تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عما إذا كان بمقدور إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إصلاح التصدعات التي أصابت جدار العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا قبل أن تنهار بشكل كامل، مشيرة إلى تعرض عدة أجزاء من معاهدة السيطرة على الأسلحة وعدم انتشارها بين البلدين إلى التهاوي بسبب مزيج من سوء السلوك الروسي والإهمال الأمريكي.
واستهلت الصحيفة تقريرا لها في هذا الشأن – بثته على موقعها الإلكتروني اليوم الاثنين – بالقول إن ما يزيد من تعقيد جهود إصلاح العلاقات بين البلدين هي حقيقة أن هذه العلاقات وصلت إلى نقطة تاريخية متدنية للغاية، لاسيما في أعقاب التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وغزو أوكرانيا وتصاعد حدة العقوبات والانتقام الدبلوماسي من جانب واشنطن.
فيما يحث مجتمع مراقبة التسلح إدارة ترامب على العمل مع روسيا لمعالجة المشاكل الكبيرة قبل فوات الأوان.
وعلى عكس ذلك، يسعى بعض الجمهوريين داخل مجلس الشيوخ إلى زيادة المواجهة مع روسيا في مسألة السيطرة على الأسلحة، بل ويدفعون إلى صدور قرار بانسحاب الولايات المتحدة من هذه المعاهدات.
أما بالنسبة لترامب نفسه، الذي يرى أن هذه المعاهدات تعد صفقات سيئة أبرمتها الإدارات السابقة، فإن مسألة الإبقاء عليها تجلب عدة مصاعب.
ورغم ذلك، فإن عليه دراسة فوائد هذه المعاهدات قبل اتخاذ قرار بالانسحاب منها – على حد قول الصحيفة.
وفي هذا، يقول داريل كيمبل، المدير التنفيذي لرابطة مراقبة الأسلحة، إن تصاعد التوترات مع موسكو يزيد من مخاطر تعرض معاهدات السيطرة على التسلح وعدم انتشار السلاح النووي التي أبرمتها إدارات بوش وريجان وأوباما للانهيار.
وأشارت الصحيفة إلى أن واحدة من هذه المعاهدات سيطرت على الصحف الأمريكية الأسبوع الماضي عندما حلقت طائرات عسكرية روسية غير مسلحة فوق وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، وجهاز الاستخبارات المركزية “سي آي ايه” ومواقع حيوية أخرى تهتم بالأمن القومي، مما أزعج العديد من الأمريكيين.
وحتى في واشنطن، فإن الغالبية لا تدري عن بنود معاهدة السماء المفتوحة، التي تسمح للولايات المتحدة وروسيا و32 دولة أخرى بالتحليق فوق الأراضي بعضهم البعض منذ عام 2002.
ووفقا لعدة مصادر أمريكية مطلعة، فإن روسيا انتهكت المعاهدة طيلة سنوات، إذ لم تكن تسمح بأي طلعات جوية فوق الأماكن الحيوية داخل أراضيها، وتتخذ خطوات أخرى لمنع الولايات المتحدة ودول أخرى من التمتع بنفس الحقوق التي تكفلها المعاهدة.
كما أوضحت الصحيفة أن البعض داخل الكونجرس الأمريكي أعربوا عن رغبتهم في أن تفرض الإدارة الأمريكية نفس انتهاكات روسيا ضد الطلعات الروسية، بل ويفضل بعض القادة العسكريين الانسحاب من المعاهدة بشكل عام، نظرا لكم المعلومات التي تستطيع روسيا الحصول عليها بفضلها، وكذلك تحقيق التقدم التكنولوجي.
وتابعت الصحيفة تقول إن مسؤولي إدارة ترامب ينظرون إلى معاهدة السماء المفتوحة باعتبارها جزء من استعراضها الشامل للسياسات المتعلقة بعدم انتشار الأسلحة النووية بين الوكالات.
ولكن عليهم في الوقت ذاته إدارك أن هذه المعاهدة تلزم روسيا بمبدأ الشفافية ليس فقط مع الولايات المتحدة، بل أيضا مع حلفاء واشنطن.
وأفادت الصحيفة الأمريكية بأن مجلس الشيوخ يعتزم أيضا مواجهة روسيا فيما يخص معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، فقد انتهكت روسيا هذه المعاهدة منذ سنوات، وفقا للحكومة الأمريكية، من خلال تطوير ونشر صواريخ كروز جديدة بما ينتهك حدود نطاق المعاهدة، ويهدد أوروبا.
واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالقول إن تدني العلاقات بين البلدين لم يحدث بسبب سوء سلوك روسيا في مسألة السيطرة على الأسلحة، ولكن “بسبب تدخلها في ديمقراطيتنا”، غير أن التعامل مع قضايا السيطرة على الأسلحة باستخدام النهج الدبلوماسي الحاد وبالتعاون مع الحلفاء يمكن أن يوفر لترامب وسيلة لتحقيق ما يزعم كثيرا رغبته في الحصول عليه – وهو شق ممر نحو إصلاح العلاقات. ووقتها فقط، يمكن أيضا تجنب سباق التسلح بين البلدين.