صحيفة القدس الفلسطينية ألقت الضوء على إعلان الولايات المتحدة مشروع إنشاء رصيف في ميناء غزة .. وكتبت ..
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مشروع لإنشاء رصيف في ميناء غزة لاستقبال “المساعدات الإنسانية”، وإيصالها للمحتاجين خصوصاً في شمال قطاع غزة؛ بحجة تسهيل وصول المساعدات وتسريع وتيرتها. وتأتي الفكرة في إطار تعزيز الممر البحري المقترح بين قبرص وغزة.
ومن المتوقع أن يستغرق وصول الجنود الأمريكيين القادمين على متن “سفينة الدعم اللوجيستي LSV1” التي انطلقت من قاعدة لانجلي – يوستيس في الولايات المتحدة 30 يوماً، حيث تبعتها ثلاث سفن أخرى، وسيستغرق العمل في إنشاء الرصيف عند ميناء غزة 60 يوماً. وسيكون الرصيف قادراً بحسب التصريحات الأمريكية على توفير مليوني وجبة ومليوني زجاجة ماء يومياً.
اللافت للنظر هو الترحيب الإسرائيلي بإنشاء الرصيف، وأن الولايات المتحدة ليست “جمعية خيرية”، وهي الشريك الأساسي في العدوان على قطاع غزة، وهي المزود الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة والمتفجرات المستخدمة في تدمير قطاع غزة وبناه التحتية، وفي قتل وجرح عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 وحتى يناير 2024 أرسلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 250 طائرة شحن وأكثر من 20 سفينة وسلمت أكثر من عشرة آلاف طن من الأسلحة والمعدات لـ”إسرائيل” بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”. ومن القنابل التي استخدمها الاحتلال في عدوانه قنابل تزن الواحدة منها 907 كيلوجرامات، وتتسبب بإصابات بشرية في محيط 900 متر في منطقة تفجيرها وتحدث حفرة بعمق 12 متراً (نحو 4 طوابق) حيث ألقى الاحتلال المئات منها على أهل غزة!!
والولايات المتحدة هي التي تقف خلف استمرار العدوان وتوفر له الغطاء الدولي، وتستخدم حق النقض الفيتو، في وجه العالم الذي يجمع على وقفه؛ وهي التي تستخدم كافة أدواتها السياسية للسكوت على العدوان وللتعاون مع الاحتلال، وتهدّد أي أطراف تسعى لدعم قطاع غزة ومقاومته.
ومن الملاحظ أيضاً أن فكرة الممر البحري من قبرص تسهم فيه جهات متحالفة مع الاحتلال في عدوانه على قطاع غزة كألمانيا وبريطانيا وإيطاليا إلى جانب الولايات المتحدة. ولذلك، تبدو فكرة تقديم “المساعدة الإنسانية” قريبة من فكرة أن السَّجان مضطر لتوفير حد أدنى من الغذاء للأسرى وللرهائن الذين لديه، إلى حين استكمال أهدافه، ولهذا، يبدو الرصيف غطاء “إنسانياً” مخادعاً وشكلياً لسلوك “وحشي” تتم ممارسته على الأرض.
السلوك الإسرائيلي العدواني كان يتعمد ألا تقوم أي جهة يثق بها أهل القطاع بتوزيع المساعدات والإشراف على دخول البضائع، فهو نفسه سبب المجاعة وهو نفسه الذي دمر البنية التحتية ونفذ مئات المجازر ودمر المستشفيات والمدارس، وهو نفسه الذي قصف قوافل الإغاثة وقتل من يحاولون تنظيم وصولها للناس. بل ونفذ بنفسه مجزرة قرب دوار النابلسي في 29 فبراير 2024، فقتل 112 فلسطينياً جاءوا لأخذ المساعدات.
سيستخدم الاحتلال الإسرائيلي وجود الرصيف الأمريكي كذريعة للتهرب من تحمل المسئولية الجنائية تجاه المجاعة والحصار ومعاناة أهل غزة، من خلال الادعاء أنه يسمح بتوفير الاحتياجات. وفي الوقت نفسه، سيوفر له وجود الرصيف بيئة أفضل لاستدامة احتلاله، كما سيوفر له ذريعة لإغلاق معبر رفح (بوجود هذا البديل) وبالتالي السير قدماً باتجاه حملته للهجوم العسكري على منطقة رفح.
من الواضح أن الاحتلال الإسرائيلي، وحلفاؤه الأمريكيون، يقومون بمحاولة ترتيب الأوضاع لمستقبل غزة بقوة السلاح وبمحاولة إنشاء الحقائق على الأرض، بما في ذلك محاولة فصل شمال غزة عن جنوبها. غير أن محاولاتهم لا تعني أنهم سينجحون، كما أن محاولة إيجاد انطباعات وأوهام بقدرتهم على ذلك، لا يمكن أن تنطلي على المقاومة. ثم إن المقاومة التي أثخنت فيهم وأنهكتهم في “مستنقع غزة” طوال الأشهر الماضية قادرة بإذن الله على إفشال مخططاتهم ودحرهم وإنهاء احتلالهم.
المصدر : صحيفة القدس الفلسطينية