يمر اليوم الذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو التي أصبحت علامة فارقة ليست في تاريخ مصر بل قلبت الموازين والحسابات العالمية التي كانت تحاول تغيير خريطة الشرق الأوسط.
انطلق الملايين إلى الشوارع والميادين، رافعين لافتات كتبوا عليها كلمة واحدة، “ارحل” للتخلص من حكم الإخوان، وتهديد الجماعة باستخدام العنف لقمع المتظاهرين العزل.
لم يجد الجيش وسيلة لمنع التقاتل وإنقاذ البلاد، سوى التدخل للوقوف بجوار الشعب، الذي طالب بالخلاص وأراد الحياة فاستجاب القدر.
أدت خطايا الإخوان طوال عام كامل قضوه في الحكم، لاستياء شعبي في أوساط الجماهير، التي حددت يوم 30 يونيو كموعد أخير لمواجهة الجماعة، والتحرر من نظام الإخوان، الذي كان أشبه بنظام فاش أراد السيطرة والانفراد بالسلطة وإقصاء القوي السياسية.
بدأت إرهاصات الثورة بحركة بحركة “تمرد”، التي أسسها عدد من الشباب في 26 إبرايل 2013، حملت الحملة علي عاتقها جمع أكبر عدد من توقيعات المصريين، لسحب الثقة من محمد مرسي الرئيس الإخواني وجماعته، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأعلنت الحركة عن جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة، ودعت الموقعين للتظاهر في 30 يونيو، أمام ذلك قامت الجماعة بإطلاق ما عرف باسم حركة “تجرد”، ولكن حركة الإخوان فشلت في جمع توقيعات المصريين لتجديد الثقة، ومقاومة الغضب الشعبي ضد مرسي وجماعته.
تجاهل الرئيس مرسي هذه التوقيعات، ورفض الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ووصف المطالبين بذلك بالعبثية، وأمام ذلك رفضت المعارضة دعوة مرسي للحوار، وبتشكيل لجنة لتعديل الدستور والمصالحة الوطنية، وذلك بعد خطاب للمعزول استمر لمدة ساعتين ونصف الساعة، وبعد الخطاب قرأ محمد البرادعي بيان جبهة الإنقاذ المعارضة، حيث تمسكت الجهة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقالت إن خطاب محمد مرسي “عكس عجزًا واضحًا عن الإقرار بالواقع الصعب الذي تعيشه مصر بسبب فشله في إدارة شئون البلاد منذ أن تولى منصبه قبل عام”.
وتدخل رجال الدين لحقن الدماء، وأصدر شيخ الأزهر أحمد الطيب بيانا، دعا فيه كل مصري لتحمل مسئوليته “أمام الله والتاريخ والعالم”، وحذر من الانجراف إلى الحرب الأهلية، بدت ملامحها في الأفق وتنذر بعواقب وخيمة، لا تليق بتاريخ مصر ووحدة المصريين ولن تغفرها الأجيال لأحد، في حين دعا بابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني، المصريين إلى التفكير معًا والتحاور معًا، وطلب منهم الصلاة من أجل مصر.
انطلق المصريون للشوارع والميادين، رافعين شعارات ضد جماعة الإخوان، وهم يرددون كلمة واحدة عبرت عن غضبهم من فترة حكمهم “ارحل”، أمام المطالبات الشعبية بالرحيل، انضم رجال الشرطة للمتظاهرين، الذين رفعوهم علي الأعناق، وحمت قوات الجيش المصريين في الشوارع والميادين، ومنعت مليشيات الجماعة من إيذاء المتظاهرين العزل، الذين انطلقوا نحو مقرات الجماعة بالقاهرة والمقطم، وقاموا بإحراقها وأسفر عن هذه المواجهات مقتل 10 أفراد.
بعد أن تأكد الجيش عن طريق التصوير الجوي، من المشاركة الشعبية غير المسبوقة في الثورة، انحاز للشعب وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانا، يمهل القوى السياسية مهلة مدتها 48 ساعة، لتحمل أعباء الظرف التاريخي، وذكر البيان أنه في حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة، فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها، في أعقاب ذلك، طالب كل من حزب النور السلفي والدعوة السلفية الرئيس محمد مرسي بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأعلنت وزارة الداخلية في بيان لها تضامنها مع بيان القوات المسلحة وأكدت بأنها تقف على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية.
وفي نفس اليوم استقال خمسة وزراء من الحكومة المصرية، تضامنًا مع مطالب المتظاهرين، واستقال مستشار الرئيس للشئون العسكرية الفريق سامي عنان، الذي قال إن منصبه كان شرفيًا ولم يكلف بأي مهمة، وقدم 30 عضوًا في مجلس الشورى استقالاتهم، في حين ساهم بيان الجيش في دفع مؤشرات البورصة المصرية، حيث زادت القيمة السوقية للأسهم نحو عشرة مليارات جنيه.
في اليوم الثالث للثورة، وبعد انتهاء المهلة التي حددتها القوات المسلحة للقوي السياسية، بعد اجتماع لقادة القوات المسلحة مع قوى سياسية ودينية وشبابية، وفي التاسعة مساءً أذاع التليفزيون المصري والقنوات الفضائية، خطابا تاريخيا للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الدفاع، أعلن فيه إنهاء حكم الرئيس المعزول مرسي، على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور، إدارة شئون البلاد خلال الفترة الانتقالية، مع إجراءات أخرى وخارطة طريق، وعدد من الاستحقاقات السياسية، انتهت بالانتخابات الرئاسية.
بعد هذا الخطاب التاريخي، انطلقت الاحتفالات في جميع شوارع وميادين مصر، ودخل الإخوان في مواجهات مع القوى الشعبية، في عدد من الميادين قاموا بالاعتصام في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة بالجيزة.
المصدر: وكالات