مساحة زمنية تمتد 42 عاما تقع بين اليوم (الجمعة) الذى يوافق ذكرى “يوم الأرض” الذي يحييه الفلسطينيون كل عام وشهد خروج احتجاجات جماعية وطنية فلسطينية فى عام ١٩٧٦ ، اعتراضا على سياسات السلطات الإسرائيلية ، بشأن مصادرة الأراضى الفلسطينية داخل الدولة العبرية والتى راح ضحيتها ٦ شهداء من “عرب إسرائيل”.
وفى تلك المساحة الزمنية تقبع القضية الفلسطينية ، ويزداد الوضع بين طرفيها (الإسرائيليين والفلسطينيين ) خطورة وتعقيدا ، حيث ترتفع وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية وممارساتها غير الإنسانية ، تحت مظلة إنحياز امريكى كامل لاسرائيل ، والاستمرار فى بناء المستوطنات الإسرائيلية ، ومحاولات تهويد القدس.
ويوم الأرض الفلسطينى الذى تحل ذكراه اليوم ، هو حدث محورى في الصراع على الأرض ، وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الإسرائيلي ، حيث اندلعت فى مثل هذا اليوم قبل ٤٢ عاما احتجاجات ، كانت الأولى من نوعها منذ عام ١٩٤٨ ، وسمى بهذا الاسم ، تعبيرا وتأكيدا عن تمسك الفلسطينيين بأرضهم وهويتهم الوطنية، بعدما قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي السكنية الفلسطينية، وعمت على أثرها الاضرابات والمظاهرات من مناطق الجليل إلى مناطق النقب، واندلعت مواجهات أدت إلى استشهاد واعتقال العديد من الفلسطينيين.
ارتباط الشعب الفلسطينى كما سائر شعوب العالم بالأرض التى نشأ وترعرع فيها هو ارتباط عاطفي ، فالأرض تحتل جانبا مهما من حياة الإنسان واهتماماته، بالإضافة إلى تميزه بممارسة الزراعة قبل قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، فقد كان عرب فلسطين شعبا مزارعا إلى حد كبير، وكان 85 فى المائة منهم يحصل على رزقه من الأرض ، وبعد نزوح آلاف الفلسطينيين عقب النكبة عام 1948، بقيت الأرض تلعب دورا هاما في حياة 156 ألفا من العرب الفلسطينيين الذين بقوا داخل ما بات يعرف ” بدولة إسرائيل”، وبقيت الأرض مصدرا هاما لإنتماء الفلسطينيين العرب اليها ، واستغل الإسرائيليون هذا النزوح بتبنى الحكومة الإسرائيلية فى عام ١٩٥٠ قانون العودة لتسهيل الهجرة اليهودية إلى إسرائيل واستيعاب اللاجئين اليهود.
كما سنت قانون “أملاك الغائبين” بهدف مصادرة الأراضي التي تعود للفلسطينيين الذين نزحوا أو طردوا من مدنهم وقراهم ، كما كان يستخدم لمصادرة أراضي المواطنين العرب في إسرائيل بعد تصنيفها في القانون على أنها ” أملاك غائبة” ، حيث كان عدد “الغائبين الحاضرين” أو الفلسطينيين المشردين في الداخل يبلغ نحو 20 فى المائة من مجموع السكان العرب الفلسطينيين في إسرائيل ، وسمح القانون لإسرائيل بمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تم طردهم، حيث صادرت أراضي عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد، وغيرها .
كما صادرت أراضي مناطق الجليل، عن طريق إصدار السلطات الإسرائيلية لمشروع باسم (تطوير الجليل)، الذي كان هدفه الأساسي تهويد هذه المنطقة، والسيطرة عليها، ولتحقيق ذلك منع تجوال أهالي مناطق سخنين، وعرابة، ودير حنا، وطرعان، وكابول، واحتج الأهالي على ذلك بالمسيرات والمظاهرات، حيث تم إعلان الإضراب الشامل في تاريخ ٣٠ مارس، وازدادت حدة المواجهات، مما أدى إلى استخدام إسرائيل الدبابات والمجنزرات في اقتحام القرى الفلسطينية وسقط العديد من الشهداء ٠
وإحياءا لهذه الأحداث أصبح يوم الأرض يوما وطنيا فلسطينيا يرفع فيه الشعب الفلسطيني شعاراته ضد الاستيطان الإسرائيلي ، ويقوم الشعب الفلسطيني بالعديد من الفعاليات في يوم الأرض رغم الصعوبات والتحديات التي يواجهها من قبل الاحتلال، ولا تقتصر هذه الفعاليات والنشاطات على الشعب الفلسطيني فحسب ، بل تشاركه معظم دول العالم ، وتتمثل الفعاليات التي تتم في هذا اليوم في المظاهرات، والمسيرات الحاشدة من كافة المناطق الفلسطينية باتجاه مناطق الاستيطان والتماس ، والإضرابات الشاملة في كل محافظات الوطن ، وإطلاق جداريات ومجسمات تعبر عن فلسطين بشكل عام، والقدس بشكل خاص،وزراعة أشجار الزيتون في الأراضي التي تم جرفها على يد الاحتلال ، وافتتاح معارض تتضمن منتجات تراثية فلسطينية، وأشغالا يدوية ، وتنظيم حملات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة ، بالإضافة إلى إقامة المهرجانات الوطنية المختلفة،حيث يعد مناسبة للتعبير عن الغضب المستمر تجاه السياسات العنصرية في مصادرة الأراضي الفلسطينية بغير وجه حق.
المصدر:أ ش أ