رأت صحيفة الجارديان البريطانية أن محادثات وقف إطلاق النار في غزة “في الرمق الأخير”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو المسؤول عن ذلك.
وذكرت الصحيفة، في مقال رأي نشرته اليوم ، أن الولايات المتحدة تقدم مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليار دولار إلى إسرائيل ، مما يعني أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لديه نفوذ لفرض إبرام صفقة لوقف إطلاق النار في غزة، لكنه يرفض استخدامها.
وقالت الصحيفة إن بايدن يبذل جهدا أخيرا لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي كان يدفع به منذ شهور. لكن بايدن وإدارته لن يذكروا ويخجلوا من أكبر عقبة أمام التوصل إلى اتفاق: بنيامين نتنياهو، الذي حاول لعدة أشهر عرقلة الاتفاق بالتراجع وإضافة شروط جديدة، مما دفع مسؤولي الأمن الإسرائيليين إلى اتهامه بتخريب المفاوضات للبقاء في السلطة.
ومنذ انهيار الهدنة التي استمرت أسبوعًا بين إسرائيل وحماس في الأول من ديسمبر الماضي ، استثمر بايدن كل جهود إدارته تقريبا في إحياء وقف إطلاق النار. ولكن بايدن يرفض فرض أي ثمن على نتنياهو بسبب عناده وإطالة أمد الصراع.
فمنذ شنت إسرائيل حربها الوحشية على غزة قبل عشرة أشهر، فشل بايدن في استخدام أكثر أدوات القوة فعالية تحت تصرفه: حجب مليارات الدولارات من شحنات الأسلحة الأمريكية، وحرمان إسرائيل من الغطاء السياسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وغيره من الهيئات الدولية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه حتى مع تسريب المسؤولين الأمريكيين سرا أن بايدن غاضب من نتنياهو لكذبه عليه بشأن رغبته في تأمين وقف إطلاق النار، تواصل إدارة بايدن إرسال شحنات ضخمة جديدة من الأسلحة إلى إسرائيل.. وافقت وزارة الخارجية الأمريكية هذا الأسبوع على مبيعات أسلحة جديدة بقيمة 20 مليار دولار، وتشمل عشرات الطائرات المقاتلة من طراز إف-15 والمركبات التكتيكية والصواريخ، فضلا عن عشرات الآلاف من قذائف الهاون وخراطيش الدبابات المتفجرة.
وأوضحت الجارديان أن هذه واحدة من أكبر عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة وسيتم تمويلها في الغالب من دافعي الضرائب الأمريكيين.
وأشارت إلى أن واشنطن هي بلا شك، أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، إذ تقدم لها مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليار دولار.
وأكدت الصحيفة أنه مع هذا المستوى من الاعتماد الإسرائيلي على المساعدات العسكرية الأميركية، ينبغي لبايدن أن يتمتع بنفوذ كبير على نتنياهو، ولكن بايدن يتشبث ب”سياسة فاشلة” تتمثل في محاولة ممارسة النفوذ من وراء الكواليس على نتنياهو وحلفائه المتطرفين.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو تحدى بايدن باستمرار – ومع ذلك فإن الرئيس الأمريكي لن يتهم نتنياهو بعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح أكثر من مائة شخص ما زالوا محتجزين لدى حماس منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ويحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي إطالة أمد حرب غزة لتجنب الانتخابات المبكرة، التي من المرجح أن يخسرها حزب الليكود الذي يتزعمه ، والتحقيقات المتعددة في إخفاقات حكومته الأمنية التي أدت إلى هجمات أكتوبر.
وأضافت الصحيفة ، أنه إذا أجبر على التنحي عن السلطة، فسوف يواجه نتنياهو أيضا محاكمة طال انتظارها بتهمة الفساد والرشوة الناجمة عن فترة سابقة كرئيس للوزراء. وعلى الرغم من اهتمام نتنياهو بالتشبث بالسلطة وانتقاد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين لتكتيكاته التفاوضية، فقد بذلت إدارة بايدن قصارى جهدها لتجنب إلقاء اللوم على نتنياهو لعرقلة وقف إطلاق النار.
وأضافت الصحيفة أنه مع استمرار الولايات المتحدة وحلفاء غربيين آخرين في توفير الأسلحة التي تدعم آلة الحرب الإسرائيلية، لم يكن لدى نتنياهو حافز كبير لوقف إراقة الدماء. وبدلا من ذلك، قام بتصعيد الصراع في الأسابيع الأخيرة، مما يخاطر باندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا يمكن أن تشمل إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران.
وأكدت الصحيفة أن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لوقف إراقة الدماء في غزة وضمان عدم توسع الصراع إلى حرب إقليمية يمكن أن تتورط فيها إيران والولايات المتحدة. ولكن بما أن نتنياهو لم يواجه خسارة الدعم الأمريكي أو عواقب أخرى لعدوانيته، فليس لديه حافز كبير للموافقة على هدنة أو الامتناع عن الهجمات التي تزعزع استقرار المنطقة.
وبحسب الصحيفة، حصل نتنياهو حتى الآن على كل ما يريده من خلال إطالة أمد الحرب والهروب من اللوم من إدارة بايدن لتأخير اتفاق وقف إطلاق النار. وبعد أن وافقت الإدارة على صفقات أسلحة جديدة بقيمة 20 مليار دولار هذا الأسبوع، يشير بايدن إلى أنه سيستمر في إرسال الأسلحة إلى إسرائيل بغض النظر عما يفعله نتنياهو.
واختتمت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أنه منذ انسحاب بايدن من السباق الرئاسي الأمريكي الشهر الماضي، لم يعد يخاطر بدفع ثمن سياسي لكبح جماح نتنياهو وإسرائيل، مؤكدة أن الرئيس الأمريكي بإمكانه أخيرا أن يقف في وجه نتنياهو وينقذ خطة وقف إطلاق النار التي تنهي عشرة أشهر من التواطؤ الأمريكي.
المصدر: أ ش أ