أكد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، أن النيران تستعر في الشرق الأوسط وتكاد تنقله إلى الجحيم، فالأوضاع في لبنان ساءت وتتحول من سيئ إلى أسوأ.
وقال جوتيريش، في كلمته خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط اليوم الأربعاء، : “منذ أسبوع قدمت إحاطة إلى مجلس الأمن حول الحالة المقلقة في لبنان وقلت إن الخط الأزرق يشهد توترات منذ سنوات ولكن اتسعت نطاقها وحدة تبادل النيران منذ أكتوبر 2023”.
وأضاف: “أكدت خلال الإحاطة أن تبادل النيران شبه اليومي بين حزب الله من جهة والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى تشكل انتهاكات متكررة لقرار مجلس الأمن 1701، وأيضًا الاستخدام اليومي للأسلحة من قبل المجموعة المسلحة من غير الدولة في لبنان إنما ينتهك قراري مجلس الأمن 1559 و1701″، مشددًا على ضرورة حماية سيادة لبنان وسلامة أراضيه وضرورة بسط سلطة الدولة اللبنانية على كل الأسلحة الموجودة في لبنان”.
وأشار إلى أنه في الأيام القليلة الماضية رأينا تصعيدًا كبيرًا إلى درجة تدفع إلى التساؤل ما الذي بقى من الإطار الذي أسس له هذا المجلس من خلال القرار 1701، منوهًا بأن القوات الإسرائيلية شنت ضربات جوية متواصلة على كل لبنان بما في ذلك على بيروت.
وقال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة: “إن الولايات المتحدة وفرنسا بدعم من الدول الأخرى اقترحت وقف إطلاق نار مؤقت يسمح باعادة إطلاق المفاوضات ورفضت إسرائيل هذا المقترح ورفعت من حدة ضرباتها بما في ذلك قصف مقر حزب الله بما أدى إلى مقتل قائده”.
وأضاف جوتيريش: “واصل حزب الله ضرباته بالصواريخ على إسرائيل، حيث شنت قوات الدفاع الإسرائيلي أمس ما سمته بعمليات التوغل المحدود في جنوب لبنان، وبقيت قوات حفظ السلام (اليونيفيل) في أماكنهم ولا يزال علم الأمم المتحدة يرفرف على الرغم من طلب إسرائيل بنقلهم”، معربًا عن امتنانه للأعضاء المدنيين والعسكريين في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) والدول المساهمة بقوات”، مشددًا على ضرورة ضمان أمن وسلامة كل العاملين في الأمم المتحدة.
وتابع: “يدفع المدنيون ثمنًا باهظًا وهذا أمر أدينه بأشد العبارات، فمنذ أكتوبر الماضي قتل أكثر من 1700 شخص في لبنان بمن فيهم أكثر من 100 طفل و194 إمرأة، ونزوح أكثر من 346 ألف شخص من بيوتهم إلا أن تقديرات الحكومة هى أكثر من مليون شخص وهناك 128 ألف شخص أخرون سوريين ولبنانيين عبروا الحدود نحو سوريا”.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة حشدت كل قدراتها لتوفير المساعدات الانسانية الطارئة إلى لبنان وأطلب من المجتمع الدولي أن يمول طلبنا بالشكل الكامل، منوهًا بأنه منذ السابع من أكتوبر قتلت اعتداءات حزب الله على اسرائيل 49 شخصا مما أدى الى نزوح 60 ألف شخص من بيوتهم.
وقال إنه من الضروري للغاية تفادي اندلاع حرب كاملة في لبنان، حيث إن تبعاتها ستكون كبيرة ومدمرة، مضيفًا أنه منذ أكتوبر الماضي شنت إسرائيل أكبر حملة عسكرية فتاكة ومدمرة في غزة، وقد تواصلت معاناة الشعب الفلسطيني في غزة ووصلت إلى حدود لا يمكن تخيلها.
وأشار إلى أن الوضع في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية لا يزال يتردى بسبب العمليات العسكرية الاسرائيلية وبناء المستوطنات وعمليات الاجلاء وتواصل اعتداءات المستوطنين مما يقوض حل الدولتين.
ولفت جوتيرش إلى أن ما حدث في الأسبوع الماضي والعام الماضي يوضح أنه آن الأوان لوقف إطلاق النار فورًا في غزة مع إطلاق سراح فوري وغير مشروط لكل الرهائن وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فعال للفلسطينيين في غزة وإحراز تقدم نحو حل الدولتين.
وأكد آنه الأوان لوقف الأعمال العدائية في لبنان واتخاذ تدابير فعلية لضمان التنفيذ الكامل لقراري مجلس الأمن 1559 و 1701 بما يعبد الطريق للجهود الدبلوماسية ويضمن السلام المستدام.
بدوره، دعا مندوب فرنسا بمجلس الأمن نيكولاس دي ريفيير إيران إلى الامتناع عن اتخاذ أي تدابير قد تؤدي إلى تقويض الاستقرار في المنطقة بشكل إضافي.
وأكد ضرورة وضع حد للتصعيد في المنطقة الذي يفاقم انعدام الاستقرار وانعدام الأمن والذي يقع ضحيته المدنيون، مشددًا على أن الوضع في لبنان خطير، حيث إن العمليات العسكرية تتفاقم وتوغلت القوات الإسرائيلية بريًا في لبنان في انتهاك لسيادته، مشيرًا إلى أن فرنسا تعارض أي عملية إسرائيلية برية في لبنان وتدعو إلى وقف الاعتداءات العشوائية بحق المدنيين.
وقال مندوب فرنسا إنه لا بد من ضمان وقف اطلاق النار في أسرع وقت ممكن في لبنان، مما يمهد الطريق نحو تسوية دبلوماسية للنزاع، مؤكدًا أنه لا بد من إعادة سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتنفيذ القرار 1701 بشكل كامل.
كما أكد ضرورة وقف اطلاق النار بشكل فوري ودائم في غزة بما يضمن وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين واطلاق سراح الرهائن واستئناف المفاوضات بما يضمن تنفيذ حل الدولتين بشكل فعال.
وشدد على أهمية احترام القانون الدولي الإنساني، قائلاً إنه آن الأوان أن يتحد مجلس الأمن وأن يتحدث بصوت واحد لخفض التصعيد في المنطقة.
من جانبه، أكد مندوب لبنان في مجلس الأمن هادي هاشم أن لبنان اليوم يواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة وهو بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، لافتًا إلى أن لبنان تستضيف مليوني نازح سوري ونصف مليون لاجىء سوري وفي نفس الوقت لديها حوالي مليون نازح لبناني داخلي وهذه سابقة يصعب تكرارها.
وأضاف هاشم، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن، أن لبنان نبهت لخطر النزوح واللجوء وها قد وصلنا اليوم إلى كارثة انسانية مع مليون نازح داخلي منهم الآلاف على الطرقات دون مأكل أو مشرب أو دواء.
وأوضح هاشم أنه من هنا وجوب المساعدة لمواجهة هذه الكارثة وقد تم إطلاق يوم امس بالتعاون مع الأمم المتحدة نداءً عاجلاً بقيمة 426 مليون دولار للاستجابة لهذه الكارثة الإنسانية.
وقدم هاشم الشكر لكل من ساهم في المساعدة من دول صديقة وشقيقة ومن وكالات الأمم المتحدة، داعيًا جميع الجهات الفاعلة والدول إلى المشاركة في المساعدة.
وقال هاشم إن تاريخنا مع إسرائيل تخلله اجتياحات متعددة أعوام 1978، 1982، 2006 وكل هذه الاجتياحات والاحتلالات التي نجم عنها تدمير كبير وقتل لآلاف المدينيين انتهت جميعها باندحار إسرائيل وانسحابها وتراجعها، والاجتياح اليوم سوف تكون نتيجته هزيمة أخرى تضاف إلى سجل إسرائيل مع لبنان.
وتابع: “أرض الجنوب تعرف أبناءها وأهلنا في الجنوب متجذرين في أرضهم وشجرة الزيتون التي احرقتموها بالفسفور الأبيض سوف تنبت وتزهر وتثمر من جديد وهذه الأرض الطاهرة سوف تلفظ كل محتل مهما طال زمن احتلاله”.
وبشأن الوضع في فلسطين، قال هاشم إن الوضع في فلسطين مرشح للاستمرار بالتفاقم والتدهور وزيادة منسوب القتل والدمار والعنف مالم تطبق القرارات الدولية خاصة 2735 حول حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية.
وحمل هاشم مجلس الأمن الدولي مجتمعًا مسؤوليته لمنع انفجار الشرق الاوسط برمته والخروج من هذا النفق المظلم.
المصدر : أ ش أ