ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن مستقبل الاتحاد الأوروبي أصبح على المحك في ضوء ظهور شبح جديد أمام زعماء القارة يتمثل في صوت الناخبين، مما زاد من خوف الأوروبيين على مستقبل قارتهم.
وقالت الصحيفة –في تقرير لها نشرته على موقعها الألكتروني اليوم الأربعاء- إن ثورة صناديق الاقتراع باتت تدق ابواب القارة المضطربة؛ حيث انتهز المواطنون هذا العام فرصة الإدلاء بأصواتهم لعزل كبار المسئولين والانزلاق بقارتهم نحو المجهول.
وكان آخر من أطيح بهم هناك هو رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في ضوء رفض امته بأغلبية ساحقة الموافقة على خطة اصلاحاته في نهاية الاسبوع الماضي،كما تواجه فرنسا وألمانيا وهولندا جميعها موسما انتخابيا قاسيا خلال العام القادم،و يبقى مصير الاتحاد الأوروبي مرهونا باختيار الناخبين.
واعتبرت الصحيفة أن تنامي مشاعر الاستياء في أوروبا تغذت جزئيا نتيجة استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي اندلعت عام 2008 ولاتزال تعصف بالعديد من أسواق العمل في أوروبا.. غير أن الأحزاب المناهضة للمؤسسة الحاكمة تزدهر حتى في الدول الثرية التي نجت من تداعيات الازمة، لتستفيد من تنامي الاستياء العام تجاه قضية المهاجرين، وتزايد المخاوف بشأن المستقبل، بجانب ردود الفعل العنيفة تجاه العولمة التي اصبحت في حد ذاتها توجها عالميا.
وأوضحت الصحيفة أن السياسيين في أوروبا بدأوا يقدمون تنازلات لأحزاب اليمين المتطرف واليسار المتطرف في محاولة لكسب رضاهم.. ففي فرنسا، أعلن الرئيس فرانسوا أولاند، بعد أن تراجعت شعبيته لـ4%، بشكل غير مسبوق- نيته في عدم الترشح لولاية ثانية حتى تتاح فرصة النجاح أمام اشتراكي آخر.
وفي ألمانيا، طالبت المستشارة أنجيلا ميركل يوم أمس بضرورة منع ارتداء النقاب في ألمانيا بأي وسيلة ممكنة، في خطوة فسرت بأنها تنازلا من ميركل لقوى اليمين المتطرف في بلدها بعد أن جعلت من المانيا الدولة الأولى في العالم من حيث الترحيب باستقبال اللاجئين خلال العام الماضي،لا سيما وهي تستعد لإعادة انتخابها خلال اشهر.
بينما يقف زعماء هولندا –وهم في طريقهم لخوض موسم انتخابي جديد في شهر مارس القادم- في حيرة من أمرهم بين محاولة الحفاظ على العلاقات الجيدة مع دولة أوكرانيا المضطربة وبين الرضوخ امام ارادة الاستفتاء الشعبي الذي اجراه قادة اليمين المتطرف وقرر عدم موافقة هولندا على التصديق على اتفاق تجاري مهم بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.
وأوضحت الصحيفة أن هذه المشاكل تتزامن مع بدء القادة الأوروبيين التفاوض على بنود انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وهو التحول التاريخي الذي طرأ على اتحاد دول خرجت مصابة بويلات الحرب العالمية الثانية.
وتعليقا على ذلك، قال مارك ليونارد، رئيس المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مهد بالفعل الطريق أمام فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، بل وان انتخابه ربما يجعل من الممكن فوز مارتين لوبان في فرنسا، وفي حال فوز لوبان فإن ذلك قد يمثل صدمه لنظام أوروبا بالكامل بما يفوق مرات عديدة صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد”.
المصدر: أ ش أ