ما يشبه الانتفاضة شهدته العديد من الجامعات العريقة في الولايات المتحدة ولا تزال، حيث ضجت باحتجاجات الطلاب الغاضبين، والمنتقدين لسياسة بلادهم في ملف غزة، ما استدعى تحركاً فورياً من السلطات، بعد أن دفعت بالشرطة إلى حرم الجامعات، وأوقفت ما يقارب 500 طالب.
فيما تمسك المتظاهرون في جامعاتهم بمطلب يتيم ألا وهو سحب الاستثمارات الإسرائيلية.
فقد انتشرت عشرات الخيام لمتظاهرين شباب يرتدون الكوفية، والعلم الفلسطيني، مطالبين بـ”سحب الاستثمارات” الإسرائيلية، وفقا لصحيفة “الغارديان”.
وغالباً ما تعتمد الجامعات على مصادر واستثمارات خارجية لتمويل أبحاثها والمنح الدراسية، وعادة ما تستثمر في شركات وأصول بديلة، مثل الأسهم الخاصة وصناديق الاستثمار.
ما يعني أن المحتجين يطالبون بمعنى آخر ببيع تلك الاستثمارات في الشركات، التي يرون أنها متواطئة في الحرب أو مقربة من إسرائيل وداعمة لها.
لكن الطلاب المحتجين الذين يطالبون بسحب الاستثمارات اختاروا أهدافاً متباينة.
ففي جامعة كولومبيا، طالبوا بإسقاط استثماراتها المباشرة في الشركات التي تمارس أعمالاً تجارية في إسرائيل أو معها، بما في ذلك أمازون وغوغل، والتي تشكل جزءاً من الإيرادات بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية.
كذلك مايكروسوفت، التي تستخدم خدماتها وزارة الدفاع الإسرائيلية والإدارة المدنية الإسرائيلية، ومقاولو الدفاع المستفيدون من الحرب مثل شركة لوكهيد مارتن، التي أعلنت يوم الثلاثاء أن أرباحها ارتفعت بنسبة 14%.
وبالمثل، دعا الطلاب في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل في جميع المجالات، كما فعلت المجموعات الطلابية في جامعة نيويورك.
في حين دفعت مجموعات أخرى، مثل تحالف العدالة التابع لجامعة ييل والمجموعات الطلابية في جامعة كورنيل، المسؤولين إلى إسقاط الاستثمارات في شركات تصنيع الأسلحة على وجه التحديد.
ويقام بعض منظمي الحرم الجامعي بدمج مطالب سحب الاستثمارات في الوقود الأحفوري، والتي أصبحت هدفا شائعا للنشاط داخل الحرم الجامعي على مدى العقد الماضي.
وعن هذا، أقام فرع منظمة Sunrise في كولومبيا فعالية “يوم استعادة الأرض” يوم الاثنين الماضي، في مخيم كولومبيا للفت الانتباه إلى العلاقة بين أزمة المناخ والحرب في غزة. شمل ذلك الانبعاثات الصادرة عن الطائرات والدبابات التي تستخدمها إسرائيل في الحرب، وكذلك تلك الناتجة عن صنع وإطلاق القنابل والمدفعية والصواريخ، ناهيك عن الدمار البيئي.
كما دعا ائتلاف العدالة في جامعة ييل، الذي يقود حملة سحب الاستثمارات من الشركات المصنعة للأسلحة، إلى سحب الاستثمارات في الوقود الأحفوري.
وتتمتع حركات سحب الاستثمارات بتاريخ طويل بين الناشطين الطلابيين في الولايات المتحدة.
ففي عام 1965، عقدت لجنة التنسيق الطلابية اللاعنفية، وطلاب من أجل مجتمع ديمقراطي، ومؤتمر المساواة العنصرية، اعتصاما في مدينة نيويورك لمطالبة بنك تشيس بوقف تمويل الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وطوال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، نجح العديد من منظمي الحرم الجامعي في الضغط على مدارسهم لقطع العلاقات المالية مع الشركات التي دعمت نظام الفصل العنصري، بما في ذلك جامعة كولومبيا، التي أصبحت أول جامعة في رابطة آيفي تفعل ذلك.
وفي الآونة الأخيرة، شهد دعاة سحب الاستثمارات في الوقود الأحفوري انتصارات كبيرة في الجامعات الأميركية، حيث التزمت حوالي 250 مؤسسة تعليمية أميركية بسحب الاستثمارات في الشركات الملوثة، وفقا لبيانات من Stand.earth و350.org.
شهدت الدعوات لسحب الاستثمارات من إسرائيل نجاحا أقل. ففي حين دعت العديد من مجموعات الجامعات مؤسساتها إلى تبني إطار عمل حركة المقاطعة، لم تقدم أي جامعة أميركية مثل هذا الالتزام.
وفي عام 2009، انسحبت كلية هامبشاير من صندوق مشترك مع ممتلكات إسرائيلية بعد مواجهة ضغوط من نشطاء حركة المقاطعة، بينما نفى المسؤولون رسميا أن القرار مرتبط بالمقاطعة.
واضطرت كليات أخرى إلى النظر في هذه القضية، ففي عام 2019، على سبيل المثال، أوصت لجنة براون الجامعة بسحب الشركات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، كما قالت أوليفيا كتبي، المنظمة في حركة المقاطعة.
وعلى الرغم من أنهم يواجهون معركة شاقة، فإن مؤيدي سحب الاستثمارات يقولون إن حملاتهم أدت إلى زيادة الوعي بالقضايا التي يسلطون الضوء عليها.
يذكر أن جامعات أمريكية عديدة تعيش على وقع احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، وضد الحرب الإسرائيلية في غزة، بينما تم إصدار استدعاءات لعدة متظاهرين للمثول أمام المحكمة.
ففي ولاية تكساس، فرقت قوات دورية الطرق السريعة المزودة بمعدات مكافحة الشغب بدعم من أفراد شرطة يمتطون الخيول، احتجاجا في جامعة تكساس بأوستن، واعتقلت 20 شخصا، الأربعاء.
بينما أعلنت جامعة جنوب كاليفورنيا إغلاق حرمها الجامعي، وطلبت من قسم شرطة لوس أنجلوس فض المظاهرة.
كما شهدت جامعات أخرى احتجاجات مماثلة، من بينها جامعة براون في مدينة بروفيدنس، وجامعة ميشيغان في مدينة آن أربور، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كمبريدج، وجامعة كاليفورنيا بوليتكنك في مدينة هومبولت.
ويطالب الطلاب المحتجون الجامعات بإنهاء التعاون مع إسرائيل، ويسعون إلى الضغط على الإدارة الأميركية لوقف الضربات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين.
المصدر:وكالات