يجتمع قادة الصين في بكين لحضور البرلمان السنوي الأسبوع المقبل، لمواجهة أحد أكبر المخاطر الاقتصادية التي سيحتاجون إلى معالجتها والخاص بديون المقاطعات المتزايدة.
يأتي ذلك، فيما تواجه غالبية الحكومات الإقليمية – 17 من 31 على الأقل – ضغوطاً تمويلية خطيرة، مع تجاوز القروض القائمة 120% من الدخل في عام 2022، وفقاً لحسابات “بلومبرغ”. وهذا هو الحد الذي حددته وزارة المالية للإشارة إلى مخاطر الديون المرتفعة بشكل غير متناسب.
وتواجه تيانجين، تشتهر بمينائها وتطورها المفرط الهائل، أكبر تهديد، حيث تبلغ ديونها 3 أضعاف دخلها.
وفي حين أنه من غير المحتمل أن تتخلف أي حكومة إقليمية عن السداد، فإن مستويات الديون المرتفعة قد تجبر البعض على تقليص الإنفاق ودفع الحكومة المركزية إلى إنفاق المزيد. كما يمكن أن يدفع بنك الشعب الصيني إلى إبقاء أسعار الفائدة منخفضة للحفاظ على عبء السداد للمقاطعات تحت السيطرة.
من جانبه، قال الاقتصادي في “جولدمان ساكس”، ليشينج وانج: “ارتفاع مستويات الديون يعني ارتفاعاً في سداد الديون وتكاليف الخدمة للحكومات المحلية ويحد من مجالها للتحفيز المالي وسط تراجع العائد على رأس المال”.
وتوقع وانج أن يبقي بنك الشعب الصيني على الأرجح أسعار الفائدة ثابتة هذا العام، ويرجع ذلك جزئياً إلى التوسع السريع في الديون الحكومية، فضلاً عن أسباب أخرى، مثل عدم اليقين بشأن توقعات الاقتصاد والضغط التضخمي الذي لا يزال معتدلاً، وفقاً لما ذكرته “بلومبرج”.
ويجتمع المشرعون وكبار القادة في البلاد اعتباراً من يوم الأحد للموافقة على الأهداف الاقتصادية الرئيسية لعام 2023، بما في ذلك حصة السندات المحلية الجديدة والميزانية وأيضاً الموقف الواسع للسياسة النقدية.
ويتزامن ذلك، مع ارتفاع العجز المالي الصيني إلى مستوى قياسي، مما أجبر الحكومة على بيع عدد قياسي من السندات الجديدة للمساعدة في تمويل العجز.
معظم الديون الرسمية المقترضة في السنوات الأخيرة هي في شكل سندات خاصة تهدف في المقام الأول إلى دفع تكاليف الاستثمار في البنية التحتية. كانت هذه أداة رئيسية تستخدمها الحكومة لخلق فرص العمل ودعم الاقتصاد عندما تضعف محركات النمو الأخرى مثل الصادرات والاستهلاك المحلي.
ومن المفترض أن يتم سداد الأوراق النقدية من أرباح المشاريع. ولكن في الواقع، لا تقترب الإيرادات المتولدة من تلبية مدفوعات الفائدة المستحقة على الديون في أي مقاطعة، وقد وجدت الحكومات المحلية صعوبة متزايدة في العثور على مشاريع مؤهلة لاستخدام الأموال.
وتجاوز الدين الحكومي المحلي القائم 35 تريليون يوان (5 تريليونات دولار) بنهاية العام الماضي.
لا يشمل هذا الإجمالي الاقتراض خارج الميزانية العمومية من خلال آليات تمويل الحكومة المحلية، والتي تستخدمها المقاطعات للمساعدة في تمويل احتياجات الإنفاق الخاصة بها. ويُشار إلى هذا الدين “الخفي” بأنه يمكن أن يكون أكبر من ضعف المطلوبات المحلية الرسمية، وفقاً للمحلل في شركة “Guosheng Securities”، يانغ ياوي.
ومع ارتفاع الديون، ازداد عبء السداد على الحكومات المحلية، والتي سددت 3.9 تريليون يوان من أصل السندات ومدفوعات الفائدة العام الماضي فقط على ديونهم الرسمية، وأكثر من ذلك بكثير على قروضهم غير الرسمية.
وفي هذا السياق، شدد كبار قادة الصين مراراً وتكراراً على أهمية الاستدامة المالية والحفاظ على مخاطر الديون المحلية تحت السيطرة. وهذا يعني أنه على الرغم من الحاجة إلى التحفيز المالي هذا العام لمساعدة الاقتصاد على التعافي، فقد يكون هناك دعم أقل من ذي قبل.
وقالت مديرة “S&P Global Ratings”، سوزان تشو: “من المرجح أن يتم تشديد الرقابة الحكومية المركزية تدريجياً عندما تقترب الحكومة المحلية من عتبة الديون”. “الدعم المالي من الحكومات المحلية تجاه الشركات المرتبطة المملوكة للدولة سيصبح انتقائياً بشكل متزايد”.
وأفادت وكالة “بلومبرج” في وقتٍ سابق، أن “بكين” تدرس تحديد حصة سندات خاصة تبلغ 3.8 تريليون يوان هذا العام، أقل من الإصدار الفعلي في عام 2022. وقالت “تشو”، إن المزيد من المناطق المثقلة بالديون قد تحصل على حصة أصغر.
كما يمكن تقليص الإعفاءات الضريبية أيضاً، حيث حذر وزير المالية في وقت سابق من هذا الشهر من أن نمو الإيرادات المالية “لن يكون مرتفعاً للغاية” على الرغم من أرقام سنة الأساس المنخفضة بالفعل.
ويتمثل أحد الخيارات لسد فجوة التمويل في أن تقترض الحكومة المركزية المزيد وتزيد تحويلاتها إلى المناطق المثقلة بالديون، مما يقلل من حاجة الحكومات المحلية إلى تحمل ديون إضافية. وحث الاقتصاديون الصين على اتباع هذا النهج لسنوات حيث يمكن لبكين الاقتراض بسعر أرخص من السلطات المحلية وميزانيتها العمومية أفضل بكثير.
ويمكن للحكومة أيضاً أن تدعو بنوك السياسة الحكومية، مثل بنك التنمية الصيني، إلى إنفاق المزيد، على غرار استثمار 740 مليار يوان قام بها المقرضون العام الماضي في إطار أحد برامجهم.
وكتب الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، التابع للدولة، تشانج بين، في مذكرة، أن أسعار الفائدة المنخفضة يمكن أن تخفض أيضاً تكاليف التمويل للحكومات المحلية وتحسن قدرتها على الإنفاق. وبافتراض أن التزامات القطاع الحكومي بالكامل تبلغ 82 تريليون يوان (تعادل 12 تريليون دولار)، فإن كل خفض بنسبة نقطة مئوية واحدة لمعدلات السياسة يمكن أن يخفض مدفوعات الفائدة بمقدار 160 مليار يوان.
المصدر: وكالات