رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن قرار المملكة المتحدة بحظر تصدير بعض الأسلحة إلى إسرائيل يعكس بحث الحلفاء الغربيين عن سبل للضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة وتحولًا ملحوظًا في الدعم الدبلوماسي.
وأعلنت الحكومة البريطانية عن حظر 30 من أصل حوالي 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرةً إلى المخاوف من احتمال استخدام بعض الأسلحة بما يتعارض مع القانون الدولي الإنساني. ويشمل الحظر أجزاءً لطائرات F-16 المقاتلة والطائرات المسيرة.
ورغم أن بريطانيا ترسل كمية قليلة نسبياً من الأسلحة إلى إسرائيل مقارنةً بالموردين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة وألمانيا، فإن هذه الخطوة تعكس تحولًا ملحوظًا في الدعم الدبلوماسي – على حد قول الصحيفة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن بريطانيا قامت بضبط نهجها بعناية لضمان عدم التأثير على قدرة إسرائيل الدفاعية، فما زالت تسمح بتصدير المعدات المستخدمة في الغواصات والتدريبات، مما يدل على أن الحظر مصمم لمعالجة مخاوف محددة دون التأثير على الدفاعات الإسرائيلية بشكل واسع.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الخطوة تعكس شعورًا متزايدًا بين الحلفاء الغربيين الذين يبحثون عن طرق للضغط على إسرائيل لإنهاء النزاع في غزة، بينما يوازنون بين مصالحهم الاستراتيجية والدبلوماسية.
ويقترح المحللون أن تحرك بريطانيا قد يكون سابقة لدول أخرى، مما قد يزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية، حيث يشير نيف جوردون، أستاذ قانون حقوق الإنسان في جامعة كوين ماري بلندن، إلى أنه عندما تتخذ دولة حليفة مهمة مثل بريطانيا مثل هذه الخطوات، فإن ذلك يمكن أن يؤثر على سمعة إسرائيل الدولية ويكون له تأثير الدومينو على الحلفاء الآخرين.
وندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقرار بريطانيا واصفًا إياه بـ”المخزي”، ومن ناحية أخرى، ترى الجماعات المؤيدة لفلسطين أن الحظر لا يكفي وأنه نتيجة لتسوية سياسية بدلاً من محاولة حقيقية لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن قرار بريطانيا قد يكون له تداعيات أوسع. فقد سبقت بريطانيا في الماضي عندما كانت أول دولة تقدم صواريخ كروز بعيدة المدى إلى أوكرانيا، مما دفع حلفاء آخرين لاتباع الخطى نفسها. وبالمثل، قد يشجع هذا الحظر دولًا أخرى على إعادة تقييم دعمها العسكري لإسرائيل.
ويعتقد المحللون أن تحرك بريطانيا يرسل رسالة بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية تفقد دعم حلفائها الغربيين، مما قد يضغط على إدارة بايدن لإعادة النظر في موقفها.
ويأتي تحرك بريطانيا في وقت تحث فيه الدول الغربية بشكل متزايد إسرائيل على السعي إلى هدنة. وبينما لم تفكر الولايات المتحدة في قطع إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل، أعرب الرئيس بايدن عن استيائه من النزاع المستمر في غزة وتساؤله عما إذا كان نتنياهو يبذل ما يكفي لتأمين هدنة.
وأعلنت دول غربية أخرى، بما في ذلك إسبانيا وإيطاليا وكندا، أيضًا عن قيود على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، على الرغم من أن هذه القيود غالبًا لا تؤثر على العقود الحالية أو الدعم غير القتالي.
وأوضح وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن الحكومة اعتبرت أن هناك فرصة لاستخدام الأسلحة المصدرة في انتهاك القانون الإنساني كسبب رئيسي للحظر الجزئي. وانتقدت الحكومة البريطانية معالجة إسرائيل للمعتقلين وفشلها في زيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة كأسباب رئيسية للحظر الجزئي. ومع ذلك، طمأن وزير الدفاع البريطاني جون هيلي إسرائيل بدعم بريطانيا في حالة تعرضها للهجوم.
وتحت قيادة رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر، تأخذ بريطانيا موقفًا أكثر صرامة، تحت تأثير ضغوط الناخبين وقلق متزايد بشأن النفوذ المحدود على تصرفات إسرائيل في غزة. ولقد تخلى ستارمر عن خطط سابقة، دعمتها الحكومة المحافظة السابقة، لتحدي حق المحكمة الجنائية الدولية في طلب مذكرة توقيف ضد نتنياهو واستأنف التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، رغم تعليق التمويل في البداية.
وأظهر استطلاع حديث أن الدعم البريطاني لوقف إطلاق النار في غزة ينمو، حيث أيد 74% من البريطانيين مثل هذه التدابير و58% دعموا حظر الأسلحة على إسرائيل. كما أن حزب العمال، الذي لديه قاعدة تصويتية كبيرة من المسلمين والمؤيدين لفلسطين، واجه انتقادات من رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي يرى أن السياسة الجديدة ستعزز حماس.
المصدر: أ ش أ