تتصاعد التوترات والهجمات الحوثية في البحر الأحمر، إذ هاجم الحوثيون حتى الأمس ما لا يقل عن 33 سفينة بأنواع مختلفة من الصواريخ الباليستية والمسيرات، ما تسبب في تعطيل حركة الشحن العالمي، وأثار مخاوف من التضخم العالمي.
وفاقمت تلك الهجمات الحوثية المخاوف من أن تؤدي تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والمستمرة منذ 7 أكتوبر الفائت، إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وتوسيع الصراع إلى حرب إقليمية.
ونقل تقرير لـ”نيويورك تايمز” عن مسؤولين عسكريين أمريكيين قولهم إن الحوثيين المدعومين من إيران أتقنوا تكتيكات الحرب غير النظامية، وأشاروا إلى أن هذه الجماعة لا تملك الكثير من مستودعات الأسلحة الكبيرة التي يمكن للطائرات المقاتلة الأميركية قصفها – فالمقاتلون الحوثيون يتنقلون باستمرار بالصواريخ التي يطلقونها من شاحنات صغيرة على الشواطئ النائية قبل أن يندفعوا بعيدًا.
وقال مسؤولون في البنتاجون إن الوابل الأول من الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة منذ ما يقرب من أسبوعين أصاب نحو 30 موقعًا في اليمن، ودمر نحو 90 بالمائة من الأهداف التي تم ضربها. ولكن حتى مع معدل النجاح المرتفع هذا، احتفظ الحوثيون بحوالي 75 بالمائة من قدرتهم على إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن التي تعبر البحر الأحمر، حسبما اعترف هؤلاء المسؤولون.
ويقول المسؤولون الأمريكيون للصحيفة إن الأسلحة التي يتم تدميرها يتم استبدالها، حيث يقوم تيار لا ينتهي من المراكب الشراعية بنقل المزيد من الأسلحة إلى اليمن.
ويُعتقد أن الحوثيين كانت لديهم مواقع تجميع وتصنيع تحت الأرض حتى قبل بدء الحرب الأهلية في اليمن في عام 2014. واستولت الميليشيا على ترسانة الجيش في البلاد عندما استولت على العاصمة صنعاء قبل عقد من الزمن. وقال محللون عسكريون إن الجماعة جمعت منذ ذلك الحين ترسانة متنوعة وفتاكة بشكل متزايد من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار الهجومية أحادية الاتجاه.
وبحسب “نيويورك تايمز” فإن “حزب الله” اللبناني قام بتدريبهم ليكونوا قادرين على التكيف مع متغيرات الحرب وكيفية أن يكونوا ديناميكيين للغاية.
ويقول محللون عسكريون إن هذا لا يترك للولايات المتحدة وشركائها في التحالف سوى ثلاثة خيارات قابلة للتطبيق، بالنظر إلى معايير الأهداف الاستراتيجية للرئيس جو بايدن في اليمن.
وتتمثل هذه الخيارات بقيام التحالف الذي أنشأته أمريكا بالاستيلاء على الأسلحة الآتية عن طريق البحر من إيران؛ والعثور على الصواريخ، الأمر الذي يتطلب معلومات استخباراتية واسعة النطاق؛ أو مهاجمة مواقع الإطلاق. والخيار الثالث هو الأصعب.
وتضيف الصحيفة أن المسلحين الحوثيين يخفون قاذفات الصواريخ المتنقلة في مجموعة من المواقع، في أي مكان، من داخل المجاري إلى أسفل الجسور على الطرق السريعة. يتم نقلها بسهولة لعمليات الإطلاق المتسرعة.
ومع استمرار عملياتها ضد السفن في البحر الأحمر.تدرس أمريكا خططا عديدة للقضاء على الأعمال العدائية للحوثيين ومنها خطة عسكرية جديدة، لاستهداف الجماعة المصنفة إرهابيًا.
وكشفت مصادر يمنية لـ”المشهد اليمني” أن الخطة تتضمن وضع أسماء قيادات من الصف الأول بجماعة الحوثي على قائمة اغتيالات بعد عدم تمكن الضربات العسكرية الجوية من وقف الهجمات الحوثية على السفن.
وأضافت أن اغتيال القيادات الحوثية من بين خيارات الخطة الجديدة، على الرغم من تخوفات واشنطن من أن عمليات الاغتيال قد تدفع إلى مزيد من العمليات الانتقامية للحوثيين، ما يجعل قواعد عسكرية أميركية بالمنطقة ضمن بنك أهداف حوثية.
