سيعقد فى مصر لدعوة المستثمرين بالكامل لإعادة الاعمار فى المناطق التى تسيطر عليها الحكومة الليبية الشرعية، خاصة الشرق الليبى بالكامل والجنوب الليبى بالكامل حيث يبسط الجيش سيطرته عليهما، كما أن هناك بعض المدن فى الغرب تحت السيطرة بالإمكان البدء فيها، خاصة المناطق التى تتمتع بأمن واستقرار ولا ينتشر فيها جماعات خارجة عن القانون، وتحمل السلاح ويمكن أن تهدد أمن الشركات المساهمة فى إعادة الإعمار”.
وحول الشركات الروسية التى سيطلب منها أن تعمل بشكل فورى فى ليبيا خلال زيارته لموسكو، قال “حقيقة نحن نحتاج إلى شركات عدة متخصصة فى كثير من المجالات؛ كشركات إعادة الإعمار، وصيانة المطارات والموانئ، علاوة على إعادة بناء البنى التحتية”. وفيما يتعلق بإمكانية نجاح الحوارات السياسية التى تستضيفها الأمم المتحدة فى المغرب، قال الثنى “نتمنى من الله أن يتوصل الحوار إلى طريق توافقي، وأن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية فى ليبيا حتى تسلم زمام الأمور للسلطة التى ستأتى بعدنا، لكى يتحقق الأمن والاستقرار فى ليبيا ونخرج من هذا المأزق والانقسام فى المجتمع الليبي، اللذين يدفع ثمنهما المواطن الليبى البسيط فى أنحاء ليبيا كافة”.
المصدر:وكالة أنباء الشرق الأوسط