اطلع على أي دليل سياحي عن كوبا أو شاهد أي فيلم عن هافانا العاصمة، وعلى الأغلب ما ستراه هو سيارات أمريكية كلاسيكية.
هذه السيارات الأيقونية تستخدم للأغراض اليومية في العاصمة الكوبية، مشهد لا يمكن أن تراه في أي بلد آخر. فوجود السيارات الكلاسيكية ذات ألوان قوس القزح أصبح دافعا يجذب السياح، وهي تختلط مع سيارات “اللادا” السوفيتية والسيارات الصينية الحديثة التي تملأ شوارع المدينة.
ويقدر عددها بستين ألف سيارة صنعت في الولايات المتحدة في أواخر الخمسينيات، ومازالت تستخدم في الزمن الذي يقوم فيه الأميركي العادي اليوم بتغيير سيارته بمعدل مرة كل أربع سنوات.
لكن، ما سبب الاحتفاظ بهذه السيارات وكيف تسير بعد كل هذه السنوات؟ لتحري ذلك قررت القيام بجولة في هافانا مع ريني ريموس والذي قال إنه ورث سيارة الدودج كورونيت “كشف” موديل 58 عن جده.
يقول ريموس إن “السياح – والكثير من الكوبيين الأمريكيين – يحاولون إقناعه ببيع السيارة لهم”، ويتابع “لا أريد أن أبيع هذه السيارة أبدا، هناك من عرض على 60 و70 ألف دولار، لكنني أرفض دائما”.
وريموس هو ميكانيكي كان يعمل لدى الحكومة كما هو حال ثلاثة أرباع الكوبيين، لكن شعبية سيارته مع السياح دفعته إلى ترك وظيفته.
فالآن هو يصطف أمام الفنادق، كالنحل حول الأزهار، يحوم السياح حوله لأخذ جولة في هذه السيارة الأيقونية بمبلغ 30 دولارًا في الساعة.
هكذا التقيت أنا بريموس الذي سمح لي بتصوير جولتنا التي شملت السفارة الأمريكية القديمة و(المستقبلية)، ومبنى مجلس الشعب (تحت الترميم)، وحي الصينيين “تشايناتاون”، إذ يقول ريموس “تشايناتاون الوحيدة التي تخلو من الصينيين”، فضلا عن فندق الناشونال العريق الذي بناه أمريكيون في العشرينيات ومن ثم استولت عليه الحكومة الكوبية بعد الثورة.”هنا كانت لوس فيجز ملعب الأمريكيين”، قال ريموس مشيرا بإصبعه إلى الفندق الواقع قرب البحر “ولكن الثورة أنهت كل شيء”.
ريموس يقول إنه يعشق السيارات القديمة ذات الألوان المتنوعة ويقارنها بالسيارات الحديثة التي يقول إنها تُشعر بالملل حين تنظر إليها.
يقول أيضًا إنه يفرح عندما يدهش السواح من أن السيارة لا زالت تعمل، ويضيف أن “السيارات الأمريكية القديمة هي مصدر اعتزاز بالنسبة لنا نحن الكوبيين، وتمثل سعة الحيلة لدينا. ففي مثل هذه السيارات قطع غيار روسية وصينية تمثل موهبتنا وذكاءنا”.
التاريخ الذي أبقى على هذه السيارات يعود إلى الثورة الكوبية، فعندما استولى فيديل كاستروا على السلطة عام 1959، منع الكوبيين من شراء سيارات من الخارج بدون إذن حكومي. أما الحصار الأميركي الذي لحق ذلك عام 1961، فمنع تصدير المنتجات الأمريكية، من ضمنها السيارات إلى كوبا. والآن تفرض الحكومة الكوبية ضرائب باهظة على السيارات الجديدة، كما أن الحصار الاقتصادي الذي ما زالت تفرضه الولايات المتحدة يرفع سعر قطع الغيار أيضا.
يصف ريموس المشهد كالتالي “هناك سيارات جديدة تأتي حاليا، لكن إلى غاية السبعينيات لم تكن هناك أية سيارات أخرى. وفي ذلك الحين كانت سيارات الحكومة فقط، وربما تحصل عليها لو كنت مغن أو رياضي مشهور، أما في السبعينيات فأصبحت سيارات اللادا تأتي من الاتحاد السوفيتي”.
يقول ريموس إن العناية بالسيارة ليس أمرًا سهلا، بل مكلفا، و يتمنى أن يجلب الانفتاح مع الولايات المتحدة ليس فقط قطعا للغيار، بل سواحا يقدرون هذه السيارات.
المصدر : وكالات