ولفتت إلى أن واشنطن بالتوازي مع التخطيط والتحركات القادمة، تعمل على استقطاب قيادات حوثية وخلق انقسام في صفوف الجماعة، خصوصا مع الرغبة لدى بعض تلك القيادات بتصفية أخرى.
تقوم الخطة الأميركية الحالية على ضرب البنية التحتية للحوثيين، وهذا ما شهدناه مرتين خلال هذا الشهر، وقد أعلن الأمريكيون والبريطانيون أنهم استهدفوا “منظومات صواريخ ومنصات إطلاق، ومنظومات دفاع جوي ورادارات ومخازن أسلحة عميقة”.
مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن ما يقوم به الأميركيون وحلفاؤهم ينقسم إلى عمليتين، الأولى تقوم على شنّ ضربات استباقية على مواقع متعددة، والهدف هو ضرب القدرات لدى الحوثيين وإضعافها، والثانية هي عمليات “دفاع عن النفس وكلما كشفنا خطراً داهماً على القوات الأميركية أو التجارة الدولية نبادر إلى القصف” وأكد أن ما حدث يوم الاثنين 22 الجاري هو ضرب البنية التحتية.
وذكرت المصادر أن الولايات المتحدة تسعى لتشكيل تحالف دولي كبيير، على غرار ما حدث في ليبيا في مارس عام 2011، ضد نظام العقيد القذافي، مشيرة إلى أن واشنطن تحاول النأي بنفسها عن التورط المباشر في حرب جديدة باليمن تكون فيها وحيدة.
وفي وقت سابق، كشف قائد البحرية البريطانية السابق، اللورد ويست أوف سبيثيد، عن تحرك عسكري جديد، قد تقوم به بريطانيا بعد فشل الضربات الجوية ضد الحوثيين بمنعهم من استهداف السفن بالبحر الأحمر.
وقال اللورد سبيثيد في كلمة للبرلمان البريطاني، إن الضربات ستكون “عملية طويلة ومستمرة” واقترح إرسال حاملة طائرات إلى السواحل اليمنية، مضيفا أن مسألة تأمين المرور الآمن عبر البحر الأحمر الممر المائي الحيوي لن تنتهي بسرعة.
ومن المرجح أن تكون الضربات ضد الحوثيين في اليمن جزءًا من “عملية طويلة ومستمرة لتأمين البحر الأحمر، حسبما قال قائد البحرية السابق.
ربما يكون من الضروري القول إن الأمريكيين سيتابعون التشدّد في منع التهريب البحري والبرّي من إيران إلى الحوثيين، وهم حققوا تقدماً خلال الأشهر الماضية في تطوير عملهم مع القوات الحكومية اليمنية والقوات المشاركة في الرقابة البحرية لمنع وصول شحنات من القطع التي أرسلها الحرس الثوري الإيراني إلى الحوثيين.
كما أن الأميركيين سيعتمدون، ولأشهر طويلة، على الاستطلاع الجوي والاستخباراتي لفرض مسح كامل وعلى مدار الساعة لمنطقة سيطرة الحوثيين وهم اعتمدوا هذه الخطة عند انسحابهم من أفغانستان وأطلقوا عليها اسم “عبر الأفق”
وأشار الأميرال المتقاعد اللورد ويست أوف سبيثيد إلى التردد المفهوم لشركات الشحن في العودة إلى طريقها السابق بعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
ومنذ 12 يناير الجاري، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا أكثر من 8 هجمات وغارات جوية على مواقع ومنشآت عسكرية تابعة للحوثيين في مناطق سيطرتهم.
وفي سياق متصل ،وفي بيان جديد أعلنت هيئة قناة السويس تفاصيل الوضع الحالي في القناة بعد التطورات الأخيرة والضربات ضد الحوثي في البحر الأحمر.
وأعلن الفريق أسامة ربيع رئيس الهيئة في بيان اليوم، أن الملاحة بالقناة منتظمة ولم تتوقف على الإطلاق ولو ليوم واحد منذ اندلاع الأزمة، مؤكدا أن القناة مستمرة في تقديم خدماتها الملاحية بصورة طبيعية، وذلك بالتوازي مع استمرار جهود الهيئة في دعم عملائها لتقليل تأثير الأوضاع الراهنة عليهم.
المصدر: وكالات