أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية بأن طلبات اللجوء للولايات المتحدة باتت ثغرة رئيسية تمكّن من وصفتهم بـ “المهاجرين لأسباب اقتصادية” والذين لا يتعرضون لتهديدات أو ضغوط في بلدانهم من الدخول إلى أراضيها بحثاً عن فرص عمل أفضل.
وتقول الصحيفة إن ما أسمتها “مساحة المراوغة” في قانون الهجرة ونظام المعالجة المرهق لطالبي اللجوء تكاد تضمن الدخول لهم على الأقل لبعض الوقت.
وأفادت الصحيفة أن الولايات المتحدة تلقت أكثر من 920 ألف طلب لجوء خلال سنتها المالية 2023، مقارنة بـ 76 ألف طلب فقط في عام 2013.
وأشارت إلى أن طلبا واحداً يمكن أن يغطي عدة أفراد من الأسرة، لافتة إلى أن الأرقام لا تعكس الأعداد الفعلية للأشخاص الذين يطلبون اللجوء.
وتشكل المجموعات العائلية، التي تطلب اللجوء إلى الولايات المتحدة حوالي المليوني شخص تقريبًا الذين واجهتهم السلطات بعد عبورهم الحدود الأمريكية مع المكسيك بشكل غير قانوني العام الماضي.
وأضافت الصحيفة أن نصف مليون آخرين جاؤوا عبر منافذ الدخول القانونية، ويستخدم العديد منهم تطبيقا على الهاتف الذكي يسمى ” Border Patrol” والذي تم إطلاقه في يناير 2023 لتحديد موعد للعبور وطلب اللجوء.
وعزت الصحيفة جزءاً من أسباب ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى الأحداث العالمية مثل الحرب في أوكرانيا، وعودة طالبان إلى أفغانستان، والحرب الأهلية في سوريا، والحكم الوحشي للأنظمة الاستبدادية في فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا.
وأضافت الصحيفة أن التنقل أيضاً أصبح أكبر في أيامنا هذه، كما أن شبكات المهربين المتطورة على استعداد لنقل الأشخاص عبر الحدود، فيما تكثر الآن النصائح حول استخدام قانون اللجوء على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويتوافد الكثير من الهاجرين إلى البلاد الآن لدرجة أن الولايات المتحدة تفتقر إلى القدرة على فحص حالاتهم بسرعة، سواء على الحدود أو في المحاكم، حيث تستغرق قضية اللجوء النموذجية الآن أربع سنوات.
وشددت الصحيفة على أنه وحتى إذا تم رفض طلب اللجوء في نهاية المطاف، فإن المهاجرين بحلول ذلك الوقت يكونون قد رسخوا أنفسهم في البلاد وكثيرًا ما يكون لديهم أطفال أمريكيون، ونادراً ما يتم ترحيلهم بسبب التكاليف والتحديات اللوجستية.
في المقابل، تقول الصحيفة إنهم يتركون في طيّ النسيان، حيث يفقدون الحق في العمل بشكل قانوني ولكن لا يتم طردهم.
وتقول الصحيفة إنه ومع تزايد صعوبة الطريق إلى الهجرة القانونية حتى بالنسبة للمهاجرين ذوي المهارات التقنية العالية، إلا أن اللجوء بالنسبة للكثيرين يعتبر الطريق الأكثر جدوى إلى الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن ريبيكا برس محامية هجرة في نيويورك تتعامل بشكل متكرر مع قضايا اللجوء قولها: “من دون طلبات اللجوء سيكون هناك خيارات قليلة للغاية”.
وتقول الصحيفة إن هذه الأرقام طغت على المحاكم والجمارك وحماية الحدود وميزانيات المدن التي توفر المأوى للمهاجرين، مما يضع قضية الهجرة على رأس المناقشات السياسية والانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأظهر استطلاع وطني أجرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في أواخر فبراير أن 20% من الناخبين الأمريكيين يصنفون ملف الهجرة الآن باعتباره قضيتهم الأولى، قبل الاقتصاد، الذي احتل المركز الأول في ديسمبر.
وأشارت الصحيفة إلى أن ولاية تكساس تكافح للسيطرة بشكل أكبر على الهجرة عبر حدودها.
وأدى هدفها المتمثل في اعتقال المهاجرين وترحيلهم، والذي يتم الطعن فيه في المحكمة الفيدرالية الأمريكية، إلى إضافة المزيد من التخبط إلى سياسة الهجرة الأمريكية.
وتؤكد الصحيفة أن الهجرة باتت قضية عالمية فقد استقبلت أوروبا، التي تتمتع بحماية أكبر لطالبي اللجوء المحتملين من الولايات المتحدة نحو 1.14 مليون طالب لجوء العام الماضي.
ويعتبر ذلك أعلى مستوى للهجرة منذ عام 2016، عندما اجتاحت موجة من المهاجرين، بسبب الحرب الأهلية في سوريا، الحدود الأوروبية.
وغذّت هذه القضية صعود اليمين المتطرف في بلدان عبر القارة الأوروبية حيث تنفق المملكة المتحدة ما يعادل 3.9 مليار دولار سنويًا على إيواء طالبي اللجوء في الفنادق بينما ينتظرون نقل قضاياهم عبر المحاكم المكتظة.
وتلقت ألمانيا أكثر من 330 ألف طلب لجوء من الأشخاص الذين ظهروا على حدودها العام الماضي – لا يشمل هؤلاء القادمين من أوكرانيا – بزيادة تزيد عن 70٪ عن عام 2022.
وتضاعفت طلبات اللجوء في كندا في العام الماضي إلى ما يقرب من 138 ألف طلب.
وعلى الصعيد العالمي، سجلت الأمم المتحدة رقماً قياسياً بلغ 2.6 مليون طلب لجوء في عام 2022، وهو آخر عام للبيانات المتاحة وبزيادة قدرها 30% مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.
ونقلت الصحيفة عن ألكسندر داونر، وزير الخارجية الأسترالي السابق، الذي اتخذ موقفاً متشدداً ضد طالبي اللجوء في أي بلد في العالم قوله: ” لقد كانت الفكرة الأصلية هي توفير الحماية للأشخاص الذين يحتاجون إليها، ولكن ما أصبح عليه الآن هو أن منح اللجوء بات طريقا للهجرة”.
المصدر: وكالات