أكد اللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية أن اجتماع اليوم يأتى فى ظل التطورات المتلاحقة والتحديات التى تواجه الأمة العربية، وذلك بعد التحولات التى ترأت على حركة ونشاط التنظيمات الإرهابية وعلاقتها بعصابات الجريمة المنظمة منذ أن تحولت مواجهة تلك التنظيمات من مواجه أمنية تهدف إلى تفكيكها وشل حركة قياداتها وكوادرها ومحاولة تصحيح مفاهيم عناصرها وتجفيف منابع تمويلها وعدم توفير ملاذ آمن للهاربين منها إلى حرب وجود أو عدم، تستخدم فيها الدول العربية كافة أجهزتها لمواجهة هذا الخطر الداهم الذى لا يستهدف الوصول إلى السلطة فحسب بل تقسيم الدول العربية وتدمير قدراتها العسكرية والأمنية ومحو تاريخها الثقافى وتراثها الدينى والحضارى.
وقال وزير الداخلية – فى كلمة له خلال الدورة الـ32 لمجلس وزراء الداخلية العرب بالجزائر – “إن الأعداء المرتزقة من التنظيمات الإرهابية الذين تلوثت معتقداتهم بأفكار خوارج هذا العصر من مفكرى وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية لترويع المواطنين فى مصر بقتل الأبرياء بدم بارد (ذبحا و حرقا.. تفجيرا أو رميا بالرصاص) والاعتداء على على الأموال وانتهاك المقدسات الدينية، فضلا عن استخدامهم الإعلام المرئى والمسموع وشبكات التواصل الاجتماعى فى التحريض على العنف والإرهاب وإصدار التكليفات وتجنيد الأنصار ونشر الفكر المنحرف فى كافة ربوع المعمورة”.
وأضاف “لقد عمد أعداء أمتنا العربية بعد أن شعروا أن تنظيم القاعدة الإرهابى أصبح غير قادر على تحقيق مأربهم فى زعزعة الأنظمة العربية إلى ترك الساحة مفتوحة أمام التنظيم الذى أطلق على نفسه اسم “داعش” لينمو ويزداد عنفا ودموية ويعلن عن وجوده، إما بغض الطرف عن حركته تارة أو بدعمه ماديا ولوجيستيا وعسكريا بشكل مباشر أو غير مباشر تارة أخرى حيث تمكن هذا التنظيم من جذب أعداد كبيرة من الأنصار لامتلاكه قدرات مالية كبيرة وأسلحة متطورة وتدريبات متقدمة على الأعمال الإرهابية، وقدرات عالية على استخدام شبكات الإنترنت لتجنيد الأنصار والتحريض على العنف”.
وتابع أن خطر هذا التنظيم قد تعاظم بعد أن بايعه تنظيم “أنصار بيت المقدس” فى سيناء والتنظيمات الإرهابية على الساحة الليبية، مشيرا إلى أن تعاظم خطره سيظل إذا لم تتضافر الجهود العربية، وإذا لم يعزز التعاون لمكافحة الإرهاب فى كافة المجالات، خاصة تبادل المعلومات فى مختلف مجالات العمل الأمنى وتنفيذ المهام المشتركة وتجفيف مصادر التمويل، وحث الدول على عدم توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، ومحاولة ايجاد الصيغ القانونية الفعالة والآليات الناجزة، لحجب المواقع الإليكترونية التى تستخدمها العناصر ارهابية فى تواصلهم ونشر أفكارهم الخبيثة.
وأكد وزير الداخلية أن الحرب على الإرهاب ليست بالحرب الهينة، فهى حرب حتى يتم اجتزاز الإرهاب من جذوره ومنابعه، مشيرا إلى أنه لذلك، فقد اعتمدت وزارة الداخلية استراتيجية أمنية متوازنة لمواجهة هذه التحديات اعتمدت على إعادة بناء قدرات هيئة الشرطة وتدريب ضباطها وأفرادها على أحدث وسائل مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة والجنائية، والتعاون مع الدول الصديقة على المستوى الثنائى والإقليمى والدولى لمواجهة جرائم الإرهاب والاتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية والاتجار فى المواد والعقاقير المخدرة وغيرها، والتعاون مع مؤسسات الدولة الدينية والثقافية والإعلامية لبث مواد توعية حول انحراف الفكر المتطرف وخطورته وبث روح التسامح والإخاء وطرح مفاهيم الوسطية السمحة للإسلام.
كما أشار إلى أن استراتيجية الوزارة اعتمدت على اتخاذ خطوات جادة وسريعة فى بناء قدرات الدولة الاقتصادية وتنمية المناطق العشوائية والريفية، لمحاصرة البؤر الإجرامية ومراكز تجنيد الشباب لصالح التنظيمات الإرهابية وهو ما سيتوج بعقد المؤتمر الاقتصادى بمدينة شرم الشيخ الجمعة المقبلة وإصدار قانون الكيانات الإرهابية الذى وضع تعريفا دقيقا لتلك الكيانات والمرتبطين بها مما سيكون له أثرا إيجابيا ملموسا فى الحد من الأنشطة الإرهابية.
وأكد اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية، فى كلمته خلال الدورة الـ32 لمجلس وزراء الداخلية العرب بالجزائر، أن حالة عدم الاستقرار الأمنى والسياسى فى بعض الدول العربية وتنامى نشاط التنظيمات الإرهابية التى تحاول صبغ أعمالها الإجرامية بالصبغة الإسلامية أعطت الفرصة للدول إلى أن تتربص بالمنطقة العربية، لتكيل الاتهامات بأن الدول العربية هى دولا صانعة للإرهاب، وتحاول أن تلصق بها أسباب ظهوره وانتشاره، متجاهلة أن الاحتلال وسلب حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وسرقة أراضيه وانتهاج المجتمع الدولى لسياسات منحازة ضد القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية، هو السبب الحقيقى والداعم القوى للإرهاب وعناصره.
وقال “هنا يتحتم علينا أن نشير إلى خصوصية الأوضاع فى ليبيا وتأثيرها على دول الجوار فى ظل منازعة تنظيمات إرهابية وأطراف غير شرعية للسلطة الشرعية المنتخبة شعبيا والمعترف بها دوليا، وتقاعس الأطراف الدولية ذات الصلة عن تقديم الدعم الكامل والحقيقى للسلطة الشرعية، حتى تتمكن من بسط نفوذها على كامل الأراضى الليبية وتقضى على التنظيمات الإرهابية المتواجدة على أراضيها وتتصدى لجرائم الهجرة غير الشرعية ومحاولات استغلال أراضيها فى تهريب السلاح والمواد والعقاقير المخدرة وغيرها من الجرائم العابرة للحدود الوطنية”.
وأكد وزير الداخلية أن مصر تثمن التعاون البناء مع أجهزة الأمن والمؤسسات الشرعية الليبية، وتدعمها بشدة فى مكافحتها للإرهاب والسعى للحفاظ على وحدة الأراضى الليبية، كما تعول على استمرار التعاون المثمر معها لإجهاض المخططات العدائية وضبط الحدود وإحكام الرقابة على السواحل بما يحقق الأمن والاستقرار لها ولجيرانها.
وأشار أن مصر منذ أن أدركت خطورة الأحداث المتلاحقة على الأمة، لم تترك محفلا إلا وحذرت من احتمالات اتساع نظام الإرهاب بالمنطقة وامتداده وتشعبه ليصل لأبعد ما يمكن تصوره، لافتا إلى أن مصر أكدت خلال الدورات السابقة لمجلس وزراء الداخلية العرب على حتمية التضامن الشعبى فى هذه المرحلة الدقيقة لمواجهة التحديات التى تهدد أمن واستقرار المنطقة.
وشدد وزير الداخلية على أن الأمر أصبح يتطلب مراجعة شاملة للاستراتيجيات فى المواجهة والتصدى الحاسم لكل ما من شأنه المساس بالأمن القومى العربى، وذلك من خلال اتخاذ مجلس وزراء الداخلية العرب لإجراءات فاعلة لمواجهة التحديات الأمنية التى تواجهها الأمة العربية، وفى مقدمتها التعجيل بعقد اجتماع مشترك لمجلسى وزراء الداخلية والعدل العرب، لتفعيل الاتفاقيات الأمنية والقضائية، لاسيما فى ضوء ما تشهده المنطقة العربية من تداعيات أمنية متلاحقة تستوجب سرعة التعامل معها ومواجهتها بشتى الوسائل الأمنية والقانونية، داعيا الأمانة العامة للمجلس لاتخاذ كافة الإجراءات والسبل الواجبة لذلك، خاصة وأن مصر قد تقدمت برؤيتها للأمانة فى هذا المجال.
ولفت إلى ضرورة اضطلاع المجلس باتخاذ قرارات حاسمة لتفعيل الآليات المتصلة بتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء فيما يتصل بحجب كافة المواقع الإليكترونية المحرضة على الإرهاب والعنف وتجنيد الشباب لارتكاب أعمال إرهابية، وإصدار المجلس بيانا خاصة بمكافحة الإرهاب والاستنكار الشديد للأعمال الإرهابية التى تشهدها بعض الدول العربية وتوجيه رسالة لدول العالم تتضمن أهمية التوقف عن أساليب التحريض الإعلامى وتنفيذ تعهداتها الدولية بعدم إيواء أو استضافة أو منح حق اللجوء السياسى للعناصر والكوادر المتطرفة والإرهابية وتسليم المطلوبين قضائيا.
كما أكد ضرورة اضطلاع المجلس بحث المكتب العربى للأمن الفكرى للعمل على استحداث استراتيجية شاكلة لمواجهة الفكر المتطرف على نحو يدعم جهود دولنا فى مكافحة الإرهاب، وكذلك تبنى المجلس استراتيجية لتنمية وتفعيل التعاون فى مجالات التدريب المشترك وتبادل المعلومات لتنفيذ المهام العملياتية فى مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة والجرائم العابرة للحدود بشكل أكثر كفاءة بما يحقق النتائج التى ينشدها الجميع.
وأعرب وزير الداخلية عن شكره وتقديره لكل من وقف إلى جانب الشعب المصرى وقيادته فى مواجهة الإرهاب، وخص بالشكر والتقدير والعرفان الأشقاء فى المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، على ما قدموه من دعم للشعب المصرى، كما ثمن موقف الأشقاء فى المملكة الأردنية الهاشمية، ومملكة البحرين على مواقفهم الداعمة للسياسة المصرية.
وأضاف قائلا ” لدينا عقيدة راسخة بأن مصر محفوظة بعون الله، وستخرج من هذه الأزمات أقوى وأفضل مما سبق، وسيتذكر الشعب المصرى من وقف معه فى خندق واحد، كما أنه لن ينسى من وقف ضده ليعمل على إعاقة تنميته وقدرته على استكمال مسيرته نحو التقدم والاستقرار”.
المصدر:أ ش أ