حذر خبير من أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية ستزيد من تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين، وستفاقم المخاوف من حجم المساعدة العسكرية الروسية لبيونج يانج.
وتعد رحلة بوتين، وهي الأولى له إلى كوريا الشمالية منذ سنة 2000، لفتة دبلوماسية للرد على تلك التي قام بها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون حين زار روسيا في سبتمبر 2023.
كتب زميل الأبحاث البارز في برنامج شمال شرق آسيا في مؤسسة هريتدج بروس كلينجنر في موقع “ناشونال إنترست” أن الطرفين قد يطوران علاقتهما العسكرية لتشمل تعهداً روسياً بالدفاع عن كوريا الشمالية.
وأضاف أن العلاقات الثنائية بين روسيا وكوريا الشمالية ضعفت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، لكن الحرب الأوكرانية أضفت أهمية جديدة على العلاقة، إذ قدمت كوريا الشمالية الدعم الدبلوماسي لروسيا وبدأت في شحن الذخائر.
وكانت رحلة كيم إلى روسيا في سبتمبر 2023، واجتماع القمة مع بوتين، اختراقاً في العلاقات الثنائية، وأكدا الوفاق العسكري والدبلوماسي المتنامي بين البلدين.
وزار كيم منشآت الإنتاج الروسية للأسلحة الجوية والبحرية والبرية، لكن لم يتم الإعلان عن أي صفقات عسكرية.
ومنذ ذلك الحين، شحنت كوريا الشمالية كميات هائلة من ذخائر المدفعية وعشرات من أحدث صواريخها الباليستية قصيرة المدى إلى روسيا.
وصرح وزير الدفاع الكوري الجنوبي شين وون سيك مؤخراً أن كوريا الشمالية أرسلت 10 آلاف حاوية شحن أمكنها استيعاب 4.8 مليون قذيفة مدفعية لدعم روسيا.
ولا يزال غير واضح ما ستحصل عليه بيونج يانج مقابل سخائها العسكري.
وخلال العام الماضي، سافر كبار المسؤولين الروس والكوريين الشماليين بالإضافة إلى العديد من الوفود الاقتصادية والزراعية والتنموية إلى كل من البلدين، لكن تفاصيل أي مساعدة عسكرية روسية لكوريا الشمالية تبقى غير معروفة.
ويتكهن بعض الخبراء بأن موسكو قد توفر درة تاج التكنولوجيا العسكرية مثل تصميمات الرؤوس الحربية النووية أو مركبات إعادة دخول الغلاف الجوي، أو الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
مع ذلك، إن الأكثر احتمالاً حسب الكاتب، هو أن تقدم روسيا المساعدة التقنية أو الإنتاجية للأسلحة التقليدية المتطورة مثل الطائرات والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية وأقمار الاستطلاع العسكرية وتكنولوجيا الإطلاق.
واعتبر البعض أن إطلاق كوريا الشمالية أول قمر صناعي ناجح في نوفمبر الماضي كان نتيجة لنقل التكنولوجيا الروسية.
وأفادت كوريا الجنوبية أن عدداً كبيراً من الخبراء الروس سافروا إلى كوريا الشمالية بعد قمة سبتمبر 2023 للمساعدة في جهود الأقمار الاصطناعية التجسسية لكوريا الشمالية، وأن موسكو ربما قدمت الوقود الدافع للمرحلة الأولى لمركبة الإطلاق الجديدة التي أطلقتها بيونغ يانغ الشهر الماضي لكن بشكل غير ناجح.
وأضاف الكاتب الذي خدم 20 عاماً في وكالتي الاستخبارات المركزية والدفاعية أنه من غير المرجح أن ترسل روسيا أسلحة إلى كوريا الشمالية لأن موسكو تحتاجها في غزوها لأوكرانيا.
ولم يرجح أيضاً أن تعلن موسكو أو بيونج يانج عن أي نقل للتكنولوجيا العسكرية خشية أن يؤدي ذلك إلى فرض عقوبات من قبل المجتمع الدولي، لكن الزعيمين قد يعلنان تعزيزاً رسمياً لعلاقتهما العسكرية.
سنة 1961، وقع البلدان معاهدة صداقة ومساعدة متبادلة تضمنت بنداً يقضي بالتدخل العسكري التلقائي إذا تعرض أي من البلدين للهجوم. وانتهت المعاهدة سنة 1996 بعدما أقامت موسكو علاقات دبلوماسية مع كوريا الجنوبية، وفي سنة 2000، وقع البلدان اتفاقية تعاون ثنائية، لكنها لم تتضمن أي علاقة عسكرية.
وتشكل العلاقة المزدهرة بين روسيا وكوريا الشمالية خطراً على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في كل من أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وتمكنت بيونج يانج من تكثيف هجمات روسيا على أوكرانيا، بينما حصلت على فوائد اقتصادية تقوض فاعلية العقوبات الدولية.
وأي زيادة روسية للقدرات العسكرية لكوريا الشمالية، حتى فيما يتعلق بالأسلحة التقليدية، تزيد من المخاطر التي تهدد حلفاء الولايات المتحدة في اليابان وكوريا الجنوبية، وكذلك المخاطر على القوات الأمريكية المتمركزة هناك.
وسيعقّد تحالف عسكري رسمي بين روسيا وكوريا الشمالية خطط الحلفاء العسكرية للرد على هجمات أو غزو كبير لكوريا الشمالية، فضلاً عن احتمال تشجيع بيونج يانج على سلوك أكثر استفزازاً.
وتنحاز روسيا منذ فترة طويلة إلى كوريا الشمالية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما يحمي بيونج يانج من العقوبات الدولية الأكثر صرامة.
وفي وقت سابق من هذه السنة، نقضت موسكو قرار التجديد السنوي لمواصلة عمل فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة الذي يراقب انتهاك كوريا الشمالية لـ11 قراراً أممياً ضد البرنامجين النووي والصاروخي للنظام، وسيزيد إجراء موسكو صعوبة مراقبة الالتزام الدولي بالعقوبات المطلوبة.
وأدى ضعف تطبيق إدارة بايدن للقوانين الأمريكية ولعقوبات الأمم المتحدة إلى تقويض فاعلية العمل الدولي ضد الانتهاكات الكورية الشمالية المتكررة.
ودعا الكاتب ختاماً الولايات المتحدة إلى أن تطبق قوانينها بجدية أكبر وأن تقود تحالفاً دولياً لاستهداف بيونج يانج وشركائها بشكل شامل.
المصدر : وكالات