قبل أيام من إحياء ذكرى النكبة .. أكدت صحيفة الأيام الفلسطينية في مقال لها تحت عنوان ” في النكبة” على حق العودة وألا وطن غير فلسطين .. وقالت :
في نفس تلك الأيام قبل هذه السنين كان أجدادنا يتعرضون لأهوال النكبة، وكانت تباد البيوت فوق رؤوسهم وتدمر الحقول والبيارات ويركض القاتل في الشوارع وبين البساتين يلاحق الأطفال والشيوخ ليقتلهم بهمجية لم تمر في تاريخ البشرية.
لم تنجح النكبة في أن تزيلنا من تخوم الوعي العام، ولم نوجد في هذه البلاد لنموت، ولم نصنع من قطعة الأرض هذه بلاداً حتى نرحل عنها ولم نمنحها اسمها حتى ندع الغرباء يسرقونها، كما لم نمنح جغرافيتها الأسماء ولا علمنا طرقاتها المسير ولا نحن روضنا موج بحرها ولا نثرنا القمح في وديانها ولا زرعنا الزيتون فوق سفوح جبالها، ولا تسامرنا فوق كثيب رمالها حتى نتركها ببساطة لأن ثمة من أراد أن يسرقها منا. ولأنها جميلة ولأن اللصوص يسرقون الدرر.
إنها الحياة التي تجعل منا فلسطينيين، وتجعل فلسطين لا تشبه أحداً غيرنا ونحن لا نشبه غيرها.
أراد الغزاة أن نرحل. أن نفنى. أن ننتهي. أن نتبخر. لكننا بقينا رغم نكبتنا ورغم تهجيرنا. ظلت البلاد فينا أينما حللنا وظلت الجزء الأهم في التعريف على أنفسنا وفي توصيف حالنا.
الخيمة ليست قدرنا، والخيمة لن تعني لنا البيت مهما طالت المذبحة ومهما تواصلت المقتلة. الخيمة ستظل خيمة لا شيء آخر. الإشارة المؤكدة أن هذا الكابوس سيزول. لا نملك خياراً آخر إلا أن نظل في البلاد، نبقى حيث وجدنا نحرس حلم من ذهب منها ومن اضطرته النكبة لمغادرتها فيما يحرسون هم تخوم الحلم على عتبات الانتظار.
نظل نمسك بجمرة النار نفيق من الرماد ونحلق ثم نعود فالطيور لا تعرف إلا أعشاشها ونحن لا نعرف إلا البيت الذي نريد فنحن من سمينا العشرات من مواطننا باسم «بيت» من بيت لاهيا وبيت حانون إلى بيت داراس وصولاً إلى بيت لحم وبيت عفا وعشرات البيوت التي تعني بيتاً واحداً: فلسطين.
الآن وبعد ست وسبعين سنة ما زال أحفاد الغزاة الذين قتلونا في النكبة يواصلون ما بدأه أجدادهم بمحاولة اقتلاعنا من البلاد. لا يرحمون. وكما امتلأت أساطيرهم بدمنا ما زالت أيديهم تواصل قتلنا بكل ما يملك العالم من سلاح يهبهم إياه ونحن لا نملك من العالم إلا أضعف الإيمان في أحسن الأحوال، لكننا نمتلك إرادتنا وإيماننا بحقنا نرضعه من أمهاتنا ونتعلمه في أبجديات اللغة التي كان لأجدادنا الفينيقيين شرف تقديمها هبة للعالم، الآن وبعد كل هذا العمر ما زلنا نقول إننا عائدون لأننا لا نملك أي خيار آخر، ولأننا لا نريد أي شيء آخر.
نحب كل بلاد العالم لكننا نحب فلسطين أكثر من أن تحتمل الكلمة بكل لغات الأرض .
وكان حلمنا الفلسطيني هو ما جعل هذه البلاد بلاد الله، البلاد التي استوطنها الإيمان وترعرعت فيها كل تأملات الباحثين عن الخالق. إنها البلاد التي نريد وستكون كما أردناها دائماً.
المصدر: وكالات أنباء