تصاعدت الحرب الكلامية والإجراءات الأوروبية الأمريكية ضد إيران ، في ظل العديد من المتغيرات على الساحة الإيرانية والدولية، وتعثُّر ملف الاتفاق النووي، مع العثور على آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع إيرانية، ومطالب أوروبية من طهران بتقديم تفسيرات حول هذه الآثار، وهو ما يشير إلى تحول في العلاقات الأوروبية الإيرانية.
هناك العديد من المتغيرات في التوجه الأوروبي ضد إيران، في مقدمتها كشف الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن ممارسات إيرانية لتسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم.
وحسب تقديرات الوكالة الدولية، فقد زادت إيران مخزونها البالغ 60 في المئة من اليورانيوم النقي الانشطاري إلى 62.3 كيلوجرامات، ارتفاعا من 55.6 كيلوغرامات، كما أشارت إلى أنه مِن غير المعروف بالضبط كمية اليورانيوم عالي التخصيب التي تمتلكها إيران.
ونشرت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بيانًا مشتركًا خلال الأيام القليلة الماضية، ووصفت تفسير إيران للمسائل الوقائية للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه “ضروري وعاجل”.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه لا يعتقد بأنَّ مِن شأن أي مقترحات جديدة الإسهام في إحياء الاتفاق النووي مع إيران في المستقبل القريب، مضيفا أن “إطار عمل جديدا” سيلزم على الأرجح لمعالجة المسألة.
وقال ماكرون إن الموقف السياسي الحالي في إيران أدَّى إلى تغيير الموقف بالنسبة إلى الاتفاق “كثيرا” و”أضعف” احتمالية التوصل إلى اتفاق.
هذا وقرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الـ27 بالإجماع أمس الإثنين فرض عقوبات جديدة ضد مسؤولين إيرانيين ومنظمات إيرانية. وتشمل العقوبات الجديدة 31 فردًا وكيانًا لانتهاك حقوق الإنسان.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إن العقوبات الأوروبية الجديدة على إيران ستشمل إجراءات تستهدف “الدائرة الداخلية” للحرس الثوري الإيراني وهياكل التمويل.
من جانبه، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كناني، بشدة الرئيس الفرنسي ماكرون في مؤتمره الصحفي الأسبوعي في طهران، وقال: “الأمة الإيرانية تقف إلى جانب المعارضة.. إنها سياسة خاطئة وقصيرة النظر”.
لم يكن كناني راضيا عن تصريحات ماكرون، وطلب من الفرنسيين عدم “تكرار التجارب الخاطئة للماضي” و”عدم خلق تكاليف لأنفسهم والآخرين”.
كذلك طالب البرلمان البلجيكي بـ”إجراء تحقيق دولي بشأن دور الحرس الثوري الإيراني في قمع الاحتجاجات”، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات ضد الحرس الثوري.
أيضا قال المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي، إن واشنطن “لن تضيع الوقت” في محاولة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، مضيفًا أنه سيتم تطبيق “مزيدٍ من العقوبات” على النظام الإيراني.
وفي ظل التهديدات الإيرانية، أعلنت القيادة المركزية الأميركية أن قائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا، أجرى “محادثات مهمة” مع قادة “جميع الجيوش الشريكة في الشرق الأوسط”.
كما حلَّقت قاذفتان أمريكيتان من طراز B-52 فوق الشرق الأوسط وسماء الخليج العربي.
من جهة أخرى، اتجه الصراع مع إيران إلى المؤسسات الدولية، فقد طلبت ألمانيا وآيسلندا عقد جلسة خاصة بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لبحث وضع حقوق الإنسان في إيران.
ويقول الخبير في الشأن الإيراني محمود جابر، إن هناك تغيرا واضحا في السياسة الأوروبية والأمريكية مع إيران، وذلك لوجود تحوُّلات في العلاقات بين طهران ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية تتمثل في :
تسليم طهران لمسيرات إيرانية لروسيا، استخدمت في الحرب الأوكرانية، وهو ما أدى إلى غضب أمريكي أوروبي، واعتُبر مشاركة إيرانية في الحرب الأوكرانية، مما أدى إلى دعوة خايلو بودولاك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى شن ضربات عسكرية على مواقع إنتاج الطائرات بدون طيار الموجودة في إيران.
وفي وقت سابق، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إن خطط إيران لتزويد روسيا أسلحة، بينها طائرات مسيرة وصواريخ باليستية في حربها ضد أوكرانيا، أمر “غير مقبول”.
العثور على آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع إيرانية، ومطالب أوروبية من طهران بتقديم تفسير حول هذه الآثار، يؤكد أن طهران تراوغ المجتمع الدولي في الاتفاق النووي، وما زالت تسعى إلى الوصول للسلاح النووي، وهو خط أحمر للولايات المتحدة والدول الأوروبية وإسرائيل.