افتتحت هولندا أمس الخميس انتخابات البرلمان الأوروبي التي تستمر أربعة أيام عبر بلدان الكتلة لاختيار 720 نائبا أوروبيا.
إلا أن كافة التوقعات تفيد حتى اللحظة بصعود اليمين المتطرف والقومي رغم انقساماته.
فبعد مرور قرابة عامين ونصف عام على بدء العملية العسكرية على أوكرانيا وفي وقت يكافح الاتحاد الأوروبي من أجل تأمين الأموال اللازمة لتعزيز صناعته الدفاعية، دعي 370 مليون أوروبي إلى صناديق الاقتراع في أجواء مشحونة، مع تأكيد الدول الرئيسية في الكتلة أنها عرضة لهجمات تضليل روسية.
وافتتحت هولندا أمس حيث بدأ الناخبون الإدلاء بأصواتهم عند الساعة السابعة والنصف صباحا (05,30 ت.ج)، هذه الانتخابات الماراثونية التي تنتهي الأحد، وهو اليوم الذي سيكون أبرز المصوّتين فيه مواطنو ألمانيا وفرنسا، أكبر قوتين اقتصاديتين في الكتلة.
فيما تقدم حزب من أجل الحرية (PVV) بزعامة اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، الفائز في انتخابات نوفمبر، في استطلاعات الرأي بهولندا.
ولو أنه تخلى عن تعهّده تنظيم استفتاء ملزم بشأن خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، يبقى برنامجه مشككا بشدة في جدوى المؤسسات الأوروبية. وقال فيلدرز أمس لدى مغادرته قاعة بلدية لاهاي حيث أدلى بصوته “نريد هجرة أقل، نريد تشديد قوانين اللجوء وسياساته، نريد أن نكون مسؤولين مجددا عن خياراتنا”.
وتعد هولندا من البلدان التي يتوقّع أن تتصدر الانتخابات فيها القوى القومية واليمينية المتطرفة وغيرها من القوى المشككة في الاتحاد الأوروبي.
وفي السياق، اعتبرت ناتالي براك، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بروكسل الحرة، أن خصوصية هذه الانتخابات لا تكمن في صعود اليمين المتطرف بل في “نوع من التطبيع” له.
كما أوضحت أن “فكرة التعاون مع بعض القوى اليمينية المتطرفة أصبحت شبه طبيعية، نظرا إلى وجود تحالفات على المستوى الوطني تشكَّلت مع اليمين المتطرف”، حسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
يشار إلى أن إحدى المهمات الأولى للبرلمان الجديد الذي ستظهر توجّهاته مساء الأحد، ستكون تأكيد أو رفض اختيارات “المناصب العليا” في الاتحاد الأوروبي، أي رؤساء المؤسسات في الكتلة الذين سيحاول زعماؤها الـ27 التوافق عليهم في القمة المقرر عقدها نهاية يونيو في بروكسل.
فبالنسبة إلى رئاسة المفوضية، لا تزال الألمانية أورسولا فون دير لايين التي تسعى للحصول على ولاية ثانية والمنتمية إلى حزب الشعب الأوروبي (يمين)، القوة الأولى في البرلمان الأوروبي، في وضع جيد.
لكن لا يمكن استبعاد حدوث مفاجأة في اللحظة الأخيرة في نهاية المفاوضات الليلية التقليدية في بروكسل، إذ إنه حتى لو اختيرت فون دير لايين من جانب زعماء الدول الـ27، يبقى عليها الحصول على دعم البرلمان خلال الجلسة العامة في ستراسبورغ منتصف يوليو وإلا ستتوجّب العودة إلى الصفر.
في حين اعتبر سيباستيان ميّار من معهد جاك دولور الفرنسي للبحوث “أنها أوقات عصيبة، ويجب التحرك بسرعة”، محذّرا من خطر فراغ القيادة.
كما أوضح أن “القدرة الأوروبية على تجسيد الديمقراطية وإيجاد تسويات والحفاظ على الحد الأدنى من التماسك في مواجهة بوتين وفي مواجهة الصين وفي مواجهة الرئيس الأميركي المستقبلي على المحك”، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر والتي قد تؤدي إلى عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وإذا تمكن “الائتلاف الكبير” الذي يضم المجموعات السياسية الكبرى الثلاث في البرلمان الأوروبي من الاحتفاظ بالغالبية، فإن هامش المناورة لديه قد يتقلص بشكل كبير، وقد يحتاج إلى قوى إضافية، ما يتطلب مفاوضات مكثفة.
ووفقا لاستطلاعات الرأي، فمن المتوقع أن يبقى حزب الشعب الأوروبي القوة السياسية الأولى يليه التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين.
لكن الرهان يكمن في معرفة من سيصل إلى المركز الثالث الذي تشغله حاليا كتلة “رينيو” أو “تجديد أوروبا” (التي تضم حزب النهضة بزعامة إيمانويل ماكرون) في ظل تراجعها وتهديدها من صعود كتلتين يمينيتين متطرفتين.
المصدر: وكالات