تعقد الخميس جلسة للحكومة اللبنانية كمسعى أخير للتوصل إلى توافق حول بيانها الوزاري، وإلا سيقدم تمام سلام استقالته، كي لا يدخل لبنان في متاهات دستورية جديدة.
يعيش لبنان دائمًا على حافة الخوف، على حافة الفشل، ولا يستطيع أبدًا الابتعاد عن مفهوم (ربع الساعة الأخير) فحكومة الرئيس تمام سلام، التي استغرق تأليفها أكثر من 10 اشهر، مهددة بالتحول تلقائيًا إلى حكومة تصريف أعمال، إن انقضى الاثنين المقبل من دون توافق على بيان وزاري يرضي الجميع.
منذ أمس الأربعاء، لم ير سلام حرجًا في التلويح بالاستقالة، كي لا يُقال الاثنين ليلًا، خصوصًا بعد تشدد رئيس مجلس النواب نبيه بري في أن مهلة شهر للخروج ببيان وزاري هي مهلة إسقاط، بينما تتحدث كتلة المستقبل إنها مهلة حث ليس إلا.
محور الخلاف في البيان الوزاري هو كلمة المقاومة، التي يصر بري على أنه لن يتخلى عن أي حرف من حروفها، قائلًا: (أليست الحكومة حكومة المصلحة الوطنية؟ هذه المصلحة الوطنية تحديدًا تتجسد بضرورة تمسكنا بالمقاومة، حرصًا حتى على ثرواتنا من مياه ونفط، إضافة لردع الاعتداءات وموضوع السيادة، فلماذا نريد المقاومة أن تكون ممنوعة من صرف الخدمة الوطنية؟). لكن بري، مع النائب وليد جنبلاط، يشكلان دينامو إنقاذ الوضع، في ربع الساعة الأخير… كما جرت العادة.
ونقل عن وزير في الحكومة قوله إن جنبلاط دعا لاعتماد عبارة (حق لبنان واللبنانيين في المقاومة)، على ان يتضمن البيان عودة إلى طاولة الحوار لتأكيد مرجعية الدولة للمقاومة.
لكن هذا لم يلق اصداء إيجابية، إذ تنحل مشكلة 14 بالاكتفاء بعبارة (حق لبنان في المقاومة). وما تزال الجهود الجنبلاطية مستمرة للتوصل إلى نتائج إيجابية تحديد مصير جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس، وتنقذ الحكومة من استقالة، يتوجه سلام نحوها بلا تردد.
وفي السياق نفسه، قال المحامي إميل رحمة، عضو تكتل التغيير والاصلاح الذي يرأسه النائب ميشال عون، أهم المرشحين لرئاسة الجمهورية عن فريق 8 آذار، قال إن مجلس الوزراء لن يتوصل في جلسته الخميس إلى صيغة توافقية للبيان الوزاري، “فذلك يتم فقط عبر اللجنة المكلفة صياغة هذا البيان، وتم نقل المسألة إلى مجلس الوزراء للتشاور”.
وكرر رحمة في حديث إذاعي أن مهلة الشهر لصياغة البيان هي مهلة إسقاط، “ولن يسمح رئيس الحكومة تمام سلام بالوصول إلى السجال بين رأيي مهلة الإسقاط والحث وسيستقيل قبل ذلك، وأرجح أن يولد البيان في ربع الساعة الأخير، وإلا فعندها سيقدم الرئيس سلام استقالته”.
واستغرب رحمة تنازل قوى 8 آذار، وهو منها، عن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، مؤكدًا أن تمسك نواب تكتل التغيير والإصلاح في لجنة البيان الوزاري بمواقفهم ليس كيديًا، (بل يأتي في إطار المصلحة الوطنية وبهدف عدم وضع لبنان الرسمي في عين العاصفة، وأزمة إسرائيل وعظمة قوة المقاومة تكمن في أنها ليست في كنف الدولة) وكذلك استبعد رحمة إجراء انتخابات رئاسية، مرجحًا الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي.
وثمة جانب مشترك بين رحمة وفريق 14 إذار، إذ نقلت التقارير الصحفية عن مصدر في 14 آذار قوله إن الرئيس سلام ينحو بجدية نحو الاستقالة لأسباب عدة، أولها أنه يأبى إدخال البلاد في متاهات دستورية حول مهلة الشهر، إن كانت مهلة حثّ أم مهلة إسقاط، خصوصًا بعد تأكيد بري أنه سيدعو رئيس الجمهورية مييشال سليمان الثلثاء المقبل الى استشارات نيابية ملزمة جديدة إن لم يحصل توافق حول بيان وزاري.
وأضاف المصدر أن سلام لا يريد أن يكون جزءًا من هذا الجدال العقيم، مقدرًا أن جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس لن تحسم الامور، وهناك فسحة من الوقت، داعيًا سلام لعدم الاستقالة حتى نهاية المهلة.
وكانت كتلة المستقبل اجتمعت اليوم الخميس واصدرت بيانًا طالبت فيه بتضمين البيان الوزاري اعلان بعبدا، (كما لا يمكن تجاهل أهمية مقاومة لبنان لاسرائيل وعدوانها واحتلالها للاراضي اللبنانية، على أن يكون ذلك في كنف الدولة التي تمثل كل اللبنانيين وفي اطار مرجعيتها العامة).
وأضاف بيان المستقبل أن مهلة الشهر التي حددها الدستور للحكومة من أجل إنجاز بيانها الوزاري، (هي مهلة من أجل الحض والحث على انجاز البيان، والانطلاق الى العمل، وليست مهلة اسقاط، تعتبر بموجبها الحكومة مستقيلة، لا سيما أن الدستور حدد في مادة اخرى الحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، ولم تشمل حالة عدم إنجاز البيان الوزاري في مهلة ثلاثين يومًا).