أصبحت العقوبات الغربية على تركيا هى العنوان الأبرز للعام الجارى 2020، بعدما أثارت حكومة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان العداءات ضد أنقرة من كل حدب وصوب، وفشلت إدارته فى إقامة علاقات سياسة ودبلوسية متوازنة.
وجراء عمليات التنقيب غير المشروع عن النفط فى شرق المتوسط وإثارة العداءات مع اليونان قبرص، أصبحت تركيا فى مرمى العقوبات الغربية، بعدما دخلت أنقرة فى أزمة جدية مع الاتحاد الأوروبى، وعلى الرغم من أنها عقوبات رمزية حتى الأن، إلا أن التكتل الأوروبى أبقى الباب مفتوحًا لتوسيع إطار تلك العقوبات قريبًا إذا لم تتراجع تركيا عن عملياتها الاستفزازية المستمرة.
ولم يختلف الحال كثيرًا مع الولايات المتحدة، فقد فشلت إدارة أردوغان فى إدارة علاقاتها مع الكبار، فيما بين روسيا وأمريكا، وكان شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الروسية إس 400 سببًا كافيًا لإثارة غضب واشنطن التى أعلنت أمس الإثنين، فرض عقوبات على إدارة أردوغان.
ولم تفلح سياسات الانتهازية السياسية التى اتبعتها الحكومة التركية فى التعامل مع ملفاتها، فتعددت أسباب العقوبات ضد تركيا، بسبب دعمها الميليشيات الإرهابية وضخ السلاح فى ليبيا، والتنقيب غير المشروع عن النفط فى شرق المتوسط، إضافة إلى الحرب فى سوريا وإثارة الصراعات والعداء فى إقليم ناجورنو كاراباخ بمنطقة القوقاز.
وتودع تركيا عامها على وقع أزمة اقتصادية بسبب عقوبات غربية جديدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ـ، تفاقمت هذه الأزمة بسبب انتشار وباء كورونا المستجد، ما جعل الليرة تفقد 25% أخرى من قيمتها.
وفى تصريحاته يوم الجمعة الماضية، وقبل يومين من فرض العقوبات، اعتبر أردوغان أن أى عقوبات تفرضها الولايات المتحدة على بلاده لشرائها منظومة إس 400 الدفاعية ستكون إساءة تعكس عدم احترام لبلد فى الناتو، مضيفًا أن هذه الخطوة ستزيد من توتر العلاقات بين البلدين.
وتأتى أنباء العقوبات الأمريكية على قطاع الدفاع التركى تزامنًا مع مناقشات جارية فى الاتحاد الأوروبى لفرض عقوبات منفصلة على الاتحاد الأوروبى بسبب التنقيب الغير مشروع فى مناطق متنازع عليها فى شرق المتوسط.
وفى خطاب أدلى به فى وقت لاحق أمام مسؤولين من حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه، لجأ أردوغان إلى لهجة تصالحية، داعيًا السياسيين فى أمريكا والاتحاد الأوروبى إلى ما أسماه “الابتعاد عن تأثير جماعات الضغط المناهضة لتركيا”، وقال فى تراجع عن لهجته التصادمية والاستعلائية: “ليس لدينا قضايا تستعصى على الحل بالحوار والتعاون”.
ونددت تركيا، بالعقوبات الأمريكية ضدها، واصفة إياها بأنها “غير منصفة”، وقالت وزارة الخارجية التركية “ندعو الولايات المتحدة الى اعادة النظر فى هذا القرار غير المنصف، ونكرر استعدادنا للبحث فى القضية عبر الحوار والدبلوماسية، انسجاما مع روح التحالف”.
وقد أدى شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوى الروسية اس-400 إلى توتر العلاقات مع واشنطن في السنوات الأخيرة، إذ تقول الولايات المتحدة إن هذه الصواريخ لا تتوافق مع أنظمة الدفاع لحلف الاطلسى الذى أنقرة عضو فيه مع واشنطن.
وعلى الرغم من حالة اختقان سياسى واقتصادى واسعة داخل الشارع التركى، إلا أن أردوغان لجأ مجددًا لاستجداء الأتراك فى الداخل، مطالبًا مواطنى البلاد بتحويل مدخراتهم إلى الليرة تحسبًا للعقوبات التى تحاصر تركيا، وقال فى خطابه للأتراك: “ننتظر الدعم من جميع مواطنينا تجاه نضالنا بالاستثمارات التى من شأنها أن تساهم فى الإنتاج والتوظيف، من خلال تحويل مدخراتهم إلى الليرة”.
بينما الواقع يؤكد أن الليرة تهاوت على نحو غير مسبوق أمام الدولار خلال الأشهر الأخيرة ما عمق الأزمة الاقتصادية التى تعيشها تركيا.
وجاء رد الأتراك صادمًا على أردوغان، فانتقده بشده المعارض التركى سلجوق أوزداغ، نائب رئيس حزب المستقبل التركى. وفى إحراج للرئيس التركى، طالبه أوزداغ، بأن يكون قدوة لشعبه، وأن يبدأ بنفسه بتحويل مدخراته إلى الليرة، ليكون قدوة للمواطنين الذين يطالبهم بذلك لدعم الاقتصاد المتردى.
المصدر : وكالات