طالب منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات فورية “لكبح جماح المذبحة” الجارية في غزة، بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية، صباح اليوم، جزءا من مستشفى الشفاء الطبي في مدينة غزة.
وتفيد التقارير أن أكثرمن 100عسكري إسرائيلي اقتحموا حرم المستشفى بآلياتهم العسكرية، وبدأ بعضهم في عمليات تفتيش واسعة النطاق شملت استجواب المرضى والطاقم الطبي وكذلك النازحين داخل المستشفى.
وحملت حركة حماس من جانبها في بيان أصدرته الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن اقتحام مرفق صحي محمي بحكم اتفاقية جنيف الرابعة على حد ما ورد عنها.
وقال مسؤولون في وزارة الصحة بقطاع غزة إن مجمع الشفاء الطبي تحول إلى “ساحة حرب”.
ويعاني مجمع الشفاء الطبي الأقدم والأكبر في قطاع غزة أوضاعا صعبة، بعد تعرض أجزاء منه لقصف إسرائيلي خلال الأيام الماضية.
المجمع الطبي الذي يضم ثلاثة مستشفيات متخصصة ويعمل فيه نحو 25 في المئة من العاملين في المستشفيات في قطاع غزة، بات ممتلئاً بآلاف الجرحى والمرضى بطريقة تفوق طاقته الاستيعابية التي تبلغ بين 500-700 سرير.
وعانى المستشفى من وضع كارثي نتيجة نقص الوقود والدواء، وكثرة الجرحى، وتوافد أعداد كبيرة من المصابين، إضافة إلى الإرهاق الذي طال الكادر الطبي نتيجة العمل المتواصل.
يقع مجمع الشفاء الطبي على مفترق طرق في المنطقة الغربية الوسطى من مدينة غزة في القطاع، ويطل على شارعي عز الدين القسام والوحدة، حيث يركز الجيش الإسرائيلي قصفه ومحاصرته لتلك المنطقة.
وفي تصريحات لمدير مستشفى الشفاء، محمد أبو سلمية إن “العاملين يكافحون لإبقاء الأطفال حديثي الولادة على قيد الحياة بعد نفاد إمدادات الأكسجين، في وقت ينقل فيه الأطفال من حاضنات وحدة الأطفال حديثي الولادة، إلى مكان آخر من المستشفى لحمايتهم، في ظل حصار مستمر”.
وتبلغ مساحة المجمع 45 ألف متر مربع، وهو عبارة عن مجمع ضخم من المباني والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.
في الوقت الحالي، يضم المجمع ثلاثة مستشفيات هي الجراحة، والأمراض الباطنية، والنسائية والتوليد، بالإضافة إلى قسم الطوارئ، ووحدة العناية المركزة، وقسم الأشعة، وبنك الدم، وقسم التخطيط، وغير ذلك من أقسام.
ويقدم المجمع خدمات علاجية وصحية متنوعة، وعمليات جراحية لأعداد كبيرة من السكان، وتجرى فيه عمليات جراحية متعددة، وغسيل كلى، وعدة خدمات صحية وعلاجية أخرى في قسم الطوارئ.
ويعد المجمع الطبي الحكومي التابع لوزارة الصحة الفلسطينية أكبر مؤسسة صحية تقدم خدمات طبية في قطاع غزة، وأنشأه الانتداب البريطاني عام 1946 بهدف تقديم الرعاية الطبية للمرضى.
وانتقلت إدارة مستشفى الشفاء إلى مصر لنحو 20 عاما، بعد انتهاء الانتداب البريطاني، ليتم توسيعه وزيادة قدرته الاستيعابية.
وبعد حرب عام 1967، سيطرت إسرائيل على المستشفى، وقررت إعادة بنائه ليضم غرفاً تتسع لعدد أكبر من المرضى، حيث كان عدد المستشفيات محدوداً جداً في غزة.
المستشفى كان له دور أساسي في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، حيث دارت فيه أولى مواجهات الانتفاضة حينما اقتحمه طلاب فلسطينيون لمواجهة الجنود الإسرائيليين الذين اتخذوه مركز تجمع للجيش.
وفي عام 1994، أدت قوات الأمن التي كانت تسيطر عليها حركة فتح التحية للعلم الفلسطيني بعد رفعه فوق المستشفى عندما مُنح الفلسطينيون حكما ذاتيا محدودا في غزة خلال عملية أوسلو للسلام.
ثم انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى بعد ذلك من السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح إلى حماس بعد الفوز المفاجئ الذي حققته الحركة في انتخابات عام 2006، وبسط نفوذها العسكري على غزة عام 2007.
يؤدي المستشفى دورا أساسيا في إيواء العائلات خلال الحروب، حيث نزح إليه خلال الأيام الماضية في ظل الحرب أكثر من 40 ألف شخص للاحتماء من الغارات التي استهدفت منازل ومناطق سكنية بأكملها.
وتبيت العائلات في ممرات المستشفى وغرفه وساحاته، حيث يجهز المجمع خياما لإيواء العائلات النازحة في الساحة الخلفية كما حدث خلال حروب سابقة.
“الأطفال الخدج في أكبر مستشفى في غزة، يتم لفهم ببطانيات ألمنيوم ووضعهم بجوار الماء الساخن في محاولة لإبقائهم على قيد الحياة، حيث مات البعض منهم”، وفق أبو سلمية.
وتكدست عشرات الجثث، فضلا عن الجرحى والمرضى، في أروقة وساحات المجمع، في ظل محاصرة الجيش الإسرائيلي له.
يبرر الجيش الإسرائيلي قصفه لمجمع الشفاء ومحيطه بأن “حركة حماس تستخدم المجمع كغطاء لإخفاء مداخل الأنفاق ومراكز القيادة والعمليات”.
وأشارت إلى أن أفراداً من سلاح المهندسين يستخدمون المتفجرات لتدمير الأنفاق في شبكة حماس الواسعة تحت الأرض.
وعرض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي صورا ورسوما بيانية وتسجيلات صوتية يقول إنها تظهر “استخدام حماس للمجمع لإخفاء مواقع قيادة ونقاط دخول إلى شبكة أنفاق واسعة النطاق أسفل القطاع”.
وقال الجيش الإسرائيلي: “هذه الاستراتيجية تهدف إلى عرقلة الهجمات الإسرائيلية على حماس، وجعل سقوط ضحايا من المدنيين أمراً لا مفر منه عند استهداف مسلحي الحركة”.
لكن حركة حماس والسلطات الصحية في غزة ومديري المستشفى قالوا إنه لا توجد بنية تحتية عسكرية داخل مجمع المستشفى أو تحته، وقالوا إنهم يرحبون بأي تفتيش دولي للمنشأة.
المصدر: وكالات