فى تحد سافر للفلسطينيين والمجتمع الدولى بأسره، جاء القرار الأمريكى بشأن وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” بعد فترة من تقليصها مساعداتها لها لأدنى مستوياتها، ليؤجج الاحتقان بين الرئاسة الوطنية الفلسطينية وإدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ويزيده سخونة، ويمثل مرحلة جديدة ستؤدى على الأرجح إلى مزيد من التعقيد فى القضية الفلسطينية، حيث سبقها قبل شهور قرار أمريكى بنقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس .
واستهدف القرار الأمريكى عقاب الأونروا لرفضها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفى ذات الوقت عقاب الفلسطينيين لرفضهم العودة إلى طاولة المفاوضات بوساطة أمريكية، مما يحرمهم حقهم التاريخى فى المقاومة، وقد سبق أن عبر ترامب عن ذلك بتهديده الأونروا، قائلا إن الولايات المتحدة قد توقف التمويل للفلسطينيين لأنهم “لم يعودوا مستعدين للمشاركة فى محادثات السلام” .
وسيؤدى وقف التمويل الأمريكى للأونروا لوقف برامج التعليم والصحة، ما يهدد حياة الآلاف من اللاجئين الذين تخدمهم الوكالة، ففى عام 2015 تسبب نقص فى التمويل من الولايات المتحدة وحدها، فى تأخير بدء العام الدراسى لنحو نصف مليون تلميذ فلسطيني، وتمكنت الوكالة من التغلب على العجز البالغ 100 مليون دولار، بعد توجيه نداء إلى الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كى مون.
وبات واضحا أن وكالة الأونروا وغيرها من الوكالات العاملة فى خدمة الشعب الفلسطيني، تخضع فى الأساس لأجندات سياسية، وترتبط مصائرها بالقرارات السياسية بشكل عام، والخيارات المطروحة حاليا أمام الطرفين الفلسطينى والأممى هو إما أن تعود السلطة الفلسطينية مجبرة إلى المفاوضات عبر الوساطة الأمريكية مقابل استمرار التمويل، حيث أن المستهدف الأول هو اللاجئين الفلسطينيين، الذين سيصبحون مرة أخرى فريسة للقرارات السياسية التى تحد من فرصهم فى الكفاح والمقاومة، وفى تلك الحالة ستظل الخدمات الأساسية للأونروا ملتزمة بالمطالب السياسية لإدارة ترامب والمتحدية للتوافق الدولي، فيما يتعلق بالقدس، أو أن تقوم الوكالات الأخرى بملء فراغ التمويل الذى سببه وقف التمويل الأمريكى .
ووقف المساعدات الأمريكية للأونروا فى فلسطين قرار أدانته جميع دول العالم باستثناء قليل منها، ووصفته مصر بأنه جاء فى توقيت حرج، ويزيد من صعوبة الأوضاع الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، والتى تزداد درجتها يوما بعد يوم، لاسيما مع تزايد التضييق على الوكالة وعدم تمكينها من الاضطلاع بدورها الهام فى رعاية الشئون الحياتية والضرورية للاجئين .
تأسست الأونروا فى عام 1950 وتتولى مسئولية توفير خدمات الإغاثة لنحو 700 ألف لاجئ فلسطيني، طردوا من فلسطين بعد إعلان تأسيس الكيان الإسرائيلي، وهى تعمل فى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر والأردن ولبنان وسوريا، وتوفر للفلسطينيين التعليم الابتدائى والثانوي، والخدمات الصحية، فضلا عن مختلف مشروعات البنية التحتية للمخيمات، وتعد الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للأونروا، مع تبرعات العام الماضى التى بلغ مجموعها 368 مليون دولار، أى ما يقرب من 30% من إجمالى التمويل
المصدر: أ ش أ