شهدت الفترة الأخيرة في العراق انتشار فضائح سياسية وتسريبات ومقاطع فيديو لسياسيين بارزين، أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، الذي هاجم زعيم التيار الصدري مقتدى وكذلك بعض قادة البلاد
وبعد تسريبات المالكي، ظهر صالح الجبوري وهو وزير الصناعة في حكومة عادل عبد المهدي، مردداً القسم لزعيم الحزب الذي رشحه أحمد عبد الله الجبوري المعروف باسم أبو مازن.
وكشفت هذه الحوادث طبيعة السلوكيات المتبعة لدى أحزاب عراقية، ووصفها البعض بسلوكيات المافيات والعصابات التي سيطرت على مقدرات البلد من خلال فرض المحاصصة السياسية وإنشاء هيئات اقتصادية تسيطر على وزارات ومؤسسات الدولة، مرة من خلال مشاركة أحزابها في الحكومة، ومرة من خلال سطوة السلاح والميليشيات.
وعندما وصل رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي في مايو 2020 إلى منصبه، سارع إلى فتح ملف الفساد في المنافذ الحدودية وفرض سيطرة الدولة عليها بعد سنوات من ضياع واردات الدولة المالية من خلال الهيئات الاقتصادية التابعة للأحزاب والجماعات المسلحة.
وسعى الكاظمي إلى محاسبة أكثر لهذه الجهات من خلال لجنة حكومية عليا للتحقيق في قضايا الفساد، وتمكنت اللجنة من إيداع عدد من الرؤوس الكبيرة في السجون بسبب ملفات فساد تورطت بها.
وكشفت مصادر سياسية أن “بعض الأحزاب تأتي بشخصيات ضعيفة وغير قيادية لمناصب حكومية، سعياً منها للسيطرة عليها وإدارة الوزارات من خلال شخصيات أخرى تكون بصلاحيات وزراء في الظل”.
وأضافت المصادر أن “من السلوكيات المتبعة لبعض الأحزاب، توقيع الوزراء والمديرين العامين على كمبيالات وصكوك واستقالات من دون تواريخ لتهديدها بها إذا ما رفضوا الانصياع لزعماء الأحزاب والمقربين منهم”.
وعمل الكاظمي خلال حكومته الحالية على إنهاء ملف المحاصصة السياسية، من خلال اختيار أغلب وزراء حكومته التكنوقراط، وجاء بهم من ذات الوزارات التي ترأسوها. كما عمل على إنهاء ملف المحاصصة أيضاً من خلال إجراء الانتخابات المبكرة في 10 أكتوبر 2021.
ودخل الكاظمي في صراع سياسي مع بعض الأحزاب والجماعات المسلحة بسبب إجراءات اتبعها لفرض هيبة الدولة ومنع انتشار السلاح المنفلت وضرب بعض رؤوس الفساد التابعة لتلك الأحزاب، مما دفع تلك الأحزاب لمهاجمة الكاظمي في أكثر من مناسبة.
وسيطرت هذه الأحزاب والجماعات المسلحة على مساحات استثمارية كبيرة من خلال نفوذها في مؤسسات الدولة أو بفرض سطوة السلاح، مما دفع الحكومة العراقية إلى إلغاء بعض الإجازات وإعادة النظر في بعض المشاريع الاستثمارية الكبيرة.
ويرى مواطنون أن بعض الأحزاب العراقية صارت تشبه المافيات والعصابات، التي تتحكم بكل مفاصل الدولة العراقية.
ووفقاً لمصدر سياسي عراقي ” فإن “مسلسل الفضائح السياسية لن ينتهي، فهناك مقاطع فيديو وتسجيلات ربما تكون أخطر من تلك التي سُربت مؤخراً”.
ويعتبر مزاد العملة في البنك المركزي، أحد أبرز المؤسسات التي تتصارع عليها الأحزاب والجماعات المسلحة، ووفقاً لهيئة النزاهة العراقية، فإن المزاد تسبب بضرر مالي يصل إلى نحو 4 مليارات دولار أميركي.
وفي مارس 2021 وصف الكاظمي مزاد العملة بـ”سيئ الصيت”، وقال إن “حكومته تمكنت من الحد من الفساد فيه”.
وقال الخبير السياسي فاضل أبو رغيف: “بالرغم من عدم وجود موازنة مالية في البلاد، فإن حكومة الكاظمي تمكنت من تسيير أمور البلاد والسيطرة على مواردها المالية”.
وشدد أبو رغيف على ضرورة “تشكيل حكومة بعيداً عن المحاصصة السياسية، يمكنها أن تدير هذه الأموال بعيداً عن الهيئات الاقتصادية للأحزاب السياسية، والذهاب باتجاه استثمار مواردها المالية في تقديم خدمات وإنشاء بنى تحتية بعيداً عن يد الفاسدين”.