تسائلت صحيفة “وول ستريت جورنال”الأمريكية اليوم الإربعاء، عن احتمالية أن يغيير بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مساره هذا العام ويرفع أسعار الفائدة بعد سلسلة التخفيضات العام الماضي بالإضافة إلى إمكانية اعترافه بأن تخفيضات الفائدة التي قام بها بما في ذلك التخفيض الذي تم الشهر الماضي، كانت خطأ؟ وهل يمكنه التراجع عن هذه السياسة ورفع الفائدة مرة أخرى .
وأشارت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها عبر موقعها الإلكتروني- إلى أن المستثمرين بدأوا في التفكير في هذه الاحتمالية وعلى الرغم من أن الأسواق لا تتوقع رفع الفائدة هذا العام، حيث تشير عقود الفائدة المستقبلية إلى أن الفرصة ضئيلة للغاية، إلا أن الموضوع أصبح محل نقاش واسع.
وذكر التقرير أن هذا النقاش ليس فقط حول ما إذا كان الاقتصاد الأمريكك سيظل قوياً أو إذا كانت السياسات الجديدة لإدارة ترامب في مجال التعريفات والهجرة والضرائب ستؤدي إلى زيادة التضخم، بل يتعلق أيضاً بسؤال أعمق بالنسبة للمستثمرين، هل العوائق أمام رفع الفائدة أقوى من تلك التي تواجه خفض الفائدة؟ أو بعبارة أخرى، هل يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مزيد من الأدلة لرفع الفائدة مقارنة بما يحتاجه لخفضها؟
وتظهر التجارب التاريخية أن بنك الاحتياطي الفيدرالي عادة ما يحب الإشارة إلى التغييرات الكبيرة مسبقًا ويأخذ وقتًا طويلاً للتأكد من أنه على صواب قبل
البدء في رفع الفائدة.
ومنذ أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في إصدار بيانات السياسة بعد الاجتماعات في عام 1994 قام فقط مرة واحدة بتغيير السياسة من خفض الفائدة إلى رفعها في أقل من عام وكانت تلك المرة استثنائية حيث تم تخفيض الفائدة في أواخر عام 1998 بسبب
فشل شركة إدارة رأس المال طويلة الأجل التي كانت تهدد بانهيار بورصة وول ستريت وبمجرد أن أصبح من الواضح أن الأمور ستكون على ما يرام، بدأ البنك في رفع الفائدة مرة أخرى ولكن حتى في هذه الحالة استغرق الأمر سبعة أشهر لتغيير المسار؛ على الرغم من التضخم السريع في فقاعة الدوت كوم.
ومع ذلك، يعتقد البعض أن البنك المركزي الأمريكي قد تعلم من استجابته الباهتة للصدمات التضخمية في عامي 2021-2022، وأنه قد يتصرف بسرعة أكبر إذا كان هناك تهديد بعودة التضخم.
ويعتقد المستثمرون أن هناك عقبة أكبر أمام رفع الفائدة فقد يفكرون في شراء سندات الخزانة قصيرة الأجل التي تستحق خلال سنة أو ربما سنتين؛ فالفكرة البسيطة هي أنها صفقة رابحة-رابحة، فإذا سارت الأمور على ما يرام في الاقتصاد، سيقاوم بنك الاحتياطي الفيدرالي أو يؤجل رفع الفائدة، لذا لن يتغير شيء كثير وستجمع العوائد.
أما إذا سارت الأمور بشكل سيئ، سيقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة وترتفع أسعار السندات.
ويمكن للمستثمرين أيضًا تعديل الصفقة لتكون مع سندات ذات تاريخ استحقاق أطول مثل خمس سنوات، مما يظل مرتبطًا بأسعار الفائدة التي يحددها بنك الاحتياطي الفيدرالي وبالتالي يتيح فرصًا أكبر لتحقيق أرباح ولكن هناك مخاطر في تلك الاحتمالية مثل مخاوف تمويل الحكومة لإصدار مزيد من السندات بدلاً من الأوراق المالية قصيرة الأجل أو القلق من أن يحدث زيادة العجز في الميزانية.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن الأسواق المالية نادرًا ما تقدم فرصًا بدون مخاطر، فالخطر الرئيسي هو أن يتبين أن التوقعات خاطئة ويقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة؛ لكن الأكثر احتمالًا هو أن يبقى المركزي الأمريكي على سياسته الحالية بينما يبدأ المتداولون في الاستعداد لرفع الفائدة، مما يؤدي إلى بيع سندات الخزانة، كما حدث مؤخرًا مع السندات طويلة الأجل.
واختتمت (وول ستريت جورنال) بأن هناك مؤشرات مبكرة تظهر احتمالية رفع أسعار الفائدة، حيث تشير الخيارات المتعلقة بمعدل التمويل الليلي المؤمّن (SOFR) إلى فرصة بنسبة 35% لرفع الفائدة بنهاية العام، وفقًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، مقارنة بـ 30% بعد تخفيض الفائدة في ديسمبر؛ ورغم أن رفع الفائدة لا يزال بعيدًا عن التوقعات، فإن السوق يرى الأمر نفسه، فإذا بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في الحديث عن رفع الفائدة فقد تشهد الأسواق رد فعل قوية قبل أي تغيير فعلي.
المصدر : أ ش أ