نجح قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى خلال العام الذى أوشك على الانتهاء، من تحقيق طفرة كبيرة فى كافة المجالات وتأمين احتياجات الطاقة للسوق المحلى، رغم التحديات العالمية المتلاحقة وذلك بفضل اتخاذ عدد من الإجراءات والسياسات الإصلاحية بقطاع الطاقة فى إطار استراتيجية شاملة تضمن تأمين الإمدادات والاستدامة والإدارة الرشيدة، ومن أهم ثمار هذه السياسات فى قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة القضاء نهائياً على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى وتحقيق احتياطى آمن من الطاقة الكهربائية.
وخلال عام 2022، اتخذ قطاع الكهرباء العديد من الخطوات التنفيذية لتحقيق التحول الكامل إلى مرحلة أكثر استدامة لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، تحقق تأمين التغذية الكهربائية لمجابهة الزيادة المطردة فى الطلب على الطاقة الكهربائية وتلبية متطلبات التنمية الشاملة المستدامة.
كما تبنى قطاع الكهرباء استراتيجية تهدف لتنويع مصادر الطاقة والتوسع فى استخدام الطاقة المتجددة وترشيد استخدام مصادر الطاقة التقليدية، وذلك فى إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة والتى تهدف إلى الوصول بإجمالى مشاركة مصادر الطاقة المتجددة إلى أكثر من 40% بحلول عام 2035، حيث يمثل التحول الأخضر فرصة واعدة لتحقيق التنمية الاقتصادية فى العديد من القطاعات الحيوية، كما أنه رسالة واضحة لمناخ الاستثمار الإيجابى فى مصر.
وبنهاية عام 2022، بلغ إجمالى القدرات المركبة التى تم إنتاجها من محطات الطاقة المتجددة حوالى 6 آلاف ميجاوات والذى يمثل 20% من الحمل الأقصى، بالإضافة إلى أنه من المتوقع أن تصل القدرات المركبة من الطاقات المتجددة إلى حوالى 10 ألاف ميجاوات بنهاية عام 2025.
وارتفعت إنتاجية الطاقة الكهرومائية خلال الربع الأول من العام المالى 2022/2023 إلى حوالى 4 آلاف و627 جيجاوات ساعة بزيادة قدرها حوالى 14.4% عن مثيلها بالعام السابق، بينما سجلت مشروعات طاقة الرياح حوالى ألف و845 جيجاوات ساعة بزيادة قدرها حوالى 10.8% عن مثيلها بالعام السابق، فيما بلغت الطاقة المنتجة من الخلايا الشمسية المتصلة بالشبكة حوالى ألف و248 جيجاوات ساعة بزيادة قدرها حوالى 0.2% عن مثيلتها بالعام السابق، هذا فضلاً عن حوالى 7 جيجاوات ساعة مولدة من مشروعات الوقود الحيوى.
وساهم زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة فى خفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بما يقارب 3500 ألف طن ثانى أكسيد كربون وإحداث وفر فى الوقود يقارب 1430 ألف طن مكافئ نفط، وهو ما يبرز الدور الكبير للطاقة المتجددة فى مجابهة تغير المناخ، كما يتم استبدال محطات الطاقة الحرارية منخفضة الكفاءة، ذات الانبعاثات العالية بالطاقة المتجددة، حيث يتم تكهين محطات متقادمة.
ويولى قطاع الكهرباء أهمية كبيرة للهيدروجين ويسعى بقوة للدخول فى هذا المجال من خلال مشروعات جديدة ومن خلال إعداد إستراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين باشتراك القطاعات المختلفة بالدولة، بهدف امتلاك مصر القدرة فى مجال توليد واستغلال الهيدروجين ومواكبة التطور العالمى فى هذا المجال بالشراكة مع الخبرات العالمية ولإضافة طاقة الهيدروجين النظيف للمنظومة الوطنية المتكاملة للطاقة، وذلك فى ضوء الاهتمام الدولى المتنامى بمشروعات الهيدروجين النظيف باعتباره مصدرًا واعدًا للطاقة فى المستقبل القريب والبحث فى جميع البدائل الممكنة لتوليد واستخدام الهيدروجين مع الأخذ فى الاعتبار التجارب الدولية فى هذا المجال حيث سيتم تحديث استراتيجية الطاقة فى مصر لتشمل الهيدروجين كمصدر للطاقة.
ووقعت مصر خلال عام 2022 على 16 مذكرة تفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر وكذلك الأمونيا الخضراء مع أكبر التحالفات العالمية والمحلية، تستهدف إضافة أكثر من 100 ألف ميجاوات خلال 10 سنوات، تسهم فى خفض 37 مليون طن سنوياً من الانبعاثات الضارة.
ويبلغ إجمالى استثمارات هذه المشروعات حوالى 83.8 مليار دولار وتوفر 264 ألف فرصة عمل منها 44 ألف فرصة مباشرة، حيث تستهدف الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر إلى زيادة الناتج المحلى الإجمالى ما بين 10 مليارات إلى 18 مليار دولار بحلول 2025.
ونجح قطاع الكهرباء فى إضافة قدرات للشبكة القومية للكهرباء بلغت حوالى 31 ألف ميجاوات من الطاقة التقليدية والطاقات المتجددة، بحيث تتمتع الشبكة القومية للكهرباء بمعدلات احتياطى آمن من الطاقة لا يقل عن المعدلات العالمية، وبلغ إجمالى القدرات المركبة التى تم إنتاجها من محطات الطاقة المتجددة حوالى 6 آلاف ميجاوات بنهاية عام 2022، تمثل 20% من الحمل الأقصى.
وتشارك مصر بفاعلية كبيرة فى جميع مشاريع الربط الكهربائى الإقليمى وأسواق الكهرباء، إيمانا منها بأن الربط الكهربائى وتجارة الطاقة يلعبان دوراً هاماً فى تعزيز أمن الطاقة، حيث ترتبط مصر كهربائياً مع دول الجوار شرقاً مع الأردن وغرباً مع ليبيا، وجنوباً مع السودان ويجرى العمل حاليا على دراسة رفع قدرات الربط الكهربائى مع الدول العربية والتوسع فى السوق الأوروبية.
كما تم التفاوض مع 3 كيانات عالمية كبرى للربط مع الشبكة الأوروبية لتبادل وتصدير 3 آلاف ميجاوات من خلال خط ربط كهربائى بحرى بين مصر وقبرص واليونان، وتعطى مصر الأولوية فى هذا المجال لتصدير الطاقة المتجددة، وقطعت بالفعل شوطا كبيرا فى إضافة قدرات غير مسبوقة للشبكة القومية للكهرباء، لتحقيق التنمية الاقتصادية وتأمين الطاقة، وتحويل مصر إلى مركز للطاقة وناقل للكهرباء.
كما تعتمد استراتيجية وزارة الكهرباء على التحول من الشبكات التقليدية إلى الشبكات الذكية، حيث تمثل الشبكات الذكية نقلة نوعية فى مستقبل نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية فى الوقت الحالى، وهى تعتمد بشكل كبير على استغلال موارد الطاقة المتجددة وتحقيق الاستغلال الأمثل للكهرباء وتقليل تكلفة إنتاجها، وترتكز الرؤية المستقبلية لقطاع الكهرباء المصرى على التحول التدريجى للشبكة الحالية من شبكة نمطية إلى شبكة ذكية.
كما بدأت مصر باتخاذ خطوات فعالة فى سبيل التحول إلى نموذج تنموى مستدام من خلال تنويع مصادر الطاقة، فأطلقت مشروعا ضخما لإنشاء محطة للطاقة النووية السلمية بمدينة الضبعة، ويتكون المفاعل من 4 وحدات طاقة نووية بقدرة 1200 ميجا وات لكل وحدة، بواقع 4800 ميجا وات كقدرة إنتاجية للمحطة بالكامل.
وتم الحصول على إذن الإنشاء للوحدة الأولى فى 30 يونيو الماضى، وتم تنفيذ الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الأولى فى 20 يوليو هذا العام، وبذلك انتقلت مصر من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ الفعلى، وفى شهر أكتوبر الماضى تم منح إذن إنشاء الوحدة الثانية بمحطة الضبعة النووية.
المصدر : أ ش أ