لا شك أن الخيال العلمي يلهم العلماء كثيرا، بحيث أن كثيرا من التقنيات والتكنولوجيا ظهرت أولا في أفلام ومسلسلات الخيال العلمي قبل أن تصبح واقعا شائعا، مثل الروبوتات واتصالات الفيديو والهواتف الذكية والأجهزة المحمول (تابلت) وغيرها.
ولكن الأخطر، هو ما عمل علماء سويديون مؤخرا على ابتكاره، ألا وهو “أول كمبيوتر حي”، حيث ابتكروا جهاز كمبيوتر مصنوع من أنسجة المخ البشرية، وهو الكمبيوتر الذي ظهر في كثير من الأفلام والمسلسلات العلمية، وفي كثير من الرسوم والكوميكس.
نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية مؤخرا، تحقيقا خاصا، حول أول “كمبيوتر حي” في العالم مصنوع من أنسجة المخ البشري.
وبحسب الصحيفة، فإن الكمبيوتر الحي يتألف من 16 جزءا عضويا، أو كتل من خلايا الدماغ التي تمت زراعتها في المختبر، والتي ترسل المعلومات فيما بينها، وهي تعمل بشكل يشبه إلى حد كبير شريحة الكمبيوتر التقليدية، حيث ترسل وتستقبل الإشارات من خلال خلاياها العصبية التي تعمل مثل الدوائر.
ولكن ما يجعلها مميزة هو أن “الآلة الحية” تستخدم طاقة أقل لأن الخلايا العصبية الحية يمكنها استخدام طاقة أقل بمليون مرة من المعالجات الرقمية الحالية المستخدمة حاليًا.
وعند مقارنته بأفضل أجهزة الكمبيوتر في العالم، مثل “هيولت باكرد إنتربرايز فرونتير”، وجد العلماء أنه بنفس السرعة وذاكرة أكبر بمقدار 1000 مرة.
يشار إلى أن الدماغ البشري يستخدم ما بين 10 إلى 20 واط – مقارنة بجهاز كمبيوتر يستخدم 21 ميغاوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن “الكمبيوتر الحي” تم تطويره من قبل علماء في شركة “فينال سبارك”، التي تركز على إيجاد حلول مع الشبكات العصبية البيولوجية.
وقال الدكتور فريد جوردان، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة فينال سبارك، وهي شركة ناشئة تركز على إيجاد حلول للشبكات العصبية البيولوجية، لموقع ديلي ميل: “هذه الفكرة شائعة في الخيال العلمي، ولكن لم يكن هناك قدر كبير من الأبحاث الحقيقية حولها”.
ووفقا للتقرير، يأخذ العلماء الخلايا الجذعية ويزرعونها لتشكيل ما يسمى “العضوانيات” (أي الأجزاء الصغيرة أو البسيطة للعضو) لمدة شهر تقريبًا حتى تشكل ميزات مثل الخلايا العصبية.
ولبناء وصنع الكمبيوتر الحي، تم استخدام ما يقدر بـ10000 خلية عصبية حية، يبلغ قطرها حوالي 0.5 ملم.
وللحصول على تدفق المادة الكيماوية، فإنه يتم تدريب الكائنات العضوية بجرعات من الدوبامين، وعندما تؤدي المهام بشكل صحيح، وعندها تحصل على تدفق من المادة الكيماوية كمكافأة.
يقوم العلماء بإدارة الدوبامين عن طريق تعريض منطقة معينة من عضوي الدماغ للضوء، مثلما يحدث في الدماغ البشري عندما يتم تنشيط منطقة معينة.
وتحيط بالأدمغة الصغيرة 8 أقطاب كهربائية تقيس النشاط في الأعضاء العضوية، ويمكن للباحثين إرسال تيار عبر القطب للتأثير على العصبون.
وتؤدي هذه الأقطاب الكهربائية دورًا مزدوجًا يتمثل في تحفيز الأعضاء العضوية وتسجيل البيانات التي تعالجها.
يتم أيضًا وضع الكائنات العضوية في حاضنة ميكروفلويديك تعمل كنظام سباكة صغير لكميات صغيرة من السوائل، مما يوفر العناصر الغذائية للخلايا، ويتم توفير العناصر الغذائية اللازمة لإبقائها على قيد الحياة.
تحافظ الحاضنة على الكائنات العضوية في درجة حرارة الجسم وتقوم بأتمتة تدفق وصيانة الوسائط الخلوية، مما يوفر بيئة مستقرة خالية من البكتيريا والفيروسات.
وتعيش الخلايا الموجودة في “الكمبيوتر الحي” وتموت خلال 100 يوم، وتتجمع معًا في بنية عضوية ثلاثية الأبعاد.
ولكنها تشبه تلك الموجودة في أدمغة الإنسان الحقيقي، ولها نشاط كهربائي مماثل.
ويقول العلماء “ستعيش الخلايا العصبية في دماغ الإنسان لمدة 80 عامًا تقريبًا، وستكون لديه نفس الخلايا العصبية عندما يموت كما كانت عند ولادته. نحن لسنا جيدين مثل الطبيعة في إبقائها (الخلايا العصبية) على قيد الحياة، لذا فإنه تعيش لمدة 100 يوم فقط”.
ولهذا ، يقوم العلماء فقط بزراعة عضويات جديدة لتحل محل تلك الميتة.
ووصف جوردان “الكمبيوتر الحي” بأنه “برمجيات رطبة” لأنه – مثل العقول البشرية الفعلية – يقع في مكان ما بين أجهزة الكمبيوتر (أي الرقائق التي تعالج المعلومات) والبرمجيات (البرامج التي تعمل على الأجهزة).
وقال جوردان: “نحن نسميها “برمجيات رطبة” – لا أعرف من ابتكر الكلمة – ولكن الدماغ يقع بين البرمجيات والأجهزة”.
“في أجهزة الكمبيوتر، يكون هناك فصل واضح، حيث تقوم بتشغيل برامج مختلفة على نفس الجهاز.. ولكن في دماغنا، لكي تتعلم أي شيء، عليك تغيير الأجهزة التي تقوم بالاتصالات العصبية فعليًا. لذلك نحن بحاجة إلى كلمة جديدة، وكلمة ’الأدوات الرطبة‘ تبدو منطقية لأن الخلايا تحتاج إلى بيئة رطبة للبقاء على قيد الحياة”.
المصدر : وكالات