رأت صحيفة وول ستريت جورنال أن انخفاض أسعار السلع الأساسية مثل القمح أو الذرة، من المقرر أن يقود إلى إبطاء وتيرة الزيادات في أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية، الأمر الذي يخفف الضغط على المحرك الرئيسي للتضخم العالمي.
غير أن الاقتصاديين يحذرون -في الوقت ذاته- من أنه من السابق لأوانه إعلان النصر. إذ لا تزال الأسواق الزراعية متقلبة ويمكن أن تتمخض الحرب المستمرة في أوكرانيا، إلى جانب الطقس الحار والجاف بشكل غير معتاد في أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة، عن اضطرابات جديدة في الإمدادات الغذائية.
ونسبت الصحيفة في تقرير أوردته عبر موقعها الاليكتروني اليوم الاثنين- إلى روب فوس الخبير الاقتصادي في المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء قوله: “سنرى بالتأكيد على المدى القصير تعديلات في الأسعار”. و”سأكون حذرا للغاية في إجراء تقديرات كبيرة بأن الأمور ستستقر وتتحسن لأننا ما زلنا في موقف صعب ومقيد للغاية.”
وقالت الصحيفة إن مشكلات الإمداد الناجمة عن جائحة كوفيد-19 أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء في العام الماضي. كما أن العمليات الروسية في أوكرانيا في فبراير من هذا العام ألقت بضغوط إضافية. إذ شكلت البلدان 28٪ من صادرات القمح العالمية العام الماضي و 15٪ من صادرات الذرة. وتعد روسيا كذلك مُصدرا رئيسيا للأسمدة الزراعية في حين تحتل أوكرانيا مركز الصدارة العالمي فيما يختص بصادرات زيت عباد الشمس.
وأضافت الصحيفة أن اندلاع الحرب أدى لارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة 13٪ في مارس مقارنة بالشهر السابق، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وانخفضت الأسعار منذ ذلك الحين ، وفي يونيو كانت أقل بنسبة 3٪ تقريبا من مستويات مارس، على الرغم من أنها لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل بدء الحرب، وفقا لمنظمة الفاو.
وتشير أسواق العقود الآجلة إلى استمرار انخفاض الأسعار. فقد وصلت أسعار العقود الآجلة للقمح الآن تقريبا إلى ما كانت عليه قبل 24 فبراير، عندما بدأت روسيا عمليتها في أوكرانيا. وتعد أسعار الذرة عند أدنى مستوى لها حتى الآن هذا العام.
ونوهت الصحيفة بأن الانخفاض الأخير في أسعار السلع الأولية بدأ في الظهور بالفعل في أسعار المستهلكين في بعض البلدان، بينما يتوقع الاقتصاديون مزيدا من الاعتدال في الأشهر المقبلة.
واستشهدت الصحيفة بالوضع في الولايات المتحدة، حيث قالت سلسلة مطاعم /وينجستوب/ إنها بدأت تشهد انخفاضا في أسعار الدجاج. وقال الرئيس التنفيذي للشركة مايكل سكيبورث : “نحن نستفيد من الانكماش الهائل”.
وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن الاقتصاديين في بنك /جي بي مورجان/ يتوقعون الآن انخفاض معدلات تضخم الغذاء العالمي بمقدار النصف إلى حوالي 5.5٪ أو 6٪ في الربع الرابع من هذا العام من حوالي 13٪ في الربع الثاني.
وأوضحت أنه من شأن ذلك أن يحدث فرقا كبيرا في الأسواق الناشئة، حيث يمثل الغذاء النصيب الأكبر من الإنفاق الاستهلاكي مقارنة بالاقتصادات المتقدمة.
وربما يؤدي تخفيف تضخم أسعار الغذاء إلى خفض التضخم بمقدار 1.5 نقطة مئوية على مستوى العالم ونقطتين مئويتين في الأسواق الناشئة، بحسب تقديرات جيه بي مورجان.
وقد ينجم ذلك عن تخفيف بعض الضغط عن البنوك المركزية، التي كان كثير منها يرفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم.
ومضت الصحيفة الأمريكية تقول إنه ربما تشهد الولايات المتحدة أيضا اعتدالا في أسعار المواد الغذائية. ومع ذلك، يقول خبراء الاقتصاد الزراعي إن التأثير في متاجر البقالة الأمريكية يمكن أن يكون خفيفا. وقال جيسون لوسك، وهو خبير اقتصادي زراعي في جامعة بوردو إن السلع تساهم بنحو 15٪ فقط من تكاليف المواد الغذائية بالتجزئة، مع مساهمة العمالة والشحن والتعبئة والإعلان وهوامش الربح في الباقي.
وأضاف أإن انخفاض أسعار السلع “لا يمكن أن يضر بالتأكيد”. “فمن وجهة نظر المستهلكين هذه علامة إيجابية على أننا ربما سنرى بعض الضغط التنازلي أو على الأقل انخفاضا في الزيادة.”
المصدر : أ ش أ