تؤسس القمة العربية الصينية الأولى التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية خلال الأيام القادمة بداية مهمة واستثنائية في مسيرة الشراكة الإستراتيجية بين الدول العربية والصين، وذلك من خلال ثلاث قمم تشمل قمة بين الرئيس الصينى “شى جين بينغ”، مع العاهل السعودي “سلمان بن عبدالعزيز” وولى العهد “محمد بن سلمان”، بينما تجري القمة الثانية بين الرئيس الصينى وملوك وأمراء الخليج العربى، أما القمة الثالثة يعقدها “شى” مع رؤساء و زعماء الدول العربية، الأمر الذي يؤشر إلى أنَّ التعاون الاقتصادي والتنموي العربي الصيني أمام آفاق كبيرة مفتوحة، في ظل ظروف دولية تشهد اضطراباً كبيراً، وتمرّ بمتغيرات كبيرة تتطلب بذل المزيد من الجهود لرسم استراتيجية تعاون تؤسّس لمستقبل جديد، وإعادة صياغة الواقع الدولي متعدد الاقطاب، ونظام دولي جديد أساسه قيم الحرية والعدالة.
وقال السفير محمد العرابي وزير الخارجية الاسبق لوكالة أنباء الشرق الاوسط ، أن الرؤية العربية نحو تنويع العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية، يُخلف فرصة لتطور العلاقات العربية الصينية مستقبلا، حيث يوجد استفادة متبادلة بين الطرفين، مشيرا إلى أن الصّين تولي المنطقة العربية ولاسيما الخليجية أهمية كبيرة، نظراً لموقعها الاستراتيجي وغناها بمصادر الطاقة، حيث أن الصين أكبر مستورد للنفط الخام عالمياً، وهي تستورد نصف احتياجاتها من البلدان العربية، وهناك 5 دول عربية من بين أكبر 10 دول موردة للنفط إلى الصين (السعودية، العراق، عمان، الكويت، الإمارات)، وتعد السعودية البلد الأكبر في تصدير ورادات الصين من النفط. وقد شكلت وحدها 17.4% من إجمالي واردات الصين من النّفط الخام في العام 2021.
وأوضح وزير الخارجية الاسبق أنه بالنسبة لعلاقات الصين مع بلدان شمال أفريقيا، لاسيّما الجزائر ومصر والمغرب، فان بكين تعزز اهتمامها بهذه المنطقة لأسباب اقتصادية منها مبادرة الحزام والطريق، حيث أنشأت بكين شراكة استراتيجية شاملة مع الجزائر ومصر عام 2014، وشراكة استراتيجية مع المغرب في العام 2016، وبجانب الجزائر والمغرب ومصر، تسعى الصين أيضاً إلى توطيد علاقاتها التجارية مع تونس وليبيا؛ حيث شهد العام 2018، توقيع مذكرات تفاهم في إطار مبادرة الحزام والطريق مع هذين البلدَين .
ونوه العرابي إلى أن بكين تسعى إلى زيادة نفوذها في المنطقة خلال انخراط ثقافي أكبر؛ ففي إطار مذكرات التفاهم الموقعة بين ملك المغرب والرئيس الصيني في العام 2016، تمّ تدشين مركز ثقافي صيني في الرباط في ديسمبر 2018. وتضمّ مصر معهدي كونفوشيوس واقعَين في جامعة القاهرة وجامعة قناة السويس، بالإضافة إلى أنّها تضمّ مركزاً ثقافياً صينياً في العاصمة. وفي تونس، افتُتح معهد كونفوشيوس الأول في نوفمبر 2018. وفي خلال قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في سبتمبر 2018، قررت الحكومة الصينية أيضاً أن تزيد من عدد المنح للطلاب الأفريقيين، بمن فيهم الطلاب في شمال القارة السمراء، لكي يتمكنوا من متابعة دراساتهم العليا في الصين .
المصدر : أ ش أ