استشهدت صحيفة الخليج الإماراتية بقصة بيع جحا لبيته، ما عدا المسمار، على أن يكون له الحق في أن يأتي متى يشاء لتفقده، فوافق المشتري الذي فوجئ بأن جحا يأتي كل يوم صباحاً ومساء للاطمئنان على مسماره، إلى أن استاء صاحب المنزل وهرب منه.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الحكاية صارت مضرب مثل في استخدام الحجج لتحقيق الهدف المطلوب، وهو ما ينطبق على إعلان بولندا عن سقوط صاروخين في أراضيها أوقعا قتيلين، الأمر الذي استغلته العديد من الدول الأوروبية وبعض وسائل الإعلام، خصوصاً أوكرانيا، لاتهام روسيا بأنها من أطلق الصاروخين، في محاولة واضحة لاستغلال الحادث، ووضع حلف «الناتو» أمام واقع جديد يفرض عليه الانتقال إلى مرحلة المواجهة المباشرة مع روسيا، وفقاً للمادتين 4 و5 من ميثاقه، الأولى تفرض الدعوة للتشاور «عندما يشعر أي عضو في الحلف بأن وحدة أراضيه أو أمنه في خطر»، في حين أن المادة الخامسة تنص على أن أي هجوم أو عدوان مسلح ضد أي طرف في الحلف، يعتبر عدواناً عليهم جميعاً، وبناء عليه، فإنهم متفقون على حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، بشكل فردي أو جماعي، وتقديم المساندة والدعم للطرف أو الأطراف التي تتعرض لهجوم.
وقالت الصحيفة إن فور الإعلان عن الحادث سارع الحلف إلى عقد اجتماع بناء على طلب بولندا للتشاور، في حين سارعت أوكرانيا إلى اتهام روسيا بأنها من أطلقت الصاروخين، ودعا وزير خارجيتها ديمترو كوليبا إلى «الرد القاسي الجماعي على الأفعال الروسية»، مطالباً بتزويد بلاده بمقاتلات حديثة، في محاولة لجر الحلف إلى مستنقع الحرب، وتحويلها إلى حرب روسية غربية.
وأضافت الصحيفة إنه من اللافت أن الرئيس البولندي أندريه دودا أشار إلى عدم وجود دليل دامغ بشأن من أطلق الصاروخين.
لكن مصدراً في حلف الأطلسي حسم الأمر بقوله إن الرئيس بايدن أبلغ الحلف ومجموعة السبع بأن الصاروخين مصدرهما الدفاع الجوي الأوكراني، وكذلك أشار مسؤول أمريكي إلى أن الصاروخ الذي سقط في بولندا أطلقته قوات أوكرانية لاعتراض صاروخ روسي، والأمر نفسه أكده وزير الدفاع البلجيكي.
من جهتها أكدت روسيا أن الصور تظهر أن الصاروخ يعود لمنظومة إس 300 الأوكرانية.
وأكدت الصحيفة أنه من الواضح شأن الذين يسعون لتوسيع رقعة الحرب لا يدركون تبعاتها، وأن جر حلف الأطلسي إلى ميدان الصراع يعني أن حرباً عالمية جديدة سوف تصبح أمراً لا مناص منه، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر على الأمن والسلام الدوليين. فيما يعمل الحريصون على السلام والاستقرار على التهدئة وضبط الأعصاب وصولاً إلى الحوار والتفاوض للتوصل إلى تسوية سياسية تضمن حقوق الجميع.
في خضم الحرب الأوكرانية يبدو أن هناك من يستسهل تأزيم الوضع وتوسيع رقعة النار اعتقاداً منه أنه يستطيع أن يحقق مكسباً، من دون أن يدري أن النار سوف تلتهم الجميع دون استثناء.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالتأكيد على أن «مسمار جحا» لم ينفع هذه المرة، لكن سوف يبحث هواة الحرب عن «مسمار جحا» جديد.