تقليديا، يتسم السباق الى البيت الابيض بطوله ومطباته وكلفته وكثافة المرشحين المشاركين فيه. ولكن الدورة الحالية تميزت بضآلة عدد المشاركين فيه نسبيا، وفي الاسبوع المنصرم، حسم كلا من الرئيس جوزف بايدن، ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب عمليا السباق لصالحه بعد فوزهما الساحق في انتخابات ما يعرف بيوم “الثلاثاء الكبير”.
أكدت التطورات الانتخابية خلال الاسبوع الماضي للناخبين الأمريكيين ما يتخوف منه الملايين منهم، أي اقتراب البلاد من جولة ثانية بين الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، والتي ستضع أكثر مرشحين متقدمين في السن في تاريخ الولايات المتحدة في مواجهة سياسية من المتوقع ان تكون سلبية، وربما شرسة للغاية. مواقف كلا المرشحين منذ الاعلان عن نتائج “الثلاثاء الكبير” تبين انهما سيعتمدان اسلوب “الارض المحروقة” في الاشهر المقبلة لحسم المواجهة.
تبين استطلاعات الرأي في هذا الوقت المبكر من السباق ان شريحة هامة من الناخبين من مختلف الخلفيات تتحفظ على السن المتقدم لكلا المرشحين، وخاصة الرئيس بايدن الذي سيكون في الثانية والثمانين اذا اعيد انتخابه لولاية ثانية حيث تحيط به اسئلة كثيرة حول قدراته الجسدية والذهنية. كما تبين استطلاعات الرأي ان ترامب متقدم على بايدن ببضعة نقاط، ولذلك سعى الرئيس خلال خطابه حول حالة الاتحاد مساء الخميس دحض هذه الشكوك، حيث كان ادائه قويا وحيويا بشكل ملحوظ.
ويواجه بايدن سلسلة من التحديات الداخلية والخارجية ابرزت محدودية نفوذه من اهمها الوضع الفوضوي على الحدود الجنوبية للبلاد وما يعتبره العديد من الاميركيين غزوا من قبل المهاجرين واللاجئين غير الموثقين، اضافة الى معدلات التضخم التي لا تزال عالية، والاستياء المتزايد من قبل ائتلاف من الشباب والاقليات والتقدميين بسبب دعمه القوي لإسرائيل في حربها ضد غزة. هذه الانتقادات ساهمت في اقناع بايدن بالاعلان عن بناء رصيف بحري على شواطيء القطاع لانزال الامدادات الانسانية.
في المقابل يواجه ترامب تحديات قانونية لم يحدث ان واجهها في الماضي أي رئيس سابق حيث يواجه أكثر من تسعين تهمة جنائية ومدنية في ولايتي جورجيا وفلوريدا ومدينتي نيويورك وواشنطن سوف تستحوذ على معظم وقته خلال الوقت المتبقي في الحملة الانتخابية، ناهيك عن تكاليفها المالية الضخمة.
نتائج يوم “الثلاثاء الكبير” أرغمت المنافسة الوحيدة لترامب، حاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة نيكي هايلي على الانسحاب من السباق، كما ارغمت النائب دين فيليبس المنافس الابرز لبايدن على الانسحاب من السباق. ولكن هذه النجاحات اظهرت ان حوالي اربعين بالمئة من الجمهوريين صوتوا لهايلي، وان شرائح هامة من الناخبين الديموقراطيين سجلوا تحفظاتهم واعتراضاتهم على سياسات بايدن، ومنها دعمه لاسرائيل.
المنافسة بين بايدن وترامب هي منافسة بين رؤيتين متناقضتين لامريكا مساء الثلاثاء قال ترامب لأنصاره ان اميركا كانت قوية ومتعافية خلال ولايته، ولكنها تحتضر الان. مساء الخميس قال بايدن للأميركيين ان العالم كله يحسد الولايات المتحدة .
المصدر: وكالات