حينما أوحى المولى عز وجل، إلى الرسول “صلى الله عليه وسلم” أبلغه على لسان جبريل عليه السلام، قائلا: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
وعلى مدى حياة النبي “صلى الله عليه وسلم”، كانت له العديد من المواقف التي تدل على إنسانيته، حتى مع أعدائه، الذين آذوه وحاربوه وطاردوه وأخرجوه من مكة، أحب بلاد الله إليه.
1 ) الخروج إلى الطائف :
حينما خرج النبى “صلى الله عليه وسلم” إلى الطائف فى شوال سنة عشر من البعثة، بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته أم المؤمنين خديجة – رضي الله عنها – فأقام بها عشرة أيام، فلم يجيبوه وآذوه وأخرجوه ، ورجموه بالحجارة، حتى أدموا كعبيه، فانصرف عنهم رسول الله “صلى الله عليه وسلم” راجعاً إلى مكة.
وفى طريقه لقى عداسا النصراني، فآمن به وصدقه، ومر بنخلة صرف الله إليه نفرا من الجن، سبعة من أهل نصيبين فاستمعوا القرآن وأسلموا.
وفى طريقه تلك أرسل الله إليه ملك الجبال يأمره بطاعته وأن يطبق على قومه أخشبى مكة ، وهما جبلاها- إن أراد، فقال: لا، لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا.
2 ) جاره اليهودى :
كان رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، يجاوره شخص يهودي، كان دائما ما يريد إيذاء النبي “صلى الله عليه وسلم”، ولكن كان متخوفا من الصحابة.
وكان اليهودي يجمع القاذورات والأشواك، ويضعها أمام بيت النبي “صلى الله عليه وسلم” ليلاً ؛ خوفا من الصحابة أن يروه ويفتكو به، وحينما يستيقظ الرسول يجد القاذورات فيبتسم، ويعرف أن جاره اليهودى هو من أقدم على ذلك.
وكان اليهودى مستمر فى ذلك يومياً ، إلا أنه ذات مرة، استيقظ النبي من نومه فلم ير قاذورات أمام المنزل، فذهب إلى منزل جاره؛ للاطمئنان عليه، وتمنى له الشفاء، وتعجب اليهودي من معرفة الرسول بمرضه، فضحك المصطفى “صلى الله عليه وسلم” وقال له: عادتك التي انقطعت. يقصد نبينا الكريم ما كان يلقي به اليهودي من قاذروت أمام بابه، فبكى بكاء حارا، فنطق بالشهادتين، ودخل في دين الإسلام.
3 ) قصته مع المرأة العجوز :
في أحد الأيام شديدة الحرارة، قبل أن يهاجر النبىي “صلى الله عليه وسلم”، كانت هناك امرأة عجوز تقف قرب أغراضها على قارعة الطريق، فى انتظار من يساعدها في حمل أغراضها، ولم يقترب منها أحد لمساعدتها.
واقترب من هذه المرأة رجل، وطلب منها أن ترشده لبيتها، وحمل لها الأغراض وسار معها، وسعدت بما رأته من أخلاق في ذلك الرجل.
وأرادت المرأة أن تكافئ هذا الرجل، ولم يكن معها مال، فقالت له سأسدى لك نصيحة، هناك رجل يسمى “محمد بن عبد الله” يسحر الناس، ويفتنهم، فلا تلقه، وحينما وصلت إلى منزلها، وضع النبي أغراضها، فشكرته، وسألته عن اسمه، فقال لها: محمد بن عبد الله، فتعجبت المرأة من ذلك، وقالت له: «أأنت هو؟ فقال: نعم. فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله».
4 ) أخلاقيات الحروب في الإسلام
قبل دخول المسلمين أي غزوة، كان النبي “صلى الله عليه وسلم” يحث الصحابة على عدم قتل النساء والشيوخ، ولا العُباد، ولا يقطعوا شجرا ولا يفسدوا في الأرض، أو وَلا يغْرِقُنَّ نَخْلًا وَلا تَحْرِقُنَّهَا، وَلا تَعْقِرُوا بَهِيمَةً، وَلا شَجَرَةً تُثْمِرُ، وَلا تَهْدِمُوا بَيْعَةً”.
5 ) فتح مكة :
حينما فتح النبي “صلى الله عليه وسلم” في السنة الثامنة من الهجرة، نال أهل مكة عفوا عاما، رغم أنواع الأذى التي ألحقوها به ودعوته، ومع قدرة الجيش الإسلامي على إبادتهم، إلا أنه “صلى الله عليه وسلم” عفا عنهم، وهم مجتمعون قرب الكعبة، ينتظرون حكم الرسول فيهم، فقال: «ما تظنون أني فاعل بكم؟»، فقالوا: «خيرا، أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ»، فقال: «لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُم، اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وترتب على هذا العفو العام حفظ الأنفس من القتل أو السبي، وإبقاء الأموال المنقولة والأراضي بيد أصحابها.