قبل شهرين من موعد إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقررة فى نوفمبر المقبل، عادت الولايات المتحدة لتوجيه اتهامات إلى روسيا بالتدخل لتضليل الناخبين لتتصدر المشهد السياسى الأمريكي.
حيث أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن عن اتخاذ إجراءات ضد مواقع إلكترونية روسية، واتهمت اثنين من العاملين بها بالتآمر، ووصفت وكالة أسوشيتدبرس هذه القرارات بالجهود الأكبر على الإطلاق لمواجهة ما تقول الإدارة الأمريكية أنه محاولات من قبل موسكو لنشر التضليل المعلوماتي قبل الانتخابات.
وفي لائحة اتهام تم الإعلان عنها مساء الأربعاء، قالت وزارة العدل الأمريكية إن شركة لصناعة المحتوى الإعلامى، لها صلة بستة من الشخصيات المؤثرة من المحافظين بينهم شخصيات مشهورة فى الولايات المتحدة مثل تيم بول ودايف روبين وبينى جونسون، قد تم تمويلها سرا من قبل موظفين فى مؤسسة إعلامية تابعة للحكومة الروسية لنشر مقاطع فيديو باللغة الإنجليزية، والتي تتسق غالبا مع اهتمام الكرملين بتضخيم الانقسامات الداخلية الأمريكية من أجل إضعاف معارضة واشنطن للمصالح الروسية مثل الحرب فى أوكرانيا.
وأشارت أسوشيتدبرس إلى أن هذه هي الانتخابات الرئاسية الثالثة على التوالي التي تكشف فيها السلطات الأمريكية عن تفاصيل “مشحونة سياسيا” عن محاولات روسيا التدخل فى السياسة الأمريكية، وهو الاتهام الذى يشير إلى الكيفية التي ربما حاولت بها موسكو الاستفادة من الشعبية الصاعدة بقوة للمؤثرين على السوشيال ميديا من اليمين ممن استطاعوا أن يؤسسوا مسيرات مهنية ناجحة فى السنوات التي أعقبت وجود الرئيس السابق دونالد ترامب فى المنصب.
وتقول وكالات الاستخبارات الأمريكية إن روسيا تفضل أن يعود ترامب إلى البيت الأبيض، وأن موسكو تظل التهديد الأساسى للانتخابات، رغم التحقيقات التي يجريها FBI بشأن حدوث اختراق من قبل إيران هذا العام استهدف حملتى المرشحين الديمقراطى والجمهورى فى انتخابات الرئاسة.
إلا أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، قال فى تصريحات الخميس، خلال كلمة ألقاها الجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي في فلاديفوستوك، إن الانتخابات تمثل خيار الشعب الامريكى، مشيرا إلى أن الرئيس الحالى جو بايدن كان اختيارا تدعمه روسيا، وهو قام باختيار نائبته كامالا هاريس لخلافته فى الترشح، لهذا فستحول روسيا اختيارها نحوها.
وقال وزير العدل الأمريكي ميريك جارلاند إن رسالة وزارة العدل واضحة، وهى أنها لن تتسامح مع أى محاولات من قبل “أنظمة سلطوية” لاستغلال أنظمتنا الداخلية للحكم.
ومن بين القضايا التي كشفت عنها وزارة العدل اتهامات لموظفين من شبكة “أر تى” الروسية بالتمويل السى لشركة صناعة محتوى فى ولاية تينيسى بحوالي 10 مليون دولار لنشر مقاطع فيديو باللغة الإنجليزية على منصات السوشيال ميديا بما فى ذلك تيك توك ويوتيوب برسالة مؤيدة لمصالح الحكومة الروسية وأجندتها بما فى ذلك الحرب فى أوكرانيا.
ويقول المدعون إن نحو ألفين من مقاطع الفيديو التي أنتجتها الشركة قد حققوا أكثر من 16 مليون مشاهدة على يوتيوب وحده. ووجهت وزارة العدل اتهامات لكل من كوستيانتين كلاشنيكوف وإيلينا أفاناسييفا، اتهامات بالتآمر لارتكاب جريمة غسيل الأموال وانتهاك قانون تسجيل العملاء الأجانب، وقالت إنهما هاربان حاليا.
وتقول وزارة العدل إن الشركة لم تكشف عن تمويلها من قبل RT وأنها ومؤسسيها لم يسجلوا كما يقتضي القانون كوكيل لمدير أجنبي.
وبعد هذه القرارات، حاول المشاهير الذين ارتبطت أسمائهم بالشركة التنصل منها، وقالوا إنهم كانوا “ضحايا” لعملية تضليل معلوماتى من قبل روسيا.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية من جهتها، فرض قيود على منح تأشيرات دخول إلى الشركة الأم المالكة لـ RT فضلا عن فروع أخرى لهذه الشركة، وعرضت مكافأة قد تصل إلى عشرة ملايين دولار للحصول على معلومات حول تدخلات في الانتخابات الأمريكية.
وأشارت الخارجية الأمريكية أن مجموعة من القراصنة الإلكترونيين الروس حاولوا التأثير في الانتخابات الأمريكية، مضيفة إلى أن محاولات بعض الأطراف الروسية التأثير على مؤسساتنا الديمقراطية جاءت بدعم من الكرملين.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية بدورها عقوبات 10 أشخاص ومؤسستين فى روسيا، 0 أشخاص وكيانين، قالت إنهم ينشطون في محاولة “تقويض” العملية الانتخابية منذ مطلع 2024، وأنهم يستخدمون أدوات متنوعة، ترتبط بالذكاء الاصطناعي التوليدي والتزييف العميق ومعلومات مضللة، ناهيك عن محاولة تجنيد المؤثرين الأمريكيين دون علمهم.
وسبق أن اتهمت وكالات الاستخبارات الامريكية روسيا باستخدام التضليل المعلوماتى لمحاولة التدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016، وتعكس الخطوات الجديدة التي تم الإعلان عنها عمق هذه المخاوف، وفقا لأسوشيتدبرس.
من جانبها، ردت المتحدثة باسم الخارجية الروسيا ماريا زاخاروفا على الاتهامات الأمريكية، وقالت إن هجوم الولايات المتحدة على المؤسسات الإعلامية الروسية هو جزء من حملة مدروسة جيدا لأجهزة المخابرات من أجل “تعقيم الفضاء المعلوماتى الوطنى من اى مظاهر للمعارضة”.
وصرحت زاخاروفا للصحفيين قائلة إن هذه الأفعال المدروسة جيدا تخلق بشكل واضح خلفية إعلامية لتنفيذ قرارات الحملة.
المصدر: وكالات