أثارت زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إلى المنطقة، تساؤلات بشأن مدى نجاحه في مهمة إخماد الصراع بالمنطقة، حيث يدفع مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل لإنهاء حملتها البرية والجوية واسعة النطاق في قطاع غزة في غضون أسابيع والانتقال إلى مرحلة أكثر تركيزا في حربها ضد حماس، فضلا عن مسعاه لترتيب عملية تستهدف ضبط إيقاع التوترات الإقليمية المتصاعدة.
و من المعتقد أن أوستن يسعى في مهمة إخماد الصراع بالمنطقة ومنع اتساع رقعة الحرب، مع العمل على إقناع إسرائيل لتجنب الحرب “العشوائية” التي أوقعت آلاف الضحايا من المدنيين، وتحديد “أهداف أكثر دقة”، فضلا عن تجنب تصاعد التهديدات في البحر الأحمر بما يؤثر على المصالح الأميركية.
وقال أوستن عبر حسابه على موقع “إكس”، الأحد: “أتوجه إلى إسرائيل والبحرين وقطر للتأكيد على التزامات الولايات المتحدة بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، والعمل مع الشركاء والحلفاء لتعزيز القدرات الدفاعية”.
كما يشارك رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال تشارلز براون جونيور، في زيارة أوستن إلى المنطقة، إذ يُدلي بدلوه في النقاشات مع قادة حكومة الحرب الإسرائيلية بشأن المرحلة القادمة للحرب.
و قد نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن أوستن سيجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف جالانت، لمناقشة التفاصيل المتعلقة بمتى وكيف ستنفذ القوات الإسرائيلية مرحلة جديدة في حرب غزة، بما في ذلك مجموعات أصغر من “قوات النخبة” والتي ستتحرك داخل وخارج المراكز السكانية في غزة، وتقوم بمهام أكثر دقة تعتمد على المعلومات الاستخباراتية للعثور على قادة حماس وإنقاذ الرهائن وتدمير الأنفاق، بدلًا من العمليات العسكرية واسعة النطاق.
قال مسؤول كبير في البنتاجون، إنه بينما من المتوقع أن يعبر أوستن عن دعمه مجددا لعمليات إسرائيل التي تستهدف تدمير قدرة حماس، فإنه يضغط أيضًا نحو ضرورة حماية المدنيين أثناء العمليات والحاجة الماسة لزيادة إيصال المساعدات الإنسانية.
بصفته رئيسا سابقا للقيادة المركزية للبنتاجون كجنرال من فئة الأربع نجوم، فإن “أوستن” على دراية عميقة بالدروس المؤلمة التي تعلمتها القوات الأميركية في العقدين الماضيين أثناء انتقالها من الحروب البرية الكبرى في العراق وأفغانستان إلى عمليات أكثر استهدافا، ويريد مشاركة هذه الدروس مع المسؤولين الإسرائيليين، وفق ما قال مسؤول البنتاغون للصحيفة الأميركية.
وهذا ما أشار إليه مسؤول أميركي في البنتاجون، قوله إن الوزير لويد أوستن سيضغط على المسؤولين الإسرائيليين لتحديد معالم حربهم ضد حماس في قطاع غزة، حيث “سيتلقى تحديثات محددة حول كيفية تقييم وزير الدفاع والجيش الإسرائيلي للتقدم الذي أحرزوه في المرحلة الحالية من الحملة في غزة لتفكيك البنية التحتية لحماس”.
تأتي رحلة أوستن بعد أيام من تصريح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، للصحفيين في تل أبيب، بأن إسرائيل تعتزم الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب تركز فيها على “طرق أكثر دقة” لاستهداف قيادة حماس.
وتتضمن جولة أوستن، سفره إلى البحرين، لمناقشة حرية الملاحة والأمن البحري في المنطقة، حيث تُجري الولايات المتحدة محادثات مع حلفائها لتوسيع قوة بحرية لتأمين السفن التي تمر عبر البحر الأحمر بعد عدة هجمات شنها الحوثيون مؤخرا على سفن تجارية فيما يبدو أنه امتداد متصاعد لحرب إسرائيل مع حماس.
كما سيزور قطر، حيث يلتقي مع كبار المسؤولين القطريين الذين لعبوا دورا مهما في تسهيل الإفراج عن المحتجزين لدى حماس منذ 7 أكتوبر الماضي.
أخيرا، من المتوقع أن يزور وزير الدفاع الأميركي لفترة وجيزة حاملة الطائرات “جيرالد فورد”، التي تم إرسالها إلى البحر الأبيض المتوسط بالقرب من إسرائيل في الأيام التي أعقبت هجوم حماس.
وتعليقا على زيارة أوستن للمنطقة وخاصة لإسرائيل، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي إن هناك عدة أولويات لوزير الدفاع الأميركي، تشمل:
أولا: إظهار الدعم لإسرائيل في عمليتها لتدمير القدرة العسكرية لحماس، وتعزيز الاقتراح الأميركي بأن يكون الجيش الإسرائيلي أكثر دقة في تطبيقه للقوة لتجنب المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين
ثانيا: السماح بمزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة في المناطق الآمنة المستمرة.
ثالثا: مناقشة عدم توسع هذا الصراع، وهو أمر لا ترغب الحكومة الأميركية في رؤيته يحدث.
وأوضح “ملروي” الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، أن زيارة أوستن إلى إسرائيل تستهدف بالأساس تحديد مراحل الحرب القادمة في غزة، مضيفًا: “أعتقد أن الإدارة الأميركية تود أن ترى نهاية العمليات القتالية الكبرى والانتقال إلى صراع أقل حدة خلال أسابيع، في الوقت الذي يتوقع الجيش الإسرائيلي أن يستمر قتاله لمدة أشهر، رغم الضغط الدولي الكبير لوقف إطلاق النار حاليا”.
وأشار إلى أن هذه الزيارة تتضمن كذلك تحديد “رد مناسب” على هجمات تهديدات الحوثيين، قائلًا: “بالفعل، سوف يذهب أوستن إلى البحرين حيث موطن الأسطول الخامس الأميركي، لمناقشة العملية المعلنة حديثا لمكافحة التهديد شبه المستمر من الحوثيين المدعومة من إيران، وأعتقد أنه من المحتمل أن الولايات المتحدة قررت أنه ليس لديها خيار سوى الرد عسكريا على هذه الهجمات المباشرة على سفننا البحرية”.
و جدير بالذكر أن أوستن قد يساهم بما لديه من خبرة عسكرية في تحديد نهاية لهذا الصراع، لكن “من الأسهل دائما على أولئك الذين يجلسون على الهامش أن يقوموا بدور النقد للعملية العسكرية”، معتبرًا أنه كلما طالت مدة الصراع كلما صعّب ذلك من فرص إدارة بايدن مع دخول الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
المصدر : وكالات