رأت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن قرار كوريا الشمالية بإلغاء محادثات مسؤوليها مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والتي كانت مقررة اليوم الخميس في نيويورك وكان الرهان عليها كبيرا، أظهر انقسامات بين البلدين بشأن نزع السلاح النووي والعملية الدبلوماسية الرامية إلى تحقيقه، ووصفته بأنه كان مفاجئا لواشنطن.
وقالت الصحيفة، على موقعها الإلكتروني اليوم، إن انهيار المحادثات بين واشنطن وبيونج يانج يعمق المشكلة التي تواجه مبادرة دبلوماسية يفخر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أنها إحدى أهم مبادراته وأنها أدت إلى تلافي حرب مرجحة.
وأضافت أن هذه الخطوة فاجأت إدارة ترامب التي كانت وزارة خارجيتها في طور إعداد تأشيرات الدخول للوفد الكوري الشمالي الزائر، كما أنها سعت على مدار أشهر إلى إطلاق مناقشات بين ستيفن بيجون المبعوث الأمريكي الخاص الجديد إلى كوريا الشمالية ونظيرته نائبة وزير الخارجية الكوري الشمالي، تشوي سون هيى، كبيرة مفاوضي كوريا الشمالية، وأدى الإلغاء إلى إحباط تلك المساعي، على الأقل بشكل مؤقت.
ونقلت الصحيفة عن جوزيف يون المبعوث الأمريكي السابق المعني بسياسة كوريا الشمالية قوله “إنه أسلوب تكتيكي شائع للغاية تستخدمه كوريا الشمالية للتأكد من أن الطرف الآخر يريد الاجتماع أكثر منها”، لكن هذا أمر خطير إذ إن هذا الاجتماع كان خطوة محورية في اتجاه عقد قمة ثانية”.
وقال ترامب في تصريحات أمس إنه يتوقع عقد لقاء قمة آخر مع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون العام المقبل وأنه لن يخفف من حملة الضغط الاقتصادي التي يوقعها على بيونج يانج، وأضاف “أرغب في رفع العقوبات لكن عليهم كذلك أن يكونوا متجاوبين”.
ومع ذلك، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين وخبراء من خارج الحكومة، أقل ثقة في عودة المحادثات مع كوريا الشمالية إلى مسارها سريعا أو حتى إحرازها تقدما في حال استئنافها، فيما يرى آخرون أنه بالرغم من أن القمة بين ترامب وكيم كانت مهمة في بدء المحادثات على أرفع المستويات بين واشنطن وبيونجيانج إلا أن الجانبين على ما يبدو قد خرجا منها بتوقعات مختلفة جذريا بشأن ما تم تحقيقه فيها وكيفية المتابعة.
ووقع ترامب وكيم في قمة يونيو بيانا تعهدا فيه بتحسين العلاقات والعمل من أجل النزع الكامل للسلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، لكنه لم يوضح على وجه التحديد تسلسلا لاتخاذ تلك الخطوات، فيما ظلت كوريا الشمالية تحث طويلا على أن تسير مسألة تخفيف العقوبات بالتوازي مع خطوات نزع السلاح النووي وخلال مدة زمنية ممتدة.
إلا أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال إن عملية نزع كبرى للترسانة النووية الكورية الشمالية يجب أن تحدث خلال الفترة الرئاسية الأولى لترامب، وأن تخفيف العقوبات لن يأتي إلا في النهاية، لكن مسؤولا في الخارجية الكورية الشمالية اعترض على هذا الموقف في تصريحات يوم الجمعة الماضي، محذرا من أن تحسين العلاقات والعقوبات أمران غير متوافقين”.
وتقول بيونجيانج أنها اتخذت خطوات أولية كافية لتحصل على بعض من التخفيف للعقوبات المفروضة عليها، من خلال تفكيك موقع إطلاق نووي ومنشأة اختبارات نووية وتعليق التجارب الصاروخية والنووية، بالإضافة إلى إعادة النظام الكوري الشمالي رفات بعض الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في الحرب الكورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الخبراء رأوا تصريحات المسؤول الكوري الشمالي تلك على أنها إشارة مهمة للولايات المتحدة قبل اجتماع نيويورك الملغى الآن، لكن بومبيو في حوار تلفزيوني استبعد ذلك وقلل من أهميته في تصريحات يرجح أن تكون استقبلت على نحو سيء في بيونجيانج.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان الكوريون الشماليون يعتزمون تجنب المحادثات ذات المستويات الأدنى أملا في رفع الموضوعات الشائكة مباشرة إلى قمة أخرى مع ترامب الذي يشيد بالعلاقات الجيدة التي تجمعه بكيم، أم أنهم يعيدون النظر بشأن متابعة المسار من عدمه.
ويرى جوزيف يون “انهم يعتقدون أن الرسائل الصادرة عن ترامب تختلف اختلافا ملموسا عن تلك الصادرة من المستويات الأقل”.
من جانبها، قالت سول التي تحاول الوساطة بين واشنطن وبيونج يانج إن الولايات المتحدة أخطرتها أولا بإلغاء كوريا الشمالية للمحادثات، وأشارت إلى أن خطوة الإلغاء هي جزء من عملية أكبر.
وتضررت العلاقة بين واشنطن وسول بسبب الخلافات بشأن الكيفية المثلى لإقناع بيونج يانج بالتخلي عن برنامج أسلحتها النووية، فالمسؤولون الكوريون الجنوبيون يؤيدون التقارب مع كوريا الشمالية والتعاون الاقتصادي معها، قائلين إن مساعدة كوريا الشمالية على تحسين اقتصادها من شأنه أن يعجل من عملية نزع السلاح النووي.
لكن المسؤولين الأمريكيين على الجانب الآخر حذروا من التنازل عن الكثير بشكل سريع، رافضين السماح حتى بأقل شرايين الحياة الاقتصادية لكوريا الشمالية حتى يثبت نظامها تخلصه من السلاح النووي تماما.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)