يشهد مقر الأمم المتحدة في نيويورك، غداً انطلاق فعاليات منتدى تمويل التنمية لعام 2023، والذي يستمر حتي 20 أبريل الحالي، بهدف المضي قدما بالسياسات الرامية لمعالجة قضايا التنمية العالمية، من الديون إلى التخلف الإنمائي وانعدام الأمن الغذائي، حيث يلتقي كبار مسؤولي الأمم المتحدة والحكومات في مقر المنظمة الأممية، في محاولة لإحداث تغيير في الاقتصاد العالمي، وإعادة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 إلى مسارها الصحيح.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، ثمة خمسة حقائق عن منتدى تمويل التنمية لهذا العام.، أولاً، أن عام 2023 آخذ في التشكل ليكون عاما محوريا بالنسبة للتنمية المستدامة. يصادف هذا العام منتصف المدة بين عام 2015، الذي شهد إطلاق خطة التنمية المستدامة- وعام 2030، الموعد المحدد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
وتخطط الأمم المتحدة لضخ زخم جديد نحو تحقيق الأهداف في قمة أهداف التنمية المستدامة المقرر انعقادها في سبتمبر المقبل، وفي فبراير، أقر الأمين العام للأمم المتحدة بأن أهداف التنمية المستدامة بعيدة كل البعد عن المسار الصحيح، وأطلق خطة تحفيز أهداف التنمية المستدامة، والتي تدعو الدول الغنية إلى تخصيص 500 مليار دولار إضافية كل عام لتمويل هذه الأهداف. وقال “جوتيريش”: “الاستثمار في أهـداف التنمية المستدامة أمر معقول وعملي. إنه مكسب للعالم بأسره، حيث إن معدلات العائد الاجتماعي والاقتصادي على التنمية المستدامة في البلدان النامية مرتفعة للغاية”.
وتدعو خطة التحفيز أيضا إلى تغيير النظام المالي الدولي، بحيث يتم تقليل أعباء الديون على البلدان النامية، وتسهيل الوصول إلى التمويل. وستأخذ مسألة جعل هذا التحول حقيقة موقع الصدارة في أجندة منتدى تمويل التنمية لهذا العام.
وثانياً، أنه وفقا لتقرير تمويل التنمية المستدامة لعام 2023، تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة (من 135 مليونا عام 2019 إلى 345 مليونا وفق التوقعات عام 2023). فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 50 في المائة عام 2022 مقارنة بعام 2019.
وتدعو خطة عام 2030 إلى مضاعفة القيمة المضافة من التصنيع في البلدان الإفريقية بحلول نهاية العقد، وهذا يعني صنع وبيع المزيد من المنتجات بدلا من بيع المواد الخام إلى دول أخرى، وبشكل ملحوظ انخفضت القيمة المضافة من حوالي 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2000 إلى 9 في المائة عام 2021.
وأوضح التقرير أن سداد الديون يعيق الدول الفقيرة: ففي عام 2022، كان على 25 دولة نامية أن تخصص أكثر من خمس إجمالي إيراداتها لخدمة الدين الخارجي العام، ولا يزال عدم المساواة بين الجنسين يشكل عبئا كبيرا على التنمية: في 115 دولة لا يُتاح للنساء إدارة الأعمال التجارية بالطريقة نفسها التي يديرها الرجال.
ثالثا سيعتمد جدول أعمال المنتدى إلى حد كبير على نتائج تقرير تمويل التنمية المستدامة لعام 2023، الصادر في 5 أبريل، والذي يدعو إلى أنظمة ضريبية أقوى، والمزيد من الاستثمار الخاص والعام من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإجراء إصلاحات في النظام المالي الدولي للسماح بمزيد من الموارد المراد جمعها.
وأكد التقرير الحاجة الماسة إلى استثمارات ضخمة لتسريع التحولات في مجالات مثل إمدادات الكهرباء والصناعة والزراعة والنقل والمباني لبدء “عصر صناعي أخضر جديد”، ويتضمن “التصنيع الأخضر”- المقترح في التقرير- دعم الصناعات منخفضة الكربون، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، والاقتصاد الرقمي، وتطوير السياسات التي تؤدي إلى الاستثمار في الأنشطة المستدامة، مع تقليل التأثير البيئي السلبي للصناعات.
ورابعا، تزداد الفجوة اتساعا بين الأغنياء والفقراء، وبدون إجراء إصلاح شامل للاقتصاد العالمي، من المتوقع أن يظل 574 مليون شخص – أي نحو 7 في المائة من سكان العالم – يعيشون في فقر مدقع عام 2030.
وفي ظل هذا السيناريو، من المتوقع أن تزداد احتياجات التمويل الخارجي لأقل البلدان نموا وغيرها من البلدان منخفضة الدخل من 172 مليار دولار إلى 220 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة.
ومن بين التوصيات أن التنمية المستدامة لن تكون قابلة للتحقيق إذا كانت الإصلاحات المقترحة مجزأة أو غير مكتملة أو فشلت في أخذ أهداف التنمية المستدامة بعين الاعتبار، مما يجعل خطة عام 2030 والأهداف المناخية بعيدة المنال.
خامساً يتفق الخبراء على أن التنمية المستدامة طويلة الأجل ستكون بعيدة المنال في السياقات التي تستمر فيها الأزمات الإنسانية، ويريد خبراء الاقتصاد في الأمم المتحدة أن تؤدي عملية تمويل التنمية إلى إصلاح عميق للمؤسسات العالمية التي تلبي بشكل أفضل الاحتياجات الفورية للبلدان النامية.
الجدير بالذكر أن منتديات تمويل التنمية هي متابعة سنوية للمؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية، الذي أنتج خطة عمل أديس أبابا، وهو إطار مصمم لضمان أن يتجه التمويل نحو تحسين المجتمعات والاقتصادات والبيئة، وستغذي القرارات التي يتم اتخاذها في هذا المنتدى أعمال المنتدى السياسي رفيع المستوى بشأن التنمية المستدامة، وهو اجتماع يعقد في مقر الأمم المتحدة في يوليو المقبل والذي يستعرض التقدم المحرز في خطة عام 2030، ولا سيما الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يُعنى ببناء الشراكات لدعم جميع الأهداف.
كما ستضع قرارات المنتدى السياسي رفيع المستوى الأساس لمجموعة من الاجتماعات الهامة الأخرى رفيعة المستوى، مثل قمة أهداف التنمية المستدامة، والحوار رفيع المستوى للجمعية العامة بشأن تمويل التنمية، والمؤتمر الوزاري لقمة المستقبل، والدورة الأولى من القمة المزمع انعقادها كل سنتين بين مجموعة العشرين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء المؤسسات المالية الدولية عام 2024. وستكون هذه الأحداث بمثابة توطئة لمؤتمر رابع محتمل لتمويل التنمية، قررت الدول الأعضاء النظر في عقده في عام 2025.
المصدر: أ ش أ