أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في هجوم ألقي باللوم فيه على إسرائيل، مخاوف من اندلاع نزاع إقليمي أوسع نطاقاً، وأدى إلى تهميش المحادثات الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة عشرة أشهر في غزة.
ومنذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، والذي أثار رداً انتقامياً مدمراً، عملت قطر كوسيط مهم مع الحركة الفلسطينية المسلحة. وكان هنية يقيم في الدوحة.
ومع مصر والولايات المتحدة، قادت قطر لأشهر محادثات خلف الكواليس بهدف تأمين الوصول لهدنة ثانية، بعد توقف للقتال لمدة أسبوع في نوفمبر عندما تم إطلاق سراح عشرات الأسرى الإسرائيليين والأجانب في مقابل معتقلين فلسطينيين.
لكن في الساعات التي أعقبت مقتل هنية في طهران، شكّك رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في نجاح المحادثات المستقبلية. وتساءل على منصة “إكس”: “كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟”.
أين تقف المحادثات ؟
قبل مقتل هنية، اتهمت حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتأخير وقف إطلاق نار ممكن في غزة.
وفي وقت التقى وسطاء مصريون وقطريون وأمريكيون مفاوضين إسرائيليين قبل أسبوع في روما، قالت حماس إن إسرائيل قدمت شروطاً جديدة للتوصل إلى اتفاق في خطوة تشكل تراجعاً عن موقفها السابق.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد حدد في أواخر مايو ما سماها مبادرة إسرائيلية لهدنة وإطلاق سراح الأسرى، وأصبحت هذه المبادرة أساساً للمحادثات اللاحقة.
وأيد مجلس الأمن الدولي هذا الإطار التفاوضي، لكن إسرائيل قالت إن قيادة حماس هي التي عقّدت الاتفاق ونفت أن تكون قد أدخلت تغييرات على مسودة الخطوط العريضة.
وأفاد موقع “أكسيوس” الإخباري الأمريكي ، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، أن المحادثات الأخيرة توقفت، مشيراً إلى أنها انتهت بدون تحقيق تقدم ولم يكن المفاوضون القطريون حاضرين.
وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط أندرياس كريج، وهو محلل عسكري ومحاضر أول في الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن: “حتى قبل مقتل هنية، لم تمنح الحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً نتنياهو، أي ثقة للوسطاء خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية”.
وأضاف أن “قتل هنية، والتصعيد في بيروت أيضاً، لا يشيران إلى أن إسرائيل مهتمة بصدق بوقف إطلاق النار”، في إشارة إلى اغتيال إسرائيل القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية الثلاثاء.
في الوقت نفسه، أوضح كريج أن مقتل القياديين الكبيرين في حركتي حماس وحزب الله وغيرهما في مراحل سابقة، يمثل فرصة لنتنياهو “لبناء رواية النصر واستخدام ذلك كفرصة لخوض محادثات وقف إطلاق النار” من منطلق مختلف.
و كاانتخب هنية زعيماً سياسياً لحماس في عام 2017، وكان الوجه الرئيسي للحركة الفلسطينية على الساحة الدولية.
في أعقاب السابع من أكتوبر، لعب دوراً حاسماً في المحادثات مع الوسطاء في قطر، حيث المكتب السياسي لحماس منذ عام 2012 بمباركة الولايات المتحدة.
وقال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية “كان هنية بالطبع المفاوض الرئيسي لكنه لم يكن قادراً على اتخاذ أي قرارات بدون موافقة الجميع من حوله”.
وأضاف هيلترمان : “كان هنية، بشكل ما، شخصية بمثابة جسر، وكان عملياً، وأراد إنجاز صفقة.. وبدا أنه يتصرف بحسن نية”.
ورأى كريج أن زعيم حماس السابق كان “قادراً على معالجة بعض الصعوبات أثناء عملية الوساطة وقد يكون ذلك عنصراً إيجابياً فُقد بمقتله”.
هل يؤثر الرد الإيراني على المحادثات ؟
تعهدت إيران والفصائل المسلحة المتحالفة معها في الشرق الأوسط، بالرد على عمليتي الاغتيال.
وقد انخرطت بالفعل الجماعات المدعومة من إيران في لبنان واليمن والعراق وسوريا في الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر بين إسرائيل وحماس في غزة.
وقال هيلترمان إنه في أسوأ السيناريوهات الممكنة ومع وقوع خسائر بشرية كبيرة في الجانب الإسرائيلي فإن “كل الرهانات ستصبح معطلة” بشأن استئناف محادثات الهدنة.
وأضاف: “ثم ندخل في حلقة خطيرة من التصعيد، وفي خضمها لن تكون هناك أي محادثات لإطلاق سراح الأسرى أو لوقف إطلاق النار”.
وفي رأيه أنه حتى في حال وقوع هجوم أقل خطورة، “فإذا كانت إسرائيل قادرة على تحمل ذلك وأقنعتها الولايات المتحدة بتحمله.. فإنه سيعطي نتنياهو سبباً إضافياً للمماطلة”.
من جهته، رأى كريج أن إحدى النتائج المحتملة للتصعيد في لبنان هي الضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات، وخصوصاً أنها “غير مستعدة لهذه الحرب”، وستحتاج إلى “تحرير الموارد التي أصبحت الآن محصورة في غزة”.
لكنه أضاف “على المدى القريب جداً.. خلال أغسطس على الأقل، أعتقد أن الوساطة والمفاوضات انتهتا على الأرجح”.