تعتبر دار الأوبرا المصرية، وعلى مدار 34 عامًا، أحد أعمدة الثقافة المهمة في مصر، حيث لعبت دورا مهما في صون أرقى الفنون وكذلك مختلف أشكال الإبداع التراثي، كما استضافت أكبر العروض العالمية على مسارحها؛ لتنقل للشعب المصري مختلف ثقافات العالم، فهي منارة الثقافة والفنون وتأتي على رأس المؤسسات الثقافية التي تقدم أرقى الفنون.
وتحتفل دار الأوبرا المصرية هذا العام بعيدها الـ 34، حيث لعبت طوال هذه الأعوام دورا بارزاً في إثراء الحياة الفنية والإبداعية، وساهمت في تألق أجيال عديدة في ساحات الفن المصري والعربي.
وتنظم دار الأوبرا بهذه المناسبة، احتفالية كبرى تستعرض فيها فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية ملامح من تاريخ الطرب، خلال الحفل المقرر إقامته مساء اليوم على المسرح الكبير، ويتناوب على قيادته المايسترو صلاح غباشي والمايسترو أحمد عامر.
ويبدأ الحفل بفيلم وثائقي من إعداد استوديو المونتاج، يروي تاريخ الأوبرا المصرية منذ افتتاحها عام 1988 وحتى الآن وأهم الأنشطة والعروض التي أقيمت على مسارحها أو خارجها، كما يضم كلمات لكل من الدكتورة رتيبة الحفني، الدكتور عبد المنعم كامل، والفنان حسن كامي، ثم تبحر الفرقة في نهر التراث وتتغنى بجميع أشكال وقوالب الموسيقى العربية، التي قدمتها الأوبرا على مدار 34 عاما.
ويتضمن الحفل تابلوهات حركية لعارضين من فرقة باليه أوبرا القاهرة تصميم فاروق الشريف هي موشح عجبا لغزال لـ (فؤاد عبد المجيد)، قلبي دليلي لـ (محمد القصبجي)، فين قلبي لـ (محمد فوزي)، إلى جانب موسيقى بشرف عربات السيكا – على قد الليل ما يطول لـ (سيد درويش)، غريب الدار لـ (محمد القاسم)، يا حلاوة الدنيا لـ (زكريا أحمد)، سلم علي من الفلكلور وإعداد عبد الحليم نويرة، بصعب على روحي لـ (أحمد صدقي)، قد ما أحبك لـ (محمد عثمان)، لونجا نهاوند النيل القديم لـ (عبده داغر)، بشاير لـ (عبد العظيم عبد الحق)، يا مالك القلب لـ (محمد الموجي)، بيع قلبك لـ (كمال الطويل)، يا حبيب الروح لـ (رياض السنباطي)، ع الباب أنا ع الباب لـ (محمد فوزي)، هذه ليلتي لـ (محمد عبد الوهاب) أداء كل من مصطفى النجدي، تامر عبد النبي، أجفان، وليد حيدر، إبراهيم راشد، محمد حسن، نهاد فتحي، رحاب عمر، وعازف الكمان نصر الدين.
يذكر أنه تم افتتاح دار الأوبرا المصرية، أو الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي عام 1988، وتقع في مبناها الجديد، والذي تم تشيده كمنحة من الحكومة اليابانية لنظيرتها المصرية بأرض الجزيرة في القاهرة وقد بنيت الدار على الطراز الإسلامي.
ويعتبر هذا الصرح الثقافي الكبير الذي افتتح يوم 10 أكتوبر عام 1988 هو البديل عن دار الأوبرا الخديوية، التي بناها الخديوي إسماعيل عام 1869، واحترقت في 28 أكتوبر العام 1971، بعد أن ظلت منارة ثقافية لمدة 102 عام.
ويرجع تاريخ بناء دار الأوبرا القديمة إلى فترة الازدهار التي شهدها عصر الخديوي إسماعيل في كافة المجالات، وقد أمر الخديوي إسماعيل ببناء دار الأوبرا الخديوية بحي الأزبكية بوسط القاهرة بمناسبة افتتاح قناة السويس، حيث اعتزم أن يدعو إليه عدداً كبيراً من ملوك وملكات أوروبا، وتم بناء الأوبرا خلال ستة أشهر فقط، بعد أن وضع تصميمها المهندسان الإيطاليان أفوسكانى وروس.
وكانت رغبة الخديوي إسماعيل متجهة نحو أوبرا مصرية يفتتح بها دار الأوبرا الخديوية، وهي أوبرا عايدة وقد وضع موسيقاها الموسيقار الإيطالي فيردي، لكن الظروف حالت دون تقديمها في وقت افتتاح الحفل، فقدمت أوبرا ريجوليتو في الافتتاح الرسمي، الذي حضره الخديوي إسماعيل والإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث وملك النمسا وولي عهد بروسيا.
وكانت دار الأوبرا الخديوية التي احترقت فجر 28 أكتوبر العام 1971 تتسع لـ 850 شخصا، وكان هناك مكان مخصص للشخصيات الهامة واتسمت تلك الدار بالعظمة والفخامة.
وتضم دار الأوبرا المصرية ثمانية مسارح هي “الكبير، الصغير، المكشوف والنافورة، إلى جانب مسرح الجمهورية، ومعهد الموسيقى العربية بالقاهرة، ومسرح سيد درويش بالإسكندرية، ومسرح أوبرا دمنهور بالبحيرة”، وتختص بتقديم أشكال متنوعة من الفنون الجادة والراقية هي “الباليه، الأوبرا، الموسيقى الكلاسيكية والعربية، الصالونات الثقافية، معارض الفنون التشكيلية”، بالإضافة إلى المهرجانات المتنوعة للموسيقى والغناء، ونجحت في صنع مكانة مميزة في قلوب الجمهور المصري والجاليات العربية والأجنبية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